لماذا وإلى أين ؟

الحكومة المعدلة ها هي.. والكفاءات فين هي؟

ما إن ظهرت التشكيلة الرسمية للحكومة المعدلة التي تطلب إخراجها لحيز الوجود أكثر من سبعين يوما حتى سارع المتتبعون والمهتمون للبحث عما حملته من كفاءات جديدة وطاقات شابة بين أعضائها. لكن الصدمة كانت قوية، على رأي المغني الأصيل الحاج عبد الهدي بالخياط.

لماذا طُلب التعديل؟

رسم الخطاب الملكي للذكرى العشرين لجلوس الملك محمد السادس على العرش التوجهات الكبرى للمرحلة المقبلة والأهداف من التغييرات المطلوبة سواء على مستوى المسؤوليات الإدارية أو الحكومية.

وقال الملك في الخطاب المذكور، إن “المرحلة الجديدة ستعرف، إن شاء الله، جيلا جديدا من المشاريع، ولكنها ستتطلب أيضا نخبة جديدة من الكفاءات، في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة، على مستوى المؤسسات والهيآت السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة”، وأضاف “وقد كلفنا رئيس الحكومة بأن يرفع لنظرنا، في أفق الدخول المقبل، مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق”.

الملك أكد على أنه يريد أن “يوفر أسباب النجاح لهذه المرحلة الجديدة، بعقليات جديدة، قادرة على الارتقاء بمستوى العمل، وعلى تحقيق التحول الجوهري الذي نريده”.

وفي خطاب الملك تأكيد على الانتقال من مرحلة إلى أخرى، أي من عقلية تسييرية لم تنفع في الوصول إلى التنمية المرادة إلى عقلية أخرى، فهل استجاب التعديل لما طلبه الملك؟

المولود المشوه للتعديل 

طيلة السبعين يوما التي قضاها رئيس الحكومة في تعديل حكومته الجديدة، ضرب كتمان كلي على مسار المفاوضات التي أجراها مع أحزاب الأغلبية، وكثرت التكهنات وانتشرت الاشاعات حول من سيخرج من الحكومة ومن سيلتحق بسفينتها، والكفاءات التي قد تأتي بها، مما خلق حالة من الانتظار كبيرة بطموحات أكبر، غير أن الواقع كذب كل الانتظارات وأحبط كل الآمال.

عدديا، ضمت الحكومة الجديدة/المعدلة 18 اسما ممن كانوا بتشكيلتها القديمة، ومنهم أسماء أبانت تقارير مؤسسات رسمية عن فشلهم في تسيير القطاعات التي يشرفون عليها وأخرى كانت محط انتقاد ورفعت صورهم في تظاهرات مطالبة برحيلهم. وهو ما جعل أمر إعادة استوزارهم يطرح أكثر من سؤال حول الأسباب الحقيقية لذلك؟

كما أن البروفايلات الجديدة التي التحقت بالحكومة ارتبط اسم بعضها بما سمي إعلاميا بـ”فضائح” حتى قبل التحاقها بالحكومة، وكمثل على ذلك نزهة بوشارب، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة. فهذه الأخيرة التي تسير مجموعة من مكاتب الدراسات ارتبط اسمها بالوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، حكيمة الحيطي، وخاصة بعد تداول مصادر إعلامية أنباء حول شبهات “تفويت الحيطي صفقات إلى مكتب دراسات تسيره بوشارب التي وصفت بصديقتها المقربة”، ومنها مكتب كانت تسيره الحيطي قبل استوزارها.

وجه جديد آخر بحكومة العثماني المعدلة، هي نادية فتاح، وزيرة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، التي ارتبط اسمها بجدل صفقة بيع حصة شركة “سهام” لصاحبها الملياردير الوزير حفيظ العلمي لشركة “سانلام” الجنوب الإفريقية، وما أثارته هذه العملية من أسئلة حول مدى استفادة أصحابها من “استغلال لمعلومات”، وعن مدى وجود “تنازع للمصالح” لدى الوزير الذي يعتبر في نفس الوقت صاحب الشركة التي استفادة من الصفقة؟ خاصة وأن نادية فتاح هي من قادت عملية البيع باعتبارها المديرة العامة لـ”سهام فينونس” ورئيسة مجلس إدارة “سهام للتأمينات” فرع المغرب.

أما خالد آيت الطالب، وزير الصحة الجديد والوجه الجديد بالحكومة الجديدة، المدير السابق للمركز الاستشفائي بفاس ورئيس مصلحة الجراحة الباطنية بذات المركز الاستشفائي، عرفت مرحلة تسييره مجموعة من الاحتجاجات والاضطرابات، وقناة اليوتيوب مليئة بالفيديوهات التي تتهم أطر المركز الذي كان يسيره بالاهمال الطبي المؤدي للوفاة، وأخرى ترصد احتجاجات الأطر المشتغلة بالقطاع تنديدا بتردي الوضع.. فكيف لمسؤول لم يستطع حل مشاكل مركز استشفائي سيحل مشاكل وزارة من أهم الوزارات في المغرب؟

الشاب الوحيد ضمن الوجوه الجديدة، هو محمد أمكراز، الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، ويعاب عليه أنه دون خبرة سياسية في التسيير، ولم يسبق له أن سير ولو جماعة صغيرة، وتولى قطاعا يتطلب تمرسا وخبرة نقابية، فهل سيكون وزير لتسيير الأعمال خلفا لسلفه في الوزارة وأخيه في الحزب محمد يتيم؟

ماالعمل؟

لا يمكن تغيير أي استراتيجية في التسيير دونما تغيير العقليات الساهرة على ذلك، وتغيير هذه العقليات يتطلب تغييرا للبيئة التي تنشأ فيها، وهنا نقصد العوامل المساهمة في تكوين وتشكيل أطر تتولى مسؤوليات عمومية سواء حكومية أو بالإدارات العمومية، ولنا في تجارب الشعوب أمثلة عديدة في هذا الجانب، الصين نموذجا.

ولا يمكن لأي تعديل حكومي أن يقدم للمغاربة الحل السحري لمشاكلهم، وأن يلبي تطلعاتهم وتطلعات السلطات العليا بالاعتماد على نفس المعايير التي كان يتم بها اختيار من يتولون المسؤوليات، ولبوغ ذلك وجب إحداث زلزال حقيقي في البنية الحزبية والجمعوية والنقابية بالمغرب، وهذا لن يحدث إلا إذا فتح نقاش وطني واسع وشامل حول البنية التعليمية التربوية التي قد توصلنا إلى ذلك.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x