لماذا وإلى أين ؟

أسئلة تلاحق “ميكيافيلية” بنكيران !

طالبي المحفوظ

دعا عبد الإله بنكيران شبيبة حزب العدالة و التنمية، إلى التفكير بالإلتزم بالدين على أفضل و أحسن وجه و بل التفكير في القيام بالدعوة .

هذا، قبل أن يتوقف و يُقدم لهم نصيحة، على شكل تساؤل معناه : هل فكرتم يوماً في “عبد الإله بنكيران” ؟ و من يكون أصلاً ؟ و استطرد ليُجيب : هذا واحد منا. قد يكون بذل مجهودا في وقت ما، بتيسير من الله، و الله رفع به إلى رئاسة حكومة المغرب (متناسياً أصوات المواطنين البسطاء، الذين صوتوا لهم ! ) .

و أضاف بأن هناك إمكانية ليكن أي واحد منهم رئيساً للحكومة أو وزيرا أو سفيرا .

المناصب التي اعتبرها في ذات الآن، بأنها ليست مهمة، و ليست هدفا ؟ فالهدف -و حسب بنكيران الذي يضع سُبحةً بين أصابعه، و لا يفوِّت فرصة لإظهارها للكاميرا- هو أن يكون للفرد توجها، يمكنه من الإرتقاء في ميزان الله سبحانه و تعالى، الذي اعتبره ميزاناً حقيقياً يُسعد الفرد في الدنيا، و يدفع بالناس الذين حوله، إلى النظر إليه، على أنه خير منهم !

هكذا مهد بن كيران لخطابه يوم الإثنين 21 يناير، الذي ألقاه بمنزله أمام بعضٍ من شباب الحزب، و نقله سائقه على صفحته بالفيسبوك، حوالي الساعة التاسعة مساءً .

و يبدو من خلال هذا التمهيد، كأنه يحاول إخبارهم، و تلقينهم أن سر النجاح هنا ، و تحقيق جزء من السعادة هو : حمل التسبيح، و ترديد كلمة “الله” بين الحين و الحين، و الظهور أمام البسطاء بمظهر المتدين الطاهر…أي أنه يلقينهم احدى تعاليم “نيكولا ميكيافلي” بقصد منه، أو بدون قصد، و التي تقول ما معناه : الدين ضروري لمن يريد السيطرة على البسطاء، ليس خدمةً للفضيلة، بل لتحقيق نجاحه و سعادته .

و إلا كيف يُمكن تفسير ذلك، خصوصا إذا استحضرنا أن بنكيران -الذي لا ينسى أن يُظهر نفسه دائما على أنه المتدين الطاهر، الذي يملك يدا نظيفة، و ينطلق من مرجعية إسلامية- قد قدم شخصه هنا كمعيار للنجاح بقوله “هاذ عبد الإله أش بغا يكون هو گاع ؟ هذا واحد منا.. طلع به الله ؤلا رئيس الحكومة گاع، ديال المغرب ! ” ؟

بمعنى هل نجاحه هذا، نتيجة للطهرانية التي صدع بها رؤسنا في كل مناسبة ؟ هل هو نتيجة لقدرته على الظهور أمام الذين من حوله، بسُبحته، و تقديم نفسه على أنه الأفضل ؟

ثم، و هذا هو السؤال المهم : هل سيأخذ أحد ما، من شبيبة الحزب، بهذه النصائح “المكيافيلية” من أجل تحقيق النجاح، و لمَ لا الحصول على ضِعف المعاش الإستثنائي الذي حصل عليه السيد بنكيران، كإستثناء الإستثناء ؟

طبعا هذا السؤال يبقى مطروحا، و يسائل ضمير شباب حزب العدالة و التنمية، كما يسائلنا جميعا و بشدة، عن دورنا كمواطنين مغاربة أحرار، أمام هذا الإستغلال الفاحش و اللامقبول للدين في الخطاب و الصراع السياسي : ألن نقف جميعا و نقول كفى من هذا العبث، و لا بد من ابعاد الدين كمقدس من المعترك السياسي ؟

كلنا، نتذكر خطاب بنكيران في قبة البرلمان، أيام المعارضة حينما انتقد معاشات و تعويضات الوزراء و النواب البرلمانيين بقوله “..حنا دولة إسلامية، و المبادئ ديال الإسلام كاتبني على أن الدولة، كاتهتم ؟ فأول ما كتهتم به، بالضغفاء و الفقراء و المحتاجين. و سيدنا عمر كان كايقول لكرشوا، ملي كاتبدا تغرغر : غرغري أو لا تغرغري، فلن تذوقي سمنا و لا زيتاً حتى يشبع فقراء المسلمين أو ضرر المسلمين” و يضيف ” فباش تهتموا بالوزراء السابقين، مزيان. ولكن يجب أولا و قبل كل شيء، تهتمو، بعموم المواطنين الذين ليس عندهم شيء. أما الوزراء السابقون، ففي الغالب يتدبرون شؤونهم” .

و كلنا نرى الآن كيف دفع عن معاشه الضخم بكل برودة، و الذي فعلا هو استثنائي، ناسيا ما قاله سيدنا عمر، رضي الله عنه و أرضاه، و مُتناسيا ضعفاء و فقراء هذا الوطن، الذين لا يملكون غير تربية الأمل.

إذن، ألا تُدنس هذه الميكيافيلية الدين ؟ ألا تجعل الناس يفقدون ثقتهم بهذا الدين الحنيف ؟

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
Abdeljalil
المعلق(ة)
28 يناير 2019 23:40

مقال في المستوى.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x