لماذا وإلى أين ؟

تغطية “فرانس24” لملف بوعشرين..مهنية أم ابتزاز؟

كلما هبت زوبعة تهز أركان المشهد السياسي أو الاجتماعي المغربي، إلا وتحركت الآلة الإعلامية الفرنسية المتمثلة في “قناة فرنس24″، ليس لفضح المستور في إحدى دول العالم الثالث كما تدعي، وليس بدافع صيانة حرية الصحافة وحقوق الإنسان التي جعلتها فرنسا وأخواتها من القوى الاستعمارية التقليدية مطية للابتزاز السياسي وللتدخل في الشؤون الداخلية للدول بحثا عن مخارج لتصريف الأزمات التي تضر بها خاصة الاقتصادية منها. بل إن المحدد الرئيسي في التغطيات الإعلامية لهذه القناة يكمن في الترويج وخدمة الأجندة السياسة الفرنسية في علاقتها بـالعرب” وشمال إفريقيا خصوصا، والتي لازالت تحن إلى المرحلة الاستعمارية التي استنزفت خلالها مقدرات البلدان وارتكبت الجرائم في حق الإنسانية ضد شعوب عزل.

فالمتابع للتغطيات الإعلامية لهذه القناة، يمكنه أن يلمس مؤشرات تعكس النفحة الاستعمارية التي لم يغيرها الدهر والشعارات الرنانة التي نشدها كل سكان قصر فرساي المؤقتين، فاختيار ضيوف البرامج، الذي من المفترض ان يتم بمهنية وحيادية كما هو معمول به في وسائل الإعلام التي تحترم نفسها ومتابعيها، تلجأ عبره إلى استضافة إما مدافعين “فاشلين” يحكمهم الانفعال العاطفي صادقا كان أو مزيفا، كما وقع مع القيادية الاتحادية حنان رحاب خلال مشاركتها في برنامج حول توقيف بوعشرين بحيث غابت عنها حنكة السياسي ورزانة الصحافي، واختلط عليها النقابي بالسياسي والشخصي بالموضوعي.

وإما ان هذه القناة تعمد إلى جلب ضيوف لا علاقة لهم لا بالتحليل السياسي ولا بالشأن العام أساسا، وخير مثال هنا استضافتها للمسماة “نزهة” المعروفة بنشرها لفيديوهات تحتوي عبارات نابية بذيئة، على أساس أنها ممثلة للدبلوماسية الموازية لكي تدافع عن الطرح المغربي الخاص بالوحدة الترابية، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك في خضوع القناة لتوجيهات -إن لم نقل أوامر- مصلحة الإعلام والاتصال بالخارجية الفرنسية التي تنسج السنفونية الإعلامية حتى تنسجم مع مصالح فرنسا، التي يدرك العقل الاستعماري أنه لا يمكن الحفاظ عليها إلا عبر الابتزاز السياسي. وهنا نكون أمام قضية عادلة كُلِّف محامٍ فاشل أو ساذج بالانتصار لها.

والصنف الثالث، الذي يختاره لسان حال سكان قصر فرساي، وهم بعض أبناء جلدتنا الذين ظنوا أنهم قادرون على الانتصار على الوطن بالاستعانة بالمستعمر القديم، وهنا لا نتكلم عن أصحاب القضايا السياسية أو الحقوقية الذين اصطدموا مع الدولة في محطات معينة وكانت الفكرة والموقف سبب الصدام. بل إن أولئك الذين مست مصالحهم الشخصية أو المهنية مع مسؤولين لا يمكن القول إنهم يمثلون سياسة ممنهجة للدولة، فالصحافي راضي الليلي الذي تسبب مشكل شخصي أو مهني مع أحد مسؤولي قسم الأخبار بالقناة الأولى، في أن يختار المنفى وارتداء جلباب المعارض لا تفوِّت “فرانس 24” فرصة لجلد المغرب إلا ويكون حاضرا وإن كانت مواضيع النقاش بعيدة عن تخصصه، غير أنه يمكن تفهم ذلك، لكن أن يسفه ويزدري رأي ضيف موريتاني صرح بأن القضاء المغربي له مستوى لابأس به من النضج يمكِّن من التعامل مع قضية بوعشرين، ويحتمي بالضيف الجزائري الذي نسي أن يعطي دروسه لجنرالات بلاده التي تحتجز الرئيس المشلول وتسرق بذلك إرادة الشعب الجزائري.

كان على راضي الليلي، الطالب للجوء السياسي من أجل الحصول على أوراق الإقامة وامتيازاتها بفرنسا، أن يعلم أن كل المصالح تغدو صغيرة أمام الوطن، أو على الأقل أن يبحث في التاريخ لعله يجد مرشدا له، فما كان موقف المقاومين المعارضين، الفقيه البصري وبنسعيد آيت ايدر عندما كانا في المنفى الإجباري بالجزائر ونشبت الحرب المغربية الجزائرية طلب حكام الجزائر منهما كتابة بيان قصير يدين النظام المغربي فرفضا وتشبثا بموقفهما ضد من أجارهما من الجمر والرصاص.

قد يكون البلد ليس على خير، وقد تكون المعاناة وصلت إلى منتهاها، غير أن الوطن يبقى هو الوطن والشرفاء لا يخيرون بين مصالحهم والولاء للوطن، فهم يختارون الوطن حتى وإن كان القبر سجنهم، أما المستعمر فلن يغير طول الدهر من عقليته الابتزازية الاستغلالية وإن تغيرت الوسائل والألوان.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
marocain
المعلق(ة)
16 يونيو 2018 17:45

on ne peut rien cacher sur l affaire de la justice au Maroc. on est loin de loin. l affaire bouachrine est une preuve …

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x