2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
نقطة نظام…

تتنامى الحركات الإحتجاجية والمطلبية في نقط عديدة من بلادنا في الآونة الأخيرة، لعل أبرزها حراك الريف وجرادة ، ولا يختلف عاقلان على أن أسباب ومرتكزات هده الحركات الإحتجاجية هو الفقر وغياب أو تدهور الخدمات الإجتماعية الأساسية التي تقدمها الدولة لمواطنيها ومواطناتها. وبديهي أن نعتبر أن القمع الذي يسلطه جهاز الدولة على المحتجين هنا وهناك مؤشر واضح على عجز القائمين على القرار السياسي والإقتصادي عن تقديم حلول تستجيب لمطالب الناس، كما أن لعبة اختلاق الشماعات وخلط الأوراق صارت لعبة بديئة ومكشوفة لا يمكنها إلا أن تشكل جزءا من المشكلة وليست جزءا ن الحل.
غير المتمدرس والمنقطع عن الدراسة في سن مبكرة مثلهم مثل المتمدرسون مقتنعون أن أصل الأزمة التي نعيشها اليوم هي نتيجة للفساد والنهب الدي ينخر جميع مناحي حياة الناس، الفوارق الطبقية تزداد تفاقما، القدرة الشرائية تزداد ضعفا، كل الخدمات ثم تسليعها ، المافيات الإقتصادية تواصل مسلسل السطو على الموارد ولا تتوقف عن مص دماء الكادحين في جميع المجالات.
من جانب آخر فإن الأحزاب السياسية المشاركة في التدبير تساهم في مجملها في إعادة إنتاج وتدوير النخب الفاسدة والمفسدة ، والدولة في عدم معاقبتها للناهبين لا يمكن اعتبارها إلا داعمة وحاضنة لهدا الفساد الدي لا يتوقف عن التفريخ.
هدا السياق وحده كافي لإقناعنا أن الناس سينتفضون هنا وهناك ، ولا يمكن كبحهم إلا ظرفيا بالقمع ما دام المحرك هو الخبز والأمن الإجتماعي ، فهم دووا مصلحة مباشرة في ما يحتجون من أجله لا وسطاء يتوخون فقط تحسين شروط التفاوض من أجل مصالحهم الخاصة.
في الطرف الثاتي من معادلة الصراع يتواجد فريق عريض وواسع من المعارضين والمعارضات، ينخرطون مبدئيا في الأشكال الإحتجاجية والمطلبية المنظمة ، هدا الإنخراط المبدئي وإن كان ضروريا فإنه لوحده غير كاف ما دام عاجزا عن إحذاث نقلة سياسية متمحورة حول مطالب الناس وتعتمدهم خزانا وحاملا في الطرف النقيض لما هو قائم لمعركة التغيير الديمقراطي المنشود. هدا الفريق أحذث أشكالا عديدة للإنتظام حزبية ولاحزبية يمكن اعتبارها مكاسب ظرفية في التنظيم ، لكنها فئوية ونخبوية إلى درجة العزلة والتقوقع على الذات، فهي لم تستطع التحول إلى قوى مؤطرة ومستقطبة للناس المتضررين من سياسة الدولة ، في اعتقادي لسببين رئيسيين :
1. غموض كبير حد الاضطراب في الرؤية التنموية وهو شيء يمكن اعتباره طبيعي بالنظر لأن المناضلين والمناضلات ، بانتظاماتهم المختلفة، اقتصر أدائهم فقط على رفض السياسات العمومية دون القدرة الكافية على اقتراح بدائل لها.
2. عدم القدرة على توفير بنى استقبال تحتكم إلى قواعد التسيير الناجع والفعال واقتصارها على منظومة ولاءات تخدم استراتيجيات فردية
الرهان اليوم هو أن نبدأ مسلسل التغيير انطلاقا من تغيير مناهجنا وأدواتنا، وأن نقتنع أن هدا المسلسل ليس قصير الأمد بل هو منازعة دائمة ومستمرة على الموارد وعلى المرفق العام وخدماته المفترض أن يقدمها للناس، وهدا الرهان لا يمكن أن نكسبه ما دمنا لم نقتنع بعد أننا لن نصل لشيء ما دمنا نستمر في التنافس على انتهاز فرص سياسية ضيقة لحظية وعابرة سرعان ما تنكشف محدوديتها مع أول منعطف سياسي.
وحده العمل الوحدوي المرتكز على تثمين المشترك مع القدرة على تدبير الإختلاف والتنوع كفيل بإخراجنا من عنق الزجاجة الدي يخنقنا جميعا .
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.
*مناضل يساري من حركة أمل