2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أرحموش: القانون الإطار للتربية والتكوين قصف الأمازيغية (حوار)

ضيف “آشكاين” في هذا السبت هو المحامي والناشط الأمازيغي أحمد أرحموش، للحديث عن الاجتماع المرتقب الاثنين المقبل للجنة الفرعية للجنة الإعلام والثقافة، بعد توالي التأجيلات والخلافات، لتناقش مقترحات التعديلات التي ستتقدم بها فرق البرلمان بشأن مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية ومشروع قانون تنظيمي رقم 04.16 يتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
كناشط أمازيغي هل تعولون على موعد الاثنين المقبل لإخراج القانون التنظيمي للأمازيغية من “الثلاجة”؟
الاجتماع المقبل ينعقد مباشرة بعدما تم الحسم مبدئيا في مشروع القانون الإطار للتربية والتكوين، والذي قُصفت فيه اللغة الأمازيغية بمادته 31، حيث صنفت في إطار لغات التواصل مقابل التمكين والاتقان للغة العربية واللغات الأجنبية. وبالتالي فاجتماع اللجنة الفرعية ومن خلال استمرار تحكم الحزب الحاكم في زمام المبادرات، ووقوفه سدا منيعا ضد أي تعديل إيجابي للرقي بالأمازيغية، يبدو أنه لن يضيف شيئا إيجابيا للأمازيغية، وأتخوف أن يتم التكريس لاستمرار التأخير والتماطل وتأجيل رفع حالة الحجز على المشروع.
وما الذي يجعلكم متشائمين إلى هذه الدرجة؟
شخصيا متيقن أن ملف الأمازيغية لن يعرف مسارا جادا في ظل استمرار نفس الطبقة السياسية في تدبير الشؤون الحكومية. فمجمل الفاعلين والفاعلات في الحقل الجمعوي غير الحكوميين مقتنعون بأن ملفات الأمازيغية وحقوق المرأة والحقوق الجماعية والفردية على سبيل المثال ليست موضوع أية أجندة سياسية إلى الآن، بل هي ملفات معلقة على عامل الزمن، ومن الأكيد أن خصوم الأمازيغية وحقوق الإنسان واعون بأن قيمهما وكينونتها تموت كل يوم متوقعين تدميرها في أفق سنة 2025.
وفي نظرك كيف ساهمت الحكومة في هذا الجمود الذي أصاب القانون التنظيمي، ولماذا؟
الحكومة تتهرب من مسؤولياتها في التعجيل بالحسم في مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتأخير ذلك لما يزيد عن ثماني سنوات يشكل قمة البدع والضلالة واستهتارا بواجباتها، فهناك أسئلة كثيرة تطرح في ظل الواقع المتردي الذي تعيشه الأمازيغية.
وما ملاحظاتكم حول هذا المشروع الذي تتقادفه الوعود والتماطل؟
لابد من تذكير نواب الأمة ببعض ما سبق أن عبرنا عنه ونبهنا إليه في عدة محطات بغاية تدارك الأخطاء المرتكبة من قبل، ويتعلق الأمر بالمحددات المنهجية التالية: يتمثل المحدد المنهجي الأول في قراءة نسقية لمقتضيات الدستور، بوصفها كلا وبشكل يربط بين تصديره وبين الفصل الخامس منه، هي وحدها القراءة التي تمكن من استجابة متسمة بالصلاحية المعيارية والتأويلية للمتطلبات الدستورية المتعلقة بالحقوق اللغوية والثقافية، وهنا ينبغي التذكير بأن القراءة النسقية للدستور أصبحت تجد لها أساسا في الاجتهاد القضائي الدستوري، ذلك أن المجلس الدستوري أشار في إحدى حيثيات قراره رقم 817 بتاريخ 13 أكتوبر 2011 إلى أن “الدستور متكامل في مبادئه وأهدافه”.
يحيل المحدد المنهجي الثاني إلى استحضار دلالات المرتكز الأول للتعديل الدستوري، الوارد في الخطاب الملكي لـ 9 مارس 2011 والمتمثل في “التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة”.
أما المحدد المنهجي الثالث فيتمثل في ملحاحية استحضار التزامات بلادنا الاتفاقية في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهي التزامات يفترض أن تتم أجرأتها بالأولوية من خلال تفعيل الملاحظات الختامية والتوصيات الموجهة إلى بلادنا من طرف هيئات المعاهدات وأصحاب الولايات برسم المساطر الخاصة وكذا في إطار الاستعراض الدوري الشامل.
وما انعكاسات عدم التصويت مجددا؟
ينعكس سلبا على عدد من القوانين ذات الصلة الوثيقة بضمان الحقوق اللغوية والثقافية، ومنها المسطرتان المدنية والجنائية، والتنظيم القضائي والقوانين المتعلقة بالتعليم والتكوين والبحث العلمي، والقوانين المتعلقة بمجال الوظيفة العمومية، وكذا القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية. ذلك أنه لا يمكن التذرع بمقتضيات المادة 31 من مشروع القانون التنظيمي لإخفاء الآثار المتراكمة الناتجة عن بطء الحكومة السابقة والحالية في أجرأة المقتضيات ذات الصلة بإعمال الطابع الرسمي للغة الأمازيغية المنصوص عليها في الفصل 5 من الدستور.
عند سريان مفعول هذا القانون العودة إلى عدد من القوانين المتعلقة بمجالات الحياة العامة التي تمت الإشارة إليها في هذه الفقرة قصد ملاءمتها مع المقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي في حين أنه كان من الممكن تفادي ذلك عبر منح الأولوية للقانون التنظيمي المذكور على الأقل منذ 2012.
وضمن نفس المنطق، يمكن الإشارة أيضا إلى عدد من الإشكاليات ذات الطابع المفاهيمي والقانوني، والمستنتجة على سبيل المثال لا الحصر من مقتضيات مشروع القانون التنظيمي 26.16 كما يلي :
تنصيص الفقرة الثانية من المادة الأولى من المشروع على تعريف إجرائي للغة الأمازيغية تحمل عناصره خلطا واضحا بين “التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة بمختلف مناطق المغرب” وهي تعبيرات تشكل موضوعا لالتزام الدولة بالعمل على حمايتها على غرار باقي اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة بالمغرب، كالتزام منصوص عليه في البند الخامس من الفصل الخامس من الدستور، وهي من جهة لغة يشار إليها بالمفرد في البند الثالث من الفصل الخامس من الدستور بوصفها “لغة رسمية للدولة”، والتي هي موضوع القانون التنظيمي المنصوص عليه في البند الرابع من الفصل الخامس من الدستور من جهة أخرى. ويبدو على هذا المستوى وجود خلط في مشروع القانون التنظيمي بين مستويين مختلفين من مستويات الالتزامات الدستورية، مستوى تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية ومستوى حماية التعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب.
إيراد مشروع القانون التنظيمي لمصطلحات من شأنها إضعاف طبيعة ومستوى التزام الدولة والسلطات العمومية بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية كالوسائل المتاحة (المادة 2)، المراعاة (المادة 8)، والإمكان (المادة 9) والتناسب (المادة 12)، والحرص (المادة 17)، وكفالة الحق بناء على طلب (المادة 30).
أعتقد أن المراحل الزمنية المحددة في المادة 31 من مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية (خمس سنوات، عشر سنوات، خمس عشرة) ، لم تعتبر التراكم الإيجابي والتقدم المنجز الناتج عن كل المجهودات التي بذلت لتعميم اللغة الأمازيغية والنهوض بها . كما أن المراحل الزمنية المحددة في المادة 31 من مشروع القانون التنظيمي لم تثمن بالشكل الكافي منتجات الذكاء الجماعي للمجتمع المدني المغربي الذي قاد تفكيرا تعدديا وتشاركيا بشأن إعمال مقتضيات الفصل 5 من الدستور.
تلك بعض التحديات التي لازالت تسائل المشرع ومعه الأغلبية الحكومية لمراجعة نواياها والتعامل بوطنية حقة مع القضية باعتبارها ملك مشترك لجميع المغاربة بدل التعامل معها بمنط كونها ملك للحزب الحاكم أو لأغلبيته.