لماذا وإلى أين ؟

عصيد: الحزب الأغلبي يهتز أمام لباس امرأة

لطالما قدم حزب العدالة والتنمية نفسه على أنه حزب قوي يصمد أمام الأعاصير، لكنه هذه الأيام يجتاز وضعية صعبة، ليس بسبب حادث سياسي خطير، بل فقط بسبب لباس امرأة، فبعد أن اعتقدنا بأن الحزب قد ابتلع بمرارة واقعة صور السيدة ما العينين، وأنه سيعيش بالتدريج نوعا من الطلاق الحتمي مع “مبادئ” ترتبط أصلا بالفقه القديم، الميّت في معظمه، ولا علاقة لها لا بالوطنية لا بالدولة ولا بالقانون، عاد السيد الرميد ـ وزير حقوق الإنسان يا حسرة ـ لكي يعلن النفير ويدعو الحزب إلى الاجتماع لمعاقبة السيدة التي ارتكبت خطأ اختيارها للباس عصري عوض لباس الحزب، الذي لا يعدو أن يكون وضع قطعة ثوب على الرأس لإخفاء الشعر، الذي يعتبر “عورة” عند أهل التشدّد الديني والتطرف المذهبي، هذا القرار يطرح أمامنا إشكاليات عديدة محيرة:

– فالسيدة ما العينين لم ترتكب أي خرق لقوانين الدولة المغربية، كما لم ترتكب جُرما تعاقب عليه، لأن اللباس يبقى حرية شخصية يضمنها الدستور ويحميها.

– وعندما تعلق الأمر بجريمة حقيقية لم يحرك الحزب ساكنا ولم يعاقب أحدا، حيث أن العضوين اللذين ضبطا متلبسين بممارسة الجنس في سيارة، قد قاما عمليا بارتكاب جرم يدعى “خدش الحياء العام”، لأن الجنس لا يمارس في الفضاء العام في أي بلد من بلدان الدنيا، ورغم ذلك لم يتخذ الحزب والجماعة أية قرارات عقابية ضدّ الشخصين.

ـ كما أن الوزير والوزيرة اللذين كانا يعيشان قصة غرامية خارج مبادئ “الإخوان” لم يعاقبا كذلك، بل إنه بعد إبعادهما عن الحكومة من طرف الملك عاد الحزب ليكافئهما بتعيين الرجل على رأس جهة الجنوب الشرقي،

ـ من جهة أخرى ارتكب السيد مصطفى الرميد أخطاء فادحة ضد حقوق الإنسان في العديد من تصريحاته المتهورة، ما يمثل خرقا للدستور وخيانة لمهمته الرئيسية التي هي العمل على إحقاق الحقوق كما ينص عليها الدستور أي بوصفها كلا غير قابل للتجزيء، رغم ذلك لم يعاقب من طرف أحد بل ما زال متماديا في أخطائه.

ـ لقد ذكر السيد العثماني في كلمة له بأن لا تفريط في المبادئ التي هي قوابت وطنية، فهل الفولار من الثوابت الوطنية التي يُعاقَب عليها ؟ إذا صحّ ذلك فمعناه أنّ الكثير من نساء المغرب هن خارج الثوابت وخراج الوطنية.
وقد وقع السيد العثماني في تناقض صارخ وهو يزعم احترام الحياة الخاصة، بينما يتحدث في اجتماع لمحاسبة سيدة على ما فعلته في حياتها الخاصة ولم تفعله في مؤسسات الحزب. إن الأمر في الحقيقة يتعلق بالوصاية، فمذهب “الإخوان” والمتطرفين الدينين عموما هو الوصاية على حياة الآخرين وليس احترام الحياة الخاصة. وفي اليوم الذي سيحترم فيه “الإخوان” الاختيارات الفردية للأشخاص في حياتهم سيتوقفون عن يكونوا إخوانا وإسلاميين.
صراحة لم نعد نفهم إخواننا “الإخوانيين”، لكن يبدو أنهم يعيشون فترة صعبة يمكن أن ندعوها بمرحلة الوعي الشقي الذي تتضارب فيه المبادئ القديمة مع الواقع المتجدّد.

وإذ نتمنى لهم الرشد والهادية وحُسن المآل، نرجو لأختنا أمينة ماء العينين أن تجد الحزب الذي يحترم اختياراتها وتضحياتها وعملها ومواهبها، لتعرف المزيد من النجاح في حياتها السياسية، ولو بدون فولار أو أقنعة.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
Youssef
المعلق(ة)
7 فبراير 2019 12:54

Il suffit d enfiler une tenue ( hijab)
Afin de remplir une condition
Et l oter pour etre renvoyer
C est comme .ca me semble t il

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x