2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل ندّد العالم بما يكفي بمجزرة نيوزيلندا؟

خرج زعماء العالم في مسيرة تضامنية مع شارلي إيبدو، وتوقفت الدوريات عبر أوروبا دقائق صمت حينئذ، فهل تكرّر الأمر مع مجزرة نيوزيلندا؟ وكيف تلقى العالم مبادرة رئيسة وزراء هذا البلد؟ وأين وصلت الحملات التي أُعلن عنها؟
بمجرّد وقوع الهجوم الإرهابي على مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش، تقاطرت الإدانة من كل أصقاع العالم حتى من بعض رموز اليمين الشعبوي، كما نظم النيوزيلنديون عدة مبادرات للتخفيف عن أسر ضحايا الهجوم. بيدَ أن الكثير من المتتبعين تساءلوا حول غياب أشكال تضامنية ضخمة مع الضحايا، خاصة تلك الأشكال التي ظهرت رداً على عمليات إرهابية سابقة كالهجوم الذي أودى بحياة 12 شخصاً من طاقم مجلة شارلي إيبدو الفرنسية، أو عندما قُتل 12 شخصاً في عملية الدهس بمدينة برلين، وكلا الهجومين تبناهما تنظيم “داعش”.
الردود الدولية
لم يفوت زعماء العالم الفرصة للتنديد بما جرى، فقد حرصت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والياباني شينزو آبي والكندي جاستن ترودو والخارجية الصينية وحكام دول أخرى على الإدانة الشديدة لما وقع.
كما جاء التنديد من أغلب الدول العربية والإسلامية، واستنكرت الهجوم كذلك مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ومجلس الأمن الدولي، زيادة على العديد من المنظمات الحقوقية مثل هيومن رايتس ووتش. ووقف على خط التضامن الفاتيكان والأزهر ومنظمة التعاون الإسلامي والجاليات اليهودية في أكثر من بلد، خاصة في نيوزيلندا حيث أغلقت الكنس اليهودية تضامناً مع الضحايا البالغ عددهم 50 قتيلا وعشرات الجرحى.
الإسلاموفوبيا.. ومسيرة باريس
طالب عدد من المعلّقين في وسائل التواصل الاجتماعي بمسيرة عالمية ضخمة تنديداً بالإرهاب كما حدث بعد مجزرة شارلي إيبدو عام 2015، عندما حضر العديد من حكام العالم إلى باريس. وتساءل عبد العزيز التويجري، المدير العام لمنظمة الإيسيسكو: “هل سيخرج هؤلاء تضامناً مع ضحايا الإرهاب في نيوزيلندا كما خرجوا تضامناً مع ضحايا الإرهاب في باريس؟”. وزادت حدة المطالب التي تحوّلت إلى انتقادات بعد مرور ثلاثة أيام على الهجوم في نيوزيلندا دون أن يتم الإعلان عن مسيرة مشابهة.
هل سيخرج هؤلاء تضامناً مع ضحايا الإرهاب في #نيوزيلاندا كما خرجوا تضامناً مع ضحايا الإرهاب في #باريس؟ pic.twitter.com/yY82oI1kae
— عبدالعزيز التويجري A. Altwaijri (@AOAltwaijri) March 15, 2019
كما حمّل آخرون المسؤولية لما وصفوه بارتفاع أشكال الإسلاموفوبيا في الغرب، إذ كتب عبد الله الشايجي”حملة العداء ضد المسلمين تتصاعد في الغرب حتى قبل مجزرة نيوزيلندا وعملية إرهاب اليمين الأبيض المتطرف” مضيفاً أن للإسلاموفوبيا “أشكال متعددة من القتل، العنصرية والتحريض”، ناشراً نموذجاً من عناوين وسائل إعلام غربية في تعاملها مع قضايا إسلامية أو مع هجمات نُسبت إلى إسلاميين متطرفين.
حملة العداء ضد المسلمين تتصاعد في الغرب حتى قبل #مجزرة_نيوزيلندا وعملية إرهاب اليمين الأبيض المتطرف-وقتل50 مصلي في صلاة الجمعة-وهذا شبيه بجريمة داعش في #الكويت-بتفجير مسجد الإمام الصادق في رمضان 2015-استُشهد 27 مصليا بريئا.
#الاسلاموفوبيا أشكال متعددة:من القتل،لللعنصرية والتحريض pic.twitter.com/te4pxg7J1t— عبدالله الشايجي (@docshayji) March 17, 2019
ورفضت سوسن شلبي، وهي عضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي بألمانيا، أن تحمّل مسؤولية الهجوم للجاني فقط، متحدثة عن أن القتلى هم كذلك “ضحايا مزاج عالمي ضد الإسلام والمسلمين”.
Schwarzer Tag. 40 Tote bei Terrorangriff auf Muslime. Diese Menschen sind nicht Opfer eines einzelnen Mörders. Sie sind Opfer der weltweiten Stimmungsmache gegen den Islam u. Muslime. Meine Gedanken sind bei den Menschen in #Neuseeland. #Christchurch
— Sawsan Chebli (@SawsanChebli) March 15, 2019
الرياضة تتضامن.. لكن بشكل محدود!
كان جلياً سلوك جماهير تركية في مباراة فنربختشة وبورصة سبور، في الدوري المحلي، بالتكبير تضامناَ مع ضحايا الهجوم.
الجماهير التركيه في مواجهة فنربخشه وبورصاسبور بدأت المباراة بالتكبير، تضامناً مع شهداء الحادث الارهابي في نيوزيلاند.♥️?
pic.twitter.com/pZiznb8IgS— MOHA (@CfcMoha) March 16, 2019
كما شهدت العديد من مباريات الدوري المحلي لكرة القدم في أستراليا دقيقة صمت، فضلاً عن احتفاء لاعبين -لم يعرف عنهم أنهم مسلمون- بالسجود كعلامة تضامن، وهو ما قام به لاعب من فريق ملبورن، وآخر من فريق ويلنغتون فونيكس. وتكرّرت مشاهد التضامن في بعض مباريات الدوري الفرنسي، وفي بعض مباريات الفرق العربية كما فعل جمهور نادي الوداد المغربي.
.@KostaBarb7 was on fire last night! #MVFC #OurVictory pic.twitter.com/uziHMkyMaB
— Melbourne Victory (@gomvfc) March 17, 2019
غير أن اتهامات بـ”ازدواجية المعايير” لاحقت المشرفين على كرة القدم في انجلترا، إذ لم تقف المباريات دقيقة صمت ترحماً على الضحايا. ونقلت شبكة BBC انتقادات من متتبعين لإدارة الدوري التي سبق وأن ألزمت جميع المباريات بعزف النشيد الوطني الفرنسي بعد الهجوم على مجلة شارلي إيبدو، كما انتقد آخرون إدارات الفرق التي لم تقم بمبادرات تضامنية مع ضحايا الهجوم كما فعلت سابقاً في هجمات أخرى.
تضامن قليل في الشارع
بعيداً عن مسيرات يقودها الحكام، لم يشهد العالم مسيرات كبيرة تندّد بما وقع في نيوزيلندا، ولم تتم الدعوة إلى مسيرة ضخمة في أيّ بلد غربي، كما لم تنظم الوقفات إلا في بلدان غربية قليلة.
وفي المنطقة العربية، كانت الوقفات التضامنية قليلة، ولم تخرج إلا في بلدان قليلة، منها الأردن أمام القنصلية النيوزيلندية، وفي الرباط والدار البيضاء المغربيتين، وفي عدة مدن لبنانية.
من #الرباط وقفة تنديدية بالهجوم الإرهابي الذي طال مصلين بـ #نيوزيلندا pic.twitter.com/L4zjXhkpbZ
— Chaimaa Zoui (@ChaimaaZoui) March 16, 2019
وفي ألمانيا، خرج الآلاف في مسيرة ضد العنصرية تمت الدعوة إليها قبل أيام، وقف خلالها المتظاهرون دقيقة صمت على ضحايا الهجوم. كما خرجت الجاليات المسلمة في أكثر من بلد غربي، زيادة على إعلان إدارة برج إيفل الفرنسي إطفاء أضوائه لدقائق.
?? To pay tribute to the #Christchurch victims in New Zealand ??, I will turn off my lights earlier tonight, before midnight. #EiffelTower
? Jean-Baptiste Gurliat pic.twitter.com/wNK99ANhHI
— La tour Eiffel (@LaTourEiffel) March 15, 2019
تضامن نيوزيلندي ضخم
تعددت الوقفات التي دعا إليها النيوزيلنديون، ولم تتوقف الزيارات لمكان الهجوم. وتمت ترجمة التضامن إلى حملات تبرع ضخمة لصالح عائلات الضحايا، جمعت واحدة على موقع give a little مبلغ 6 ملايين دولار نيوزيلندي (3.6 مليون يورو) وأخرى على موقع lunchgood مبلغ 2 مليون دولار نيوزيلندي (1.2 مليون يورو)، علماً أن التبرّع لا يزال مستمراً حسب تقارير إعلامية.
وتبادل المتتبعون عبر العالم، خاصة المسلمون، كلمة ألقتها قائدة شرطة في مدينة أوكلاند بنيوزيلندا، اسمها نائلة حسن، وهي تحيي المسلمين بلغة عربية وبعبارات دينية مسلمة، قبل أن تؤكد أنها “مسلمة فخورة”. وقد تابع الفيديو الأصلي الذي بثته صفحة لأحد أقسام الشرطة النيوزيلندية على فيسبوك أكثر من مليوني مشاهد.
نائلة حسن شرطية نيوزلندية اختيرت لإلقاء كلمة باسم الشرطة بدأتها بالبسملة والصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام، لتفرق دموعها حزناً على المصاب الجلل الذي ألمّ بالجالية المسلمة في نيوزيلندا#الشارقة_للأخبار #نيوزيلندا #newzealand #newzealandmosqueshooting pic.twitter.com/3KVYZGUGtp
— الشارقة للأخبار (@Sharjahnews) March 17, 2019
تفاعل مع حجاب رئيسة الوزراء
وأخذت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن نصيباً وافراً من الاهتمام، ليس فقط لاطلاعها الرأي العام على كل ما استجد من معلومات عن الهجوم، بل كذلك بسبب ارتدائها للحجاب أثناء زيارتها عائلات الضحايا، في خطوة تضامنية، يراها البعض احتراماً من رئيسة الوزراء للخصوصية الإسلامية أثناء تقديم واجب العزاء، خاصةً وأن الضحايا قُتلوا أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة.
هذه رئيسة وزراء نيوزلندا تعبر عن تضامنها الوجداني والعملي مع ضحايا الإرهاب في بلادها من المسلمين.لا يشاركونها في العرق ولا في الدين وإنما في الإنسانية.هاهي أيضا تلبس الحجاب تأكيدا في التضامن وهي الليبرالية.نموذج قيادي جدير بالإحترام ويبعث على الأمل مقابل النموذج المقابل الرخيص . pic.twitter.com/I3HH0j5go6
— علي العمراني (@imranioon) March 16, 2019
وكتب علي العمراني، السفير اليمني في الأردن: “نموذج قيادي جدير بالاحترام ويبعث على الأمل مقابل النموذج المقابل الرخيص”. وكتب سعد ناصر الحسين، أستاذ سعودي: “ارتداء رئيسة الوزراء الحجاب وكلام رئيسة الشرطة بادرة طيبة تجاه المجتمع المسلم في نيوزيلندا ويدل على أن المجتمع متحضر”، بينما كتب عنها قاسم رشيد، وهو سياسي أمريكي: ” إنها مثال قوي للتعاطف والقيادة”، فيما قال آخرون إنها ميركل الجديدة، وكتب آخرون أنها المثال المعاكس لترامب.
This is New Zealand Prime Minister Jacinda Ardern, grieving with the Muslim community as they mourn the 49 departed, & wearing a hijab in solidarity.❤️
What a powerful example of compassion and leadership. May she & her nation prosper in love & peace.❤️#NewZealandMosqueAttack pic.twitter.com/GF2imnD9hQ
— Qasim Rashid, Esq. (@MuslimIQ) March 16, 2019
عن dw/ إسماعيل عزام