2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أعكاو: 6 سنوات ما شفت الشمس والحراس استعملوا “البراوط” ليحملونا إلى العنبر 2 (الحلقة 6)

تفاصيل الموت البطيء والنجاة بأعجوبة من معتقل تازمامارت ماتزال مختبئة رغم القصص التي رويت على لسان الناجين، منهم ضيف حلقاتنا عبد الله أعكاو (كان برتبة رقيب ميكانيكي متخصص في الذخيرة) الذي مازال لم ينشر بعد مذكراته على غرار جل الذين نجوا بأعجوبة، وهو الذي كُتب له العيش بعد قضائه 17 سنة داخل المعتقل الرهيب بتهمة محاولة الانقلاب على الملك الراحل الحسن الثاني.. في هذه الحلقات سنتذكر معه ماضيه الأليم منذ محاولات العيش وسط القبر إلى العودة لحضن العائلة وتلمس الطريق نحو الإدماج والإنصاف..
ذات يوم ولج الحراس الدهليز فجأة في غير موعدهم، وشرعوا في فتح أبواب الزنازين من رقم 1، إلى 5 رقم زنزانتي، فأمرني حارس بمغادرتها. كنت من شدة الوهن والمرض الذي نال من صحتي لسنوات طوال لا أقوى على الوقوف، فحرص على ألا أسقط وهو يسوقني وأنا متمايل لا أقوى على تحريك ما تبقى لدي من عظام وهنة إلى خارج العنبر، خطوة خطوة أمشي متثاقلا إلى نور وهواء ونسيم حرمت منهم بعد دفني هنا لحوالي 6 سنوات بين مخالب الفظاعة والإهمال، أمشي إلى حياة ما بعد الموت.
وما إن عانق هيكلي العظمي أشعة الشمس وأحسست بدفئها يقرص جثتي التي تختبئ تحت أسمال حتى أصبت بدوار كاد يُسقطني أرضا، وكيف لا وقد قبعت في الظلمة سنين من الدهر، وحتى إن قاومت ألمي ورفعت رأسي المطأطأ فإني سأفقد لا محالة عيناي الغائرتان لأنهما ألفتا القتامة. لما توقفت لأسترجع ما تبقي من قوتي وأعي بما يجري حولي مستندا إلى الحارس لمحت أمامي هياكل عظمية أخرجت هي أيضا لتساق إلى العنبر الثاني الذي كان يقابل عنبرنا، ولكم أن تتصوروا حالنا الفظيع حينها إذ لا أحد منا كان قادرا على المشي أو الوقوف، كنا أحياء أمواتا، حتى إن الحراس اضطروا إلى حمل بعضنا على ظهورهم والذهاب بهم إلى العنبر حيث يوجد بقية أصدقائنا.
“آ ولاد الحرام واش كتشوفو فالناس كطيحوا ونتوما شادين الهراروات، لوحوهم وسيروهزو المحابسية”
لكن المشهد الأكثر إثارة هو عندما خرج حارس من وجهتنا وهو يجر “برويطة” في اتجاه السعودي الذي كان يلحقني قبل أن يسقط أرضا بمجرد خروجه من “قبره” لكي يُكمل بها مسيره، فقد بلغ بهم الأمر إلى استعمالها لنقلنا إلى العنبر تنفيذا للأوامر.
ونحن في ذلك المشهد الذي لن تراه إلا في فيلم خيالي يحكي قصة جنود أخرجوا من قبورهم إلى قبور أخرى، لمحت حراسا كانوا متراصين أمام الباب الرئيسي المؤدي على العنبرين، واقفين وفي أيديهم هراوات (زراوط)، ليس لتأمين المكان، بل لأنهم كانوا يترصدوننا! كانوا على أهبة الاستعداد لينهالوا على كل من حاول الانعتاق والهرب! رغم أنهم كانوا يشاهدون أمامهم أشباحا بالكاد تتحرك وهي تتأبط بالحراس بينما أخرى انهارت لا تقوى حتى على الزحف فكيف لها أن تفر رغم رغبتها في ذلك.
وأنا أمضي متحسسا سبيلي كطفل يتعلم المشي وتمييز الأشياء إذا بالحارس بندريس يخرج من العنبر الثاني، وعلى غير عادة قلبه الغليظ صرخ في وجه حراس الهراوات قائلا لهم “آ ولاد الحرام واش كتشوفو فالناس كطيحوا نتوما شادين الهراروات، لوحوهم وسيروهزوالمحابسية”، فهبوا لمساعدتنا، أو بالأحرى لمساعدة الحارس على إيصال هذه الجثث التي تمشي.
“تازمامارت” تنتظر مخرجا عالميا، ذا إمكانيات فنية وتقنية رائعة ،، لينتج فيلما يخلد هذه المأساة الإنسانية ،، ولا شك أنه سيكون فيلما ناجحا بامتياز ..
تذكرني الصور التي ينقلها الناجون عن ذلك السجن بلقطات فظيعة من فيلم ( le papillon )
منذ أن قرأت سيرة أحمد المرزوقي ومزاجي متعكر سريع الإنفعال حينها أدركت من نحن
Que les anciens “morts_vivant”
“Du bagne “tasmamart
Puissent documenter leurs supplices
sur des Romans et les publier,
Il faut que cette detention ,plutot mise a mort
Soit connue des generations actuelles et celles
Du futur.
CETTE TACHE NOIRE DE NOTRE HISTOIRE
CONTEMPORAINE DOIT ETRE SU .
DNOUBKOM ALAYHIM