لماذا وإلى أين ؟

تضامن أعضاء بلجنة بنموسى مع الراضي.. زلة لسان أم توجه مدان؟

ما هي إلا أيام معدودة على تعيين أعضاء اللجنة الملكية المكلفة بوضع النموذج التنموي الجديد، حتى بدأت بعض الاشكالات تطفو على السطح،  ناجمة عن تصرفات بعض أعضائها، والتي قد تشوش على عمل اللجنة وتفرغ خلاصات عملها المستقبلي من مضمونه.

آخر هذه التصرفات، ولن تكون كذلك، التغريدات والتدوينات التي نشرها الأعضاء بلجنة بنموسى، الكاتب والصحفي إدريس كسيكس والأستاذ الجامعي رشيد بنزين، وتصريح رجل الأعمل كريم التازي، التي يعلنون فيها عن تضامنهم مع الصحافي عمر الراضي، ورفضهم القرار القضائي القاضي بمتابعته في حالة اعتقال، على خلفية نشره تغريدة على تويتر قبل ستة أشهر وصف فيها القاضي الذي أصدر الأحكام الاستئنافية على معتقلي حراك الريف بـ”الجلاد والأداة التي يتم بها تنفيذ الأوامر”، داعيا إلى عدم التسامح معه…

من حيث المبدأ، لا ضيم في أن يتضامن أي إنسان مع إنسان آخر يعتبر أنه في محنة وأن محنته ناتجة عن عوامل غير معقولة ولا قانونية، لكن في هذه الحالة التي نتحدث عنها يتعلق الأمر بأعضاء معينين من طرف رئيس الدولة، وهو نفسه رئيس المؤسسة القضائية التي تصدر الأحكام باسمه. كما أنهم عينوا من أجل المساهمة، إلى جانب باقي أعضاء اللجنة، في وضع تصور للنموذج التنموي الذي سيطبق ليعود بالنفع على كل ساكنة هذه البلاد، بمختلف انتماءاتهم السياسية والدينية والعرقية واهتماماتهم الثقافية والمهنية وغيرها.

لذلك عليهم الانتباه إلى ما قد يترتب عن إعلان آرائهم علنا من تبعات تعود بالسلب على عمل اللجنة وانسجامها الداخلي. فالأكيد أن للجنة قنوات داخلية تمكن أعضاءها من التعبير عن رأيهم، والدفاع عن وجهة نظرهم التي يعتقدون أنها ستعود بالنفع على كل المغاربة. فإعلان كسيكس وبنزين والتازي تضمانهم ورفضهم لاعتقال الراضي قد يجل المتتبعين للقضية يعتقدون أن بقية أعضاء اللجنة مساندون لاعتقاله بما أنهم لم يخرجوا بموقف رافض لذلك.

كما أن ما قام به الأعضاء المذكورين قد يدفع البعض للتساؤل حول معايير تضامنهم مع من يُعتقل من المواطنين المغاربة بناء على رأي أو تصريح أدلوا به. فلماذا لم يتضامن كسيكس وبنزين والتازي مع المعتقل عبد العالي باحماد، المعروف بـ”بودا غسان”، الذي يتابع بدوره في حالة اعتقال بناء على تدوينة عبر فيها عن رأيه، ولم ينددوا بالحكم الذي صدر في حق محمد السكاكي، المعروف بـ”مول الكاسكيطة”، الذي أدين بأربع سنوات سجنا نافذا بعد نشره شريط فيديو أبدى فيه رأيه حول الخطب الملكية؟ أم أنهم يساندون اعتقال بودا ومول الكسكيطة؟

تدوينات كسيكس وبنزين، ومن قبلهما تحركات التازي، تعطي الانطباع على أن اللجنة حقوقية ذات مواقف أكثر جذرية من تلك التي تبديها جمعيات يسارية، هدفها وضع تصور للممارسة الحقوقية في المغرب يقطع مع صفحة ماضية تعسفية. ورغم أن الجانب الحقوقي هو جزء من أي نموذج تنموي، إلا أن تغليب الطابع الحقوقي، الانتقائي، قد يزيغ باللجنة عن هدفها المشكلة من أجله، ويسقطها في خانة اللجنة السياسية المعارضة التي جاءت لتصفية تركة سياسية لحقبة ماضية، ويفقدها ثقة المغاربة الرافضين للانتقائية في التضامن والنخبوية في التعاطي مع قضايا الشعب المغربي كافة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
وليد
المعلق(ة)
3 يناير 2020 22:11

انا في نضري اللجنة اول حاجة تدخل فيها هي القضاء حيتاش الفساد لي المحاكم هو الاكتر
باش تكون محاكمة نزيهة او في اي ملف ،هنا فين يكون التدخل متلا ،هداك الفاسد لي الشعب كيهدر عليه .القضاء هو……….. وبالملموس

عبدالله
المعلق(ة)
30 ديسمبر 2019 18:18

ليس هنالك إشكال في إبداء بعض أعضاء اللجنة رأيهم في كل ما هو حقوقي ، كما لكل عضو الحق في التحفظ على رأيه في نفس ذات الموضوع ؛ فهذا في حد ذاته تعبيرعن تفاعل هؤلاء النخبة مع الواقع العام حسب تصورهم لحقيقة الأمر وحسب المعلومات المتوفرة لهم إنطلاقا من مواقعهم ويبقى القضاء مستقلا في حسم أحكامه إنطلاقا من الأدلة و البراهين، فالمتهم بريئ حتا تثبت إدانته.
لاكن يعاب على لجنة شكيب بن موسى عدم إستثمار وسائل التواصل الإجتماعي والمنصات الرقمية الأكثرتداولا من لدن المغاربة كإنشاء قناة خاصه على اليوتوب ، تنتهي صلاحيتها بتقديم تصورالجنة لنموذج التنموي الجديد ؛ وتقربنا (المجتمع المدني) من كواليس و أنشطة إجتماعات هذه النخبة ولإستثمار الزمن في توعية الرأي العام من أجل فتح المجال للمجتمع المدني أن يبدي رأيه في مقترحات اللجنة من جهة ؛ ومن جهة أخرى بمثابة منصة لإستطلاع الرأي للجنة نفسها؛ وتكون كذالك بمثابة أرضية مشتركة لتوحيد الرؤى وخلق توافق مبدئي بين جميع الفرقاء.
فالنموذج التنموي الجديد ملك لكل المغاربة لأنه سيرهن مستقبل البلاد للعقود الثلاثة القادمة ؛ فوجب على هذه اللجنة الإنفتاح أكثر على نفسها أولا ، ثم على القوى الحية للمجتمع المدني.

kamal
المعلق(ة)
28 ديسمبر 2019 21:54

جانبتم الصواب في هذه
اعضاء اللجنة يعبرون بمثل هذه التعبيرات عن استقلاليتهم ،وهذا أول شرط يتطلبه وضع النموذج كيف تريد لمن يتحفظ عن الجهر بقول يبدو له حقا ان يتحرأ ويغبر عن رؤيته للمستقبل ،,اللجنة لا تريد تابعين بل قياديين

العباس
المعلق(ة)
28 ديسمبر 2019 20:06

اعضاء اللجنة وحب عليهم التجرد من كل ميول سياسي ويعملوا علي اعطاينا ابنموذج التنموي الذي فشلت التيارات السياسية في اعطايه للمغاربة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x