لماذا وإلى أين ؟

العلمي: قوة الدولة من قوة ومصداقية أحزابها ونقاباتها ومجتمعها (حوار)

في الوقت الذي لم تنجح الحكومة في امتصاص غضب النقابات التي رفضت مشروع قانون الإضراب، على اعتبار أنه  يحد من ممارسة حق دستوري مشروع، خرجت الحكومة مرة أخرى بمشروع قانون يتعلق بنقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين، قبل شهر تقريبا، والذي قالت أنه يتضمن مقتضيات جديدة تتعلق بتأسيس المنظمات المهنية والنقابية والمفاوضة الجماعية بهدف وضع قواعد جديدة تهم تأسيس النقابات وأنشطتها ومعايير تخويلها الدعم المالي مع رقابة تمويلية صارمة.

إلا أن الحركات النقابية، في هذا الإطار، سجلت اعتراضها على طريقة تدبير هذا المشروع من جهة، وعلى مضامينه من جهة ثانية.. وللحديث أكثر عن هذا الورش الذي تم إحالته على البرلمان في شتنبر الماضي إبان الفترة التي كان محمد يتيم الوزير السابق في التشغيل، ارتأت “آشكاين”، في حوار  خاص مع خالد هوير العلمي نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل cDt، إعادة النقاش إلى الواجهة ومعرفة مستجدات هذا الورش.

1)- بداية أين وصل مشروع قانون النقابات الذي اطلعتم عليه لإبداء ملاحظاتكم قبل شهر تقريبا ؟

الإشكال الحقيقي مع الحكومة هو على مستوى المنهجية التي تريد فرضها في التعاطي مع القوانين الاجتماعية أو مايسمى بالآليات المعتمدة لتدبير مجال الحوار الاجتماعي قبل المضمون، وهو اختلاف جوهري بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والحكومة.

مراسلة وزير الشغل السابق تركز على التشاور وتعتمد آلية إبداء الملاحظات والاقتراحات على القوانين وبعثها إلى الوزارة وهو ما يتنافى مع ماهو متعارف عليه دوليا ومنصوص عليه من طرف منظمة العمل الدولية وما تم التعامل به منذ أول اتفاق اجتماعي في غشت 96 وفي صياغة وإعداد مدونة الشغل.

وهو ما يؤكد غياب ثقافة الحوار الاجتماعي لدى الحكومة، فالكونفدرالية الديمقراطية للشغل عبرت عن استعدادها للحوار والتفاوض الثلاثي الأطراف حول كافة القوانين الاجتماعية والعمل على إيجاد صيغ توافقية، وسنرى كيف سيدبر وزير التشغيل ملف القوانين الاجتماعية بعد التعديل الحكومي.

2)- كيف قرأتم مضامين المشروع، هل ترقى لتطلعات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ؟

يجب قراءة المشروع في إطار السياق الوطني واعتماد التاريخ الاجتماعي المغربي والأدوار والمهام التي قامت بها الحركة النقابية وبالصراع الذي خاضته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على مستوى النضال الاجتماعي والديمقراطي وكيف تمت مواجهته من طرف الدولة بكل أساليب الترهيب وحتى بعد اتفاق 96 لم تتوقف عمليات تفكيك وتدمير ومحاصرة ومحاربة العمل النقابي الكونفدرالي.

هل القانون هو الحل، أكيد أنه ضروري، لكنه غير كاف فماذا وقع بعد المصادقة على قانون الأحزاب ؟هل ارتقى العمل السياسي هل ترك له المجال والحرية للقيام بأدواره الدستورية ؟ أكيد لا، بل يتم إضعافه، مما أدى إلى فقدان الثقة.

فقوة الدولة من قوة ومصداقية أحزابها ونقاباتها ومجتمعها المغربي ومن حركية ودينامية المجتمع.

فالسؤال هو هل هناك إرادة لرد الاعتبار للحركة النقابية كمؤسسات دستورية تؤطر وتمثل فئات عريضة من المجتمع وتدافع عن انتظاراتها وطموحاتها وتعمل على تحسين أوضاعها بالحوار والتفاوض وبكل أشكال الاحتجاج والتظاهر السلمي، للأسف يتم ترويج خطاب تراجع الانتماء النقابي وضعف النقابات، وبأن النقابة الأولى هي نقابة اللامنتمينSAS. فلصالح من يتم ترويج هذا الخطاب ؟ ولماذا هذه الإساءة للعمل النقابي ؟ ولصالح من يتم توظيف الكتلة الناخبة للامنتمين بعد إضافة معيار التمثيلية في مجلس المستشارين كعنصر من العناصر المحددة للنقابات الأكثر تمثيلية.ومن فرض هذا التراجع ؟ أليس محاربة العمل النقابي في العديد من المقاولات وعدم احترام مقتضيات مدونة الشغل وتدمير الحوار الاجتماعي ورفض فض النزاعات الاجتماعية ؟

لذا أهم شيء يجب أن يتضمنه هذا المشروع لرد الاعتبار للعمل النقابي هو احترام الحريات النقابية وحماية العمل النقابي بالمصادقة على الاتفاقية الدولية والأساسية 87 وإلغاء الفصل 28 من القانون الجنائي ومأسسة الحوار والتفاوض الثلاثي الأطراف واحترام التعاقدات الاجتماعية وإشراك الأجراء في المجالس الإدارية وفي مجالس المراقبة (نموذج ألمانيا)، وإعادة النظر في القوانين الاجتماعية المحددة للتمثيلية النقابية.

وعلى العكس من ذلك فالمشروع يفتح أبواب المراجعة مدونة الشغل ويفتح المجال للمرونة استجابة لمطلب الرأسمال، شأنه في ذلك شأن القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب.

3)- نص المشروع على مأسسة الحوار الاجتماعي، هل ترون أن هذا المشروع سيحقق تقدما في علاقته بمأسسة الحوار الاجتماعي والحريات النقابية ؟

لقد قدمنا مقترحات في الموضوع خلال الندوة المنظمة بمناسبة يوم 20 فبراير– اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وكذلك خلال جولات الحوار الاجتماعي وداخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حيث طالبنا بضرورة سن قانون إطار للحوار الاجتماعي وطنيا وقطاعيا ومجاليا،وخلق مؤسسة ومرصد لمتابعة تطورات الوضع الاجتماعي، واعتماد آليات لضبط دوراته، وجداول أعماله، وتنفيذ التزاماته، وغيرها. وللأسف لم تؤخذ مقترحاتنا بعين الاعتبار واختزلت المأسسة في التشاور والمدارسة والمناخ الاجتماعي المشجع للاستثمار ولقاءات مع رئس الحكومة.

4)- ماهو تعليقكم على الشق المتعلق بمالية النقابات التي تضمنها المشروع ؟ وكذلك مسألة الديمقراطية الداخلية ؟

الشفافية والديمقراطية عنصران متكاملان، وهما منصميم المبادئ التي تناضل من أجلها  الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وانطلاقا من ذلك يجب إخضاع المال العام والدعم العمومي لكل المؤسسات إلى المراقبة،بل أكثر من ذلك يجب تفعيل آليات المحاسبة بناء على تقاريرالمجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية وغيرها من هيئات المراقبة والتفتيش.

أما فيما يتعلق بموضوع الديمقراطية الداخلية، فقوانيننا الداخلية المصادق عليها في المؤتمر الوطني السادس تعكس ما هو مطلوب في المشروع، سواء تعلق الأمر بمقاربة النوع أو بإشراك الشباب في الدورة التنظيمية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أو احترام دورية المؤتمرات وتجديد الهياكل التنظيمية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x