2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الوضع الليبي وتأثيره على المحيط المغاربي

عبدالكريم فوزي*
لايحتاج الناظر الى المشهد الليبي لكثير من التدقيق ليعرف ان التطورات الاخيرة للأحداث حول طرابلس سيكون لها تداعيات مهمة وطويلة المدى على دول الاتحاد المغاربي خاصة ، والمحيط الافريقي والعربي عامة ، ذلك ان الطرف الذي سيحسم المعركة بطرابلس لصالحه سوف يحدد هوية ليبيا لعقود مستقبلة ، فاما أن تبقى دولة فاعلة في محيطها المغاربي ، ذات تأثير إيجابي رسميا وشعبيا وهذا في حال ما إذا تمكنت قوات حكومة الوفاق من حسم السيطرة بطرابلس وإقليم الغرب ،على اقل تقدير، وبصورة اكثر فاعلية ان استطاعت ارغام قوات حفتر على الانكماش ليعود الى حاضنته برقة ،واما ان تصبح ليبيا ولأول مرة منذ عقود جزءا تابعا للمشرق العربي وبالتحديد لمصر ، وهذا ان سيطر حفتر الذي يعد جنديا من جنود عبد الفتاح السيسي وتعتبر قواته أحد الألوية التابعة للجيش المصري إذن يمكننا القول بوضوح أن هناك فضائين يتنازعان ليبيا الأن ، الفضاء المغاربي ، الذي يعمل بقوة ومنطقية على الحفاظ على أمنه وااستقراره ، وعلى التأثير الايجابي في دول الجوار الافريقي، والفضاء الشرقي الذي تمثله مصر وتتحكم فيه عواصم الخليج ، والذي يسعى لتجذير كل نفوذ جديد له لكسب أوراق جديدة تمكنه من اللعب في منطقة الشرق الأوسط ليس لصالح قضية فلسطين ، بل لضمان الرضا التام من اللاعبين الدوليين الذين يبحثون عن وكيل يوفر لهم الحد الأدني من عدم المساس بأمن إسرائيل.
القضية الليبية ليست داخلية، ولن تحصرها الحدود، ومن ظن ذلك فهو واهم ، والنفوذ المصري ، لو قدر له أن يبسط سيطرته على ليبيا عن طريق حفتر ، فلن يكتفي بذلك ، فشهية 95مليون مصري لن تقف في صحراء ليبيا ، وسنسمع عن القلاقل والاضطرابات والابتزاز سينتقل مباشرة إلى تونس بالدرجة الأولى ثم الجزاير والمغرب وموريتانيا.
هذا الأمر ليس من باب التكهن، ولا التخويف ولا التهويل بل أمر حتمي يؤكده تاريخ العسكر عندما يسيطرون على دولة مجاورة، وتؤيده الترويكا العجيبة التي تجمع بين جنرالات مصر وضباطهم في ليبيا وبين حكام الإمارات والسعودية الذين أصبحوا يتعاملون بسادية ووحشية ترفض استقرار أو هناء أي دولة من الدول ، فيحرصون على القيام بانقلاب في الأردن والتجسس على المغرب وسكب البنزين على النار في الجزاير ، ليستمتعوا هم بصراعات الشعوب الكادحة.
إن الدول المغاربية ، وأخص بالذكر الدولتين الفاعلتين المغرب والجزائر ، عندما تسعى لاستقرار الأمر في ليبيا وابعاد شبح سيطرة حفتر على العاصمة ، انماتضمنان المحافظة على البيت الداخلي للفضاء المغاربي ، وصيانة راس المال أولا، لذلك ،فإن أي موقف يسير في اتجاه المحافظة على ليبيا سيكون رصيدا لدول المغرب العربي ، وأي تأخير في ذلك إنما هو تفريط في البوابة الأمامية لهذا الاتحاد المغاربي وستتبعه بلا شك انفراط في العقد ، ولو بعد حين.
* خبير في شان الليبي وعضو الامانة ومسؤول العلاقات الخا رجية بحزب النهضة والفضيلة
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.
غريب ان تذكر حفتر وحلفائه دون ان تتطرق لدور حلفاء حكومة الوفاق التي ارتمت في حضن المسيطر الفعلي على الغرب الليبي او طرابلس بالتحديد وهنا أعني مليشيات مصراته وحلفاءها في طرابلس الذين تمكنو من فرض وجودهم على السراج وابتزاز حكومة الوفاق لتدفع لهم مقابل بقاءها وقد عانت منهم الامرين. وذلك بسبب الدعم القوي من قطر وتركيا وفرنسا التي اختارت شبه الحياد مؤخرا, او العمل المزدوج.