لماذا وإلى أين ؟

ذابح طفل سلا ومُقطعة جثة طفل العرائش ليسا وحدهما اللذين يعيشان بيننا

حادث ذبح طفل أمام مرأى العامة في سلا، قبل أيام، ذكّر بالخطر الذي يتربص بنا جميعا، طالما تم التنبيه إليه بعد كل حادثة لا تقل بشاعة عن تلك التي شهدها سكان سلا.

فالجاني ليس وحده الموجود بيننا، إذ هناك المئات من أمثاله يجوبون الشوارع، أو حتى وهم في بيوتهم، قد يرتكبون الفظاعات في غفلة مادام عقلهم قد سُلب إما بفعل أنواع المخدرات التي يجمع الكل على أن رقعتها انتشرت لتشمل أكثر فئات المجتمع أو لخلل عقلي ونفسي جعله يتلذذ بجريمته، كحال سيدة العرائش التي قطعت جسد طفل بمساعدة من والده.

كما أن هذه الحوادث التي تنامت في الفترة الأخيرة أعادت إلى أذهان الكثيرين ملف “بويا عمر” الذي أفرغه وزير الصحة الأسبق الحسين الوردي من مرضاه قبل سنوات، وهو ما جعل عددا كبيرا منهم يهيمون في الشوارع ويرتكبون الجرائم دون وعي.

ويرى على لطفي، رئيس الشبكة المغرية للدفاع عن الصحة، أن دراسات أجرتها وزارة الصحة بينت أن 40 في المائة من المغاربة مصابون بأعراض نفسية وعقلية، وهذا عامل بين عوامل تفشي هذه الحوادث القاتلة. ولفت إلى أن 20 في المائة من عدد المصابين فقط يجدون مكانهم في المستشفى لفترة محددة قبل المغادرة، دون تتبع، وبالتالي هذا ما يعيده إلى حالته المرضية.

ويضيف: “بدأنا نلاحظ كيف يتم الحجز على عشرات الآلاف من حبوب الهلوسة، آخرها 50 ألف حبة كانت متوجهة إلى آلاف الشباب، بل لم تعد حصرية بهم بل حتى المسنين”.

ويشدد لطفي في حديثه مع “آشكاين” على الظاهرة، على أنه لا توجد سياسة وطنية تتابع العلاج النفسي للمصابين إلى غاية إدماجهم في المجتمع، وقال: “هناك أسر تحتجز أبناءها، نظرا لغياب ثقافة علاج المرضى النفسيين، في وقت لا يتعدى عدد الأطباء المتخصصين 100 فقط وحوالي 300 ممرض، وهو عدد لا يكفي لمدينة مثل الدار البيضاء”.

بركات “بويا عمر”

يتذكر المغاربة أنه قليلة فقط على بداية عملية ترحيل مرضى “بويا عمر”، بدأت مؤشرات الأزمة تتسلل إلى داخل مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية الموزعة في المغرب، إذ سارع حينها رئيس مقاطعة عين الشق بالدارالبيضاء، التي يقع فيها مستشفى وُضع فيه بعض نزلاء “بويا عمر”، إلى مراسلة السلطات المحلية في المدينة يحذر من خلالها من العواقب التي يمكن أن تترتب عن عملية الترحيل إلى مستشفى الأمراض الجلدية الآيل للسقوط، قبل أن يدق آخرون ناقوس الخطر.

كما أن نقابيي الصحة أكدوا أن عددا من المرضى الذين غادروا “بويا عمر” هربوا إلى الشوارع، بطريقة أو بأخرى، وهو ما جعلهم يهيمون في الأزقة والدروب وحتى في المدن، وقد تسبب ذلك في وقوع جرائم قتل أو إصابات خطيرة نتيجة نوبات الخلل العقلي والنفسي التي يصابون بها.

ينضاف إلى هذا حالة المستشفيات العمومية وطاقتها التي لم تقدر على استعاب الأعداد المرحلة، لتنضاف مأساة إلى أخرى، ويتطور الأمر ويتراكم سنة بعد أخرى.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x