2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ناشيد: الذين يُحرّمون الاحتفال بنهاية السنة هم أناس ضد الفرح (حوار)

آشكاين/ طالبي المحفوظ
مع كل نهاية سنة ميلادية، يظهر خطاب، وإن كان استثنائيا في المغرب، يدعو إلى عدم الاحتفال برأس السنة، تحت مبرر أن ذلك لا يجوز، وفيه تقليد أو تشبه بـ”الكفار”.
ومن أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع، وتحليل المفاهيم التي تُستخدم فيه، أجرت “آشكاين” حوارا مع الباحث والكاتب المغربي سعيد ناشيد، الباحث المهتم بقضايا التجديد الديني، وله العديد من المؤلفات في هذا السياق، منها: “الحداثة والقرآن”، و”قلق في العقيدة”.
بداية.. ما تعليقك على الذين يرفضون الاحتفال والتبريكات بمناسبة رأس السنة من منطلق أن ذلك لا يجوز لأنه تقليد لـ”الكفار”؟
في البداية لابد من توضيح أن الأمر يتعلق بالاحتفال بـ”نهاية سنةٍ وقدوم سنة جديدة”، يعني المسألة مرتبطة بدوران الزمن، دوران التاريخ، كما يحتفل الفرد بنهاية عام من عمره وبداية عام جديد، أو كما تحتفل أي جمعية أو حزب أو أي تنظيم بنهاية عام عن تأسيسه وبداية عام جديد، أو أي بلد عن بنهاية عام عن استقلاله وبداية عام جديد.. فكذلك تحتفل البشرية بنهاية عام وبداية جديد، والأرقام هي مُوَاضَعَات بشرية متفق عليها، فقط للتّقارب والتّعارف والتّعايش بين الشعوب.
عندما نقيس المسافات بالأمتار والكيلومترات، وعندما نقيس الزمن بالساعات والأيام، وعندما نقيس الكتلة بالكيلوغرام.. نستخدم مُوَاضَعَات متفق عليها، ولا نبحث عن أصولها، لأنها في الأصل لها ارتباطات بثقافات.. نحن في استعمالها العالمي نتعامل معها كمُوَاضَعَات نتفق عليها من أجل التعارف والتفاهم، وأن تكون حداً أدني من الاتفاق حول تحديد الأمور.
إذن، فإن ما يهمنا هو نهاية عام وبداية عام جديد، والبشرية من مختلف بقاع الأرض تحتفل به، ولا نسمع استنكاراً للاحتفال إلا عندنا نحن.. ولا نستغرب، الذين يستنكرون الاحتفال بنهاية هذا العام، هم أنفسهم من يُحرِّمون الاحتفال بمولد نبيهم نفسه، ويحرمون كل أشكال الاحتفال والفرح.
الحقيقة، أن الذين يُحرّمون الاحتفال بنهاية العام بذريعة أنه يخص أمة أخرى، فهم أيضا يُحرمون الاحتفال بمولد نبيهم، لماذا؟ لأنهم يُحرمون كل أشكال الاحتفال؛ حتى أعراس شعوبهم وقبائلهم ومناطقهم فهم يعتبرونها بدعة، ويحرمون المهرجانات الوطنية.. الأصل أنهم يبحثون عن أي ذريعة لمنع الفرح، إنَّهم ضد الفرح، لماذا؟
لأنهم يُريدون إنشاء مشروع ثقافي قائم على الحزنِ، وعلى الغضبِ، وعلى الغيرةِ، وعلى الذنبِ، وعلى البكاءِ، وعلى كل المشاعر التعيسة التي تدمر الإنسان، وتدمِّر قدرته على الحياة، وقدرته على النّمو..هم يريدون السيطرة على الحياة اثيولوجياً، لكن هذا، لا يمكن لأن أي أيديولوجية مغلقة، لا يمكنها أن تسيطر إلا على الإنسان الحزين، ولن تسيطر على الإنسان المبتهج.
بالنسبة لمصطلح “الكفار”، كيف ترى الذين مازالوا يستخدمونه، على الرغم من أننا الآن نعيش في دولة حديثة تعترف بالمواطنين بغض النظر عن ضميرهم الديني؟
مع كامل الأسف، هناك دائما من يريد العودة بنا إلى الوراء، ويستخدم مثل هذه المصطلحات المنتمية للقاموس القديم جداً، الذي ينتمي لعالم قديم، عالم العصر الوسيط.. فالمصطلحات من قبيل “الكفار”، و”المجوس”، وتنظيم “كذا” في أرض الشام، وتنظيم “كذا” في أرض الحبشة.. كلُّها مصطلحات لا تنتمي إلا للخريطة والجغرافية القديمة، وهي تعكسُ حجم النكوص الذي نعيشه اليوم، بعد استقالة عقولنا.
في الحقيقة أن الذي يستخدم هذا المصطلح، أي الكفار الذي يُقابل المؤمنون، يريد العودة إلى التقسيمات الفقهية القديمة، التي كانت تقسِّم العالم إلى “دار الإسلام” و”دار الحرب”، وتعتبر أن كل من لا ينتمي إلى “دار الإسلام” هو في حكم العدوّ الذي يجوز قتاله، وإن لم يكُن قتاله، فعلى الأقل عداءه ولو بالقلب تحت طائلة ما كان يُسمى بـ”الولاء والبراء”.
عموماً، إن استخدام مثل هذه المصطلحات، ينمُّ عن ثقافة الكراهية، التي تُهدّد في آخر المطاف أمن الأوطان، لأن الكراهية ترتدُّ على نفسها؛ فكراهية الآخر سُرعان ما ترتكِس، وتُصبح كراهية موجهة إلى الذات نفسها.
لهذا، نحن نعيش في منطقة غير أمينة، تجتر الحروب الأهلية. كم من مرة، شهدنا مشاهد عجيبة في العديد من البلدان، مثل اليمن، إذ يرفع فيها الطرفان المقاتلان لافتات تحمل عبارات كـ”الموت لأمريكا” أو”الموت لإسرائيل”.. لكن وفي آخر المطاف يقاتلون بعضهم البعض، لماذا؟ لأن ثقافة الكراهية حتى ولو كانت مُوجّهة إلى الآخر، فإنها ترتدّ بسرعة قياسية على نفسها، وتهدد الأمن المحلي.
برأيك ما السبب في كون البعض مازال ينهل من العقل التراثي ويستخدم مصطلحاته؟
السّبب هو “استقالة العقل”، لأن الشعوب التي لا تستعمل عقولها تنتكس إلى مجال اللاشعور الجمعي، والمكبوتات.
السّبب الآخر هو الخطاب الديني نفسه، هذا الخطاب الذي يؤسس لخيال قائم على أساس المفاهيم المنتمية للعالم القديم، الذي كان البشر يقسّمون فيه إلى كفار ومؤمنون، عالم الغزوات والتوسُّعات الإمبراطورية، والغنيمة، والجِزْية، والسّبي، والفدية.. الاحتراب، والتّدافع.. إلى غير ذلك من الجهاز المفاهيمي المرتبط بذلك السيّاق.
إن الثقافة الدينية لاتزال تستعمل نفس المفاهيم، وتؤثث خيال المواطن، وتدفعه أن يتمثل أن ذلك العصر هو العصر الذهبي.. وبالتالي هذا، يجعل المواطن في حالة انفصام بين خطاب ديني يجعله يعيش في عالم التّوسعات والغزوات والسبي وما إلى ذلك، وعالم جديد قائم على المواطنة، على المؤسسات، على دولة الحق والقانون.. على أن هناك أمم متحدة، وهناك خريطة شبه قارة بين الدول.
فشتان بين عالم كانت تقف فيه حدود الإمبراطوريات عند المكان الذي يقف فيه آخر جندي في الإمبراطورية، وعالم اليوم الذي فيه حدود دولية متعارف عليها، وفيه دولة وطنية؛ وللآسف فالخطاب الديني لا يؤسس للعقل الذي يجعل المواطن ينتقل إلى عصر الدولة الوطنية بمفاهيمها، وهذا خلل كبير.
ومجمل القول هو أن هذا، إن دل على شيء، فإنما يدل على أننا بدون إصلاح ديني لا يمكننا أن ننجز انتقالا ديمقراطيا حداثيا أمينا.
هل يمكن القول أن نعت الغير بـ”الكافر”، يدخل في إطار حرية التعبير؟
لا أبدا، لأنه يحمل حمولة قدحية، فحتى الخطاب القرآني نفسه عندما كان يصف المسحيين واليهود، كان يصفهم بأنهم “أهل الكتاب” ولهم خصوصيات داخل هذا الإطار.. و”الكفار” كانت تُوجّه بالدّرجة الأولى إلى الوثنيين الذين كانوا يعيشون في منطقة شبه الجزيرة العربية، الذين يعيشون في مكّة وما حولها.
هذا، هو مضمون الخطاب القرآني، فكلمة “الكفار” مُوجّهة إلى قادة قُريش الذين يعيشون في المنطقة، وهي في طيّاتها تحمل مشروعاً سيّاسياً عسكرياً لتدمير سلطتهم، من أجل فتح مكّة؛ إذ أن فتح مكة هي الغاية الأساسية للدعوة المحمدية، هنا بالذات، في آخر المطاف.
وعندما انتهى الفتح، انتهى هذا الخطاب، فبعده لم تنزل أي آية تخص الدعوة إلى القتال أو الجهاد، لأن المعركة الأساسية قد حُسمت.
إذن، فاستعمال مفهوم “الكافر”، اليوم أو استرجاعه هو من قبيل التّحريض على استئناف العنف، بدعوة أن هناك فتح آخر ينتظرنا، غير ذلك الفتح القديم.. وبما أنه يحمل التحريض على العنف والكراهية، فلا يدخل في إطار حرية التعبير، بل إنه ينطوي مغامرات تُهددنا في آخر المطاف، أمنياً وتنموياً، والعبرة نراها في كثير من المجتمعات في محيطينا.
في نظرك ما هو المدخل للتحرير هؤلاء من هاته العقلية التراثية، وجعلهم يفهمون أنهم مواطنون يعيشون في سياق مخالف للسياق الذي أُنتجت فيه مثل تلك “المصطلحات”؟
المدخل الأساسي هو الإصلاح الديني، ويجب أن يكون بشكل واضح وجريء وبعيداً عما يسمى بالتوافقات؛ لأن كثيراً ما تكون التوافقات كاذبة، وتكون على حساب أمن وتنمية البلد.
أولاً، من خلال المناهج الدراسية : يجب إعادة بناء الطرح الديني من جديد، وليس فقط تنقية المواد الدينية التي تُدرس، لأن هذا لا يرقى إلى المستوى المطلوب.
طرحٌ ديني جديد يخدُم غرائز السّمو بدل غرائز الانحطاط، يخدُم قيم العمل بدل قيم التواكل، يخدُم قيم التّعايش بدل قيم الاحتراب، يخدم الانفعالات المدمجة التي تُنمِّي قدرة الإنسان على الحياة بدل الانفعالات التعيسة التي تدمِّر قدرة الإنسان على الحياة.. وبتعبير آخر: لا يجب أن نستنبط من النصّ الديني الأحكام، لأن هذه خطيئة، تُنتج لنا التّطرف، بل يجب أن نستنبط منه القيّم الوجدانية، وعلى رأسها المحبة والحكمة والرحمة.
هذه هي المفاهيم الوجدانية التي يمكن استنباطها وتكريسها في المناهج التعليمية، من خلال الطريقة التي سنتعامل بها مع ما يُسمى بقصص الأنبياء، أو مع مجمل الآيات القرآنية.
ثانياً، من خلال خطب الجمعة: أيضا خُطب الجمعة تحتاج إلى عمل جريء وصريح وواضح، لأننا عندما نشتغل بوضوح فإن مسألة الخلاف تقِل، ولا تزداد إلاّ عندما نشتغل في غموض أو عندما لا نعرف ماذا نريد.
يجب وضع حد للخطاب الذي يكرّس للكراهية، كـ”اللّهم انصرنا على الكافرين”، “اللّهم شتت شملهم”، “اللهم يتيم أطفالهم”، “اللهم رمّل نسائهم”، وما إلى ذلك، كل هذا يجب أن ينتهي، وصناعة خطاب يُكرِّس القيّم الإنسانية، وهذه القيم يمكننا أن نستنبطها من النص الديني، إذا جعلنا مفهوم الرحمة، مثلاً، مفهوما محوريا.
فمثلاً آية “ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، يمكننا أن نبني عليها كل القوانين الجديدة التي تُناسب قيم حقوق الإنسان والقيّم الكونية. بالانطلاق منها لا يمكننا أن نسمح بظلم المرأة في حقوقها، ولا أن نسمح بظلم الآخر غير المسلم في حقوقه، ولا أن نسمح بظلم المختلِف عنا في حقوقه الوطنية، ولا أن نسمح بأدنى قدر من الكره ومن العنف وما إلى ذلك؛ فحينما نجعل الرّحمة قيمة أساسية يمكن أن نستوعب كل الأجيال المتعلقة بحقوق الإنسان.
فالرّحمة لا يمكنها أن تجعلنا نمنع الإجهاض ونحن نعرف الظُّروف المأساوية القاسية التي تُجري فيها العديد من الفتيات الإجهاض؛ الظروف التي لا يقبلها الحس الإنساني في جميع الأحوال. والرّحمة لن تسمح لنا بالتدخل في شؤون الناس الخاصة والتضييق عليهم، ولن تسمح لنا بالتسامح مع الإعدام…
ثالثاً، من خلال الإعلام: فالإعلام يجب أن يلعب دوراً أساسياً في هذا المضمار، ويُكرس لقيّم دينية تحثّ على الرّحمة والحكمة والمحبة والتعايش والتسامح.
من كل هذا، نحتاج إلى جعل الدين يستوعب النُّزعة الإنسانية في آخر المطاف، فنحن لا نحتاج إلى خطاب يهيِّج الغرائز البدائية في الإنسان، ثم ندفع الثمن جميعا.
الاعناق:
كيف تحكم على رافضي ومعارضي الاحتفال بحلول السنة الجديدة بأنهم ضد الفرح؟لماذا لا تناقش ما قاله العلماء القدماء والمعاصرون في مثل هذه القضية؟لما يصر البعض على نعت من يخالف غير المسلمين بأنهم متخلفون ورجعيون وضد الافراح والمسرات؟هل الفرح والسرور لا يتم إلا لمعاقبة الخمر وارتكاب الزنا وباقي الفواحش الاخرى وما أكثرها؟ ألا تعود إلى ما أفتى به كثير من العلماء في هذه المسألة؟ لماذا لا تتوجهون الى المجلس العلمي الأعلى بأخذ رأيه فيها وحسم الامر بصفة رسمية بدل تبادل الاتهامات من كل طرف ضد الآخر؟لماذا لا تعودت إلى ما قاله الامام مالك رحمه الله تعالى في مثل هذه المسألة الذي تدعون الأخذ بمذهبه؟لماذا تختصرون”الحداثة والعصرنة”في تعاطي الخمور والزنا وباقي الفواحش الأخرى وتنعتون معارضيكم بأنهم أناس ضد الفرح والمسرات؟ألا تستقيم”حداثتكم”إلا بارتكاب الفواحش والعمل على نشرها بيننا؟
شكون إللي اشكى عليك وقال اليك بأنهم ضد الفرح والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه ” قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا” الناس ضد الاستيلاب واش الشجرة sapin والطقوس المرافقة لها مجردفرح باستقبال سنة وادباراخرى،
للصديق سؤال واحد لمادا لا يحتفل الطرف الاخر معنا اي الغرب مع المسلمين لمادا الدول الاسلامية تجعل يوم راس السنة الميلادية بيوم عطلة ويهم لا يتخدون راس السنة الهجرية يوم عطلة خير ما اختم اعطي قيمة لنفسك ولدينك الاسلامي