لماذا وإلى أين ؟

خرجة العثماني التلفزيونية الثانية تثير غضب وتخوف المغاربة

يقول المثل العربي “سكت دهرا ونطق كفرا”، ويقول المثل الشعبي المغربي: “بلارج بغا يبوس ولدو عماه”، وهي أمثلة تلخص مضامين اللقاء الإعلامي لرئيس الحكومة؛ الطبيب سعد الدين العثماني، الذي أجراه حصرا مع القناة الأولى المغربية، للحديث عن الحالة الوبائية في المغرب والتصورات المستقبلية للحكومة من أجل الخروج من الأزمة.

فبعدما انتظر المغاربة هذا اللقاء بشغف، زاده لهفة ضغط الحجر الصحي الذي يدخل شهره الثاني، خيب العثماني ظنهم فيه، كالعادة، وأفقدهم أية بارقة أمل عن مغرب ما بعد 20 ماي، وما إن كانوا سيغادرون “سجن” الحجر أم سيتم تمديده لفترة أخرى؟ وذلك لكون الحكومة التي تدبر شؤونهم بنفسها لا تعرف شيئا عن الموضوع ولا تملك له تصورا مستقبليا، حسب ما أفاد به العثماني.

فطوال المدة الزمنية للقاء المذكور، لم يقدم العثماني ولو معلومة أو معطى جديدا، في كل المحاور التي تحدث فيها. ففي الاقتصاد قال إن حكومته لا تملك تصورا جاهزا لكيفية النهوض بالاقتصاد الوطني بعد الخروج من حالة الطوارئ الصحية وهي تدرس السيناريوهات الممكنة، وعن مصير ملايين التلاميذ والتلميذات، وخاصة المقبلين منهم على امتحانات البكالوريا وما يترتب عنها من آفاق مستقبلية، أكد المسؤول الثاني في هرم نظام الحكم المغربي أنه لا يملك إجابة واضحة وصريحة الآن وأنه بصدد التشاور اليومي مع وزير التربية الوطنية بخصوص هذا الموضوع، وسيخبر المغاربة بنتيجة مشاوراته فيما بعد!!

أما وضعية آلاف المغاربة العالقين خارج التراب الوطني، والذين وصل بعضهم إلى حد التشرد، فقد قطع العثماني الشك باليقين حول إمكانية عودتهم للمغرب حاليا، وأكد أنه لا عودة إلى المغرب حتى تفتح الحدود، بمعنى “بلا متحمقوا راسكم راه ماكاين رجوع الآن”.

فلماذا عقد العثماني هذا اللقاء التلفزي إذا؟

في كل البلدان التي اضطرت لاتخاذ إجراءات وتدابير خاصة لمواجهة جائحة كورونا، عندما يخرج مسؤوليها، من الصف الأول أو حتى الثاني، للإعلام، يكون هدفهم تقديم معطيات جديدة لمواطني بلدانهم حول تصورات حكوماتهم لكيفية التعاطي مع القادم من الأيام في زمن كورونا، لكن السيد العثماني أكد على أن هناك دائما استثناء مغربي، وخرج ليزيد الطين بلة ويشعل غضب المغاربة بما قدمه لهم من لا شئ والغموض الذي منحه إياهم.

فبمجرد انتهاء لقاء العثماني مع قناة العرايشي، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك الذي يستعمله ملايين المغاربة، وكان السؤال الذي تبادله الجميع، “أشنو قال العثماني”، أو “علاش دار العثماني هذ اللقاء”، وراحت التعاليق تنهال من كل حذب وصوب، وتفنن النشطاء في تعليقاتهم بألوان وأشكال من السخرية والكوميديا السوداء، وانقلبت خيبة أمل إلى تفكه، تجسيدا للمثل المغربي القائل: “كثرة الهم كضحك”.

عقد العثماني لهذا اللقاء زاد من خيبة أمل المغاربة اتجاه الفاعل السياسي، وهو ما قد يزيد من نسبة العزوف، خاصة ونحن مقبلون على سنة انتخابية. فكيف يمكن اقناع المواطن المغربي بأهمية العملية الانتخابية ودور الفاعل السياسي في تسيير شؤون المواطنين وهو يرى رئيس حكومته، المعين من الحزب الذي حصد أكبر حصة من الأصوات الانتخابية وحاز على 125 مقعدا برلمانيا، لا يملك جوابا لأسئلتهم ويعترف بعدم تملكه لأي تصور حول مستقبلهم الذي تهدد الجائحة بتدميره وتشريدهم، في وقت هم في أمس الحاجة  إلى أجوبة تهز معنوياتهم وتطمئنهم، ولو بشكل مؤقت؟؟

كيف يمكن إقناع مقاطع للانتخابات بضرورة التسجيل في اللوائح والذهاب لصناديق الإقتراع من أجل اختيار ممثليه في البرلمان ومن يسير شؤونه في الحكومة وهو يرى رئيس حكومة لا يملك حتى المعلومة؟

كما أن خروج العثماني بهذا الشكل، يظهر غياب حس رجل الدولة لذا هذا الطبيب القائد، شكلا، لحكومة المغاربة، فلا يمكن لأي رجل دولة حقيقي ومتمرس، أن يخرج في لقاء إعلامي ليقول للمواطنين لا أملك جوابا إلا إن كان هدفه تأجيج الوضع أكثر، وهدم ما تبقى من وسائط بين المؤسسة الملكية والشعب، بدفع المواطن إلى مزيد من فقدان الثقة في كل المؤسسات الوسيطة، من أحزاب ونقابات وغيرها، والتوجه مباشرة إلى المؤسسة الملكية.

اللقاء كشف جانبا آخر وهو أن الأموال التي تصرف على طاقم مستشاري العثماني يمكن اعتبارها هدرا للمال العام، لأنه لا يمكن لأي طاقم محترف من المستشارين أن ينصح العثماني بالخروج للإعلام مادام لا يملك أي جواب.

فكيف سيتم استدراك ما أفسده العثماني وانقاذ ما يمكن إنقاذه من ثقة الشعب في حكومته ومؤسسات بلاده؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

5 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ما شاء الله
المعلق(ة)
8 مايو 2020 20:10

( فبعدما انتظر المغاربة هذا اللقاء بشغف، زاده لهفة ضغط الحجر الصحي الذي يدخل شهره الثاني، خيب العثماني ظنهم فيه) وهل نسي المغاربة مع كامل الاسف عدم احترامهم للحجر الصحي مما زاد الطين بلة في انتشار الوباء واتساع رقعة تفشيه وظهور بؤر متعددة في نواحي المغرب . هل سبب ذلك يرجع الى الحكومة .ان مسؤولية ذلك يتحمله المواطن الذي لم يلتزم مع الاسف اما جهلا او عنادا . رفع الحجر الصحي بيد المواطنين.

سعيد السلاوي
المعلق(ة)
8 مايو 2020 17:48

في الحقيقة لا أعرف لماذا خرج علينا رئيس الحكومة بهذا الحوار على القناة الأولى . فهو لم يأت بجديد يهم البلاد والعباد . كان عليه أن يلتزم بالحجر الكلامي وهو الذي لا يلتزم بالحجر الصحي حيث يرفض وضع الكمامة في حين يريد تكميم أفواه المغاربة بقانونه 22.20 .
السيد العثماني نحترمه كإنسان فهو شخص بسيط لكن كمسؤول حكومي فهو ضعيف جدا .

احمد
المعلق(ة)
8 مايو 2020 17:43

ماهي تصوراتكم. جواب حنا ماكانصوروش.
كيف يمكن ان تتواصل مع من لا يفهم او يتلاعب بالكلمات.

المغربي الوطني
المعلق(ة)
8 مايو 2020 17:28

مادا تريدونه القول بعد 20 ماي نخرجوا ةالحالات لازالت في الارتفاع ستتهمونه كما اتهمتموه في لباس الكمامة.
الواقع يوضح كل شيء بدون الاستماع الى رئبس ادا انخرط الجميع الى التدابير والوعي بالمسؤولية اتجاه التعامل مع الوباء لقال سنخرج قبل 20 ماي الانر ليس بالهين انها مسالة تدبير وجب الحيطة والحدر مع المرض ومع المعاملة معه

مغربي
المعلق(ة)
8 مايو 2020 17:16

فوكاش كانت الحكومة عندها روئية و تحكم في المغرب ؟ من يقبل المشاركة في العبة السياسية فهو يقبل بدور الكركوز او الكومبارس,

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x