لماذا وإلى أين ؟

تنصل لفتيت من قرار العلمي حول المقاهي يكشف اختلالات التدبير الحكومي (فيديو)

كشفت مداخلة وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أمام أعضاء مجلس المستشارين يوم الثلاثاء 2 يونيو الجاري، عن التخبط الذي تعيشه الحكومة المغربية، واللاتنسيق بين أعضائها بخصوص القرارات المتخذة وكيفية تفعيلها على أرض الواقع والرجوع عنها.

ففي المداخلة التي قدمها لفتيت أمام المستشارين البرلمانيين، واستعرض من خلالها حصيلة عمل وزارة الداخلية في مجابهة جائحة كورونا مند تفشيها في المغرب، أكد (لفتيت) أن وزارته لم تُغلق المقاهي والمطاعم بشكل كلي منذ إعلان الحجر، وإنما منعت استقبالهم للزبائن بمحلاتهم وتقديم الخدمات في عين المكان، وسمحت لهم مقابل ذالك بتسليم الطلبات المحمولة وخدمات التوصيل إلى الزبناء.

المثير هو أن كلام لفتيت جاء خمسة أيام فقط على صدور بلاغ وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي يوم 28 ماي الأخير، يسمح “لأرباب المقاهي والمطاعم باستئناف أنشطتهم الخدماتية ابتداء من الجمعة 29 ماي المنصرم، شريطة الاقتصار على تسليم الطلبات المحمولة وخدمات التوصيل إلى الزبناء”. وهو ما قد يفهم منه أن المقاهي والمطاعم كانت مغلقة بقرار إداري، بما في ذلك خدمة تسليم الطلبات المحمولة التي أكد بلاغ وزارة مولاي حفيظ العلمي، أنه بإمكانهم إذا “الآن” استئنافها من جديد. هذا البلاغ أثار استغراب الإعلامي محمد التيجيني في إحدى افتتاحياته التي بين فيها، من خلال تحليل قانوني صرف، أن قرار وزارة التجارة والصناعة قرار غير قانوني، ولا يحترم قاعدة توازي الشكليات، لأن قرار الإغلاق لم يصدر عن هذه الوزارة حتى تصدر هي قرار استئناف النشاط. فقرار الإغلاق الأصلي أصدرته وزارة الداخلية، وتبقى إذا وزارة الداخلية هي الوحيدة المخول لها قانونا بإصدار قرار إعادة الاستئناف.

إلا أن الأمور ستأخذ منحى آخر حينما أجاب الفتيت على هذه الانتقادات وغيرها من التساؤلات التي حملها إليه مستشارون برلمانيون في متابعة لملاحظات التيجيني، حيث رمى (لفتيت) بمسؤولية الإغلاق الكلي والشامل على أصحاب المقاهي والمطاعم، وأكد أن “هم من اختاروا إغلاق محلاتهم طواعية، بعد الرعب الذي انتابهم جراء تفشي فيروس كورونا المستجد بالمغرب”، ليكشف بذالك أن قرار الداخلية الذي يسمح للمقاهي بمواصلة خدمات تسليم الطلبات المحمولة وخدمات التوصيل كان دائما ساريا المفعول منذ الإعلان عن القرارات الأولى المرتبطة بالحجر المتخذة في 16 مارس، وهو التوضيح الذي يثير تساؤلات أخرى أعمق من قضية عدم احترام الشكليات القانونية في اتخاذ القرارات الإدارية للحكومة.

فإذا كان قرار إغلاق المقاهي والمطاعم الصادر يوم 16 مارس لا يشمل خدمات تسليم وتوصيل الطلبات للزبناء، كما أكده وزير الداخلية أمام البرلمان، فلماذا إذا قام وزير الصناعة والتجارة بإصدار بلاغ في يوم 28 ماي ليسمح لأرباب المقاهي والمطاعم بإمكانية استأناف أنشطتهم المتعلقة بالتسليم والتوصيل ابتداء من يوم 29 ماي؟ ألم يكن يعلم وزير التجارة بالإجراءات المتخذة من زميله في الداخلية؟ ولماذا اتخذ الوزير العلمي قرار الاستئناف إذا لم يكن الأمر يستدعي ذالك؟ ولماذا غاب التنسيق بين الزميلين في نفس الحكومة؟ ولماذا تنصل وزير الداخلية من قرار وزير التجارة ونزع عنه المصداقية؟ وهل الأمر يتجاوز ما هو قانوني وشكلي ليكشف ربما حجم التجاذبات والصراعات الحاصلة بين مكونات الحكومة للاستحواذ والتأثير على القرارات؟

وبالرجوع هذه المرة الى بلاغ وزارة الداخلية السالف الذكر الصادر يوم 16 مارس المنصرم، والذي استشهد به لفتيت أمام مجلس المستشارين لإحراج زميله العلمي بطريقة غير مباشرة، فإنه فعلا (البلاغ) يستثني “خدمات توصيل الطلبات للمنازل” من قرار الإغلاق، ولكن فقط للمطاعم، بشكل حصري، دون المقاهي، حيث جاء في ذات البلاغ أنه “في إطار التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لخطر تفشي وباء كورونا المستجد ببلادنا، ومن منطلق المسؤولية والحرص على ضمان الأمن الصحي للمواطنات والمواطنين، تقرر إغلاق المقاهي، والمطاعم، والقاعات السينمائية، والمسارح..في وجه العموم، وحتى إشعار آخر، وذلك انطلاقا من يومه الاثنين 16 مارس 2020 على الساعة السادسة مساء. وأن هذا الإجراء لا يشمل الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنين وكذا المطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل…”. مما يؤكد بوضوح أن قرار الإغلاق جاء هنا بصيغة مطلقة وشاملة لجميع أنشطة المقاهي كيف ما كان نوعها، وبصفة جزئية للمطاعم التي سمح لها دون غيرها بمواصلة توصيل الطلبات للمنازل فقط، دون التسليم للزبناء بمقرات محلاتها، “حتى إشعار آخر”.. ولكن من طرف من؟ متى؟ وكيف؟ ليبقى السؤال مطروحا، أمام هذه اللخبطة الحكومية، من بين لفتيت والعلمي من يكون على صواب؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد بفركان
المعلق(ة)
6 يونيو 2020 17:44

5نفط مستعحلة من اجل انقاد القطاع والقطاعات المرتبيطة به والمحافظة على السلم الاجتماعي والانطلاق السليم للاقتصاد الوطني .
1) فتح حوار جدي ومسؤل من اجل الاتفاق على الخطة التي يمكن ان ننقد بها القطاع وكل القطاعات المرتبطة به.
2)مساعدة القطاع على التعافي . الاعفاء من جميع الضرايب الوطنية والرسومات المحلية لمدة سنتين
3) للحفاظ على مناصب الشغل تقاسم الاعباء الشغيلة من خلال تحمل الدولة جزء من المسؤلية واداء واجبات الضمان الاجتماعي اسواتابحامل الشهادات ادا كان
القطاع ساهم في الايواء والتكوبن والادماج والمواكبة فعل الدولة ان تتحمل جزء من المسولية. بكون شغيلة القطاع جلها تنتمي إلى العالم القروي والى الفئات الاكتر هشاشة ومعرضة للانحراف.
4) توفير السيولة من خلال قروض طويلة الأمد. من اجل اصلاح الالات وتهيئةالفضاءت واداء التركمات جراء الجائحة وتوفير شروط السلامة للجميع
5) قنون منظم للقطاع ودالك للمحافظة على الاستتمارات الكبيرة و التي يتوفر عليها القطاع من خلال
سنى مسافة قنونية بين مقهى ومقهى وايقاف الترخيص الجديدة وحتى تتوفر تكافء الفرص من اجل عدالة جبائية والضريبية

aregrag
المعلق(ة)
6 يونيو 2020 16:17

لفك هذا اللغز بين الطرفين، اصحاب المقاهي لم تغلق ابوابها الا بعد ٳخبارهم ٲو بالٲحرى ٲمرهم بالٳغلاق من طرف ٲعوان السلطة (المقدم)…
ٳذن من المسؤول من فضلكم؟؟؟

عبده
المعلق(ة)
5 يونيو 2020 22:41

المشكل ما شي في الفتيت او العلمي المشكل في من يسير هذه الحكومة يعني ان العثماني خارج التغطية قد لا يوجد ولو تقرير وزاري يوضح للعثماني عن الاجراءات سواء قبل او ابان او بعد كورونا التي سطرته اي وزارة

Abdou
المعلق(ة)
5 يونيو 2020 21:45

حتى ملف العالقين خارج الوطن أصبح كرة كل وزير يرميها للآخر حتى أصبح الملف بدون مسؤول واصبح الملف عالقا مثل العالقين ،لا أحد يتكلم عنه . و الغريب هو ان الوزير يقول في القريب العاجل منذ 3 أشهر ولم يصل هذا القريب العاجل . في الأزمات الحكومة يجب أن تتكلم عن الساعات المقبلة و ليس الاشهر او السنوات المقبلة . بعد كل هذه المعاناة لا شيء يشفي غليل العالقين سوى إقالة كل مسؤول سبب لرعايا صاحب الجلالة في هذه المحنة طوال 3 أشهر . حكومة ملخبطة و تائهة لا تعرف ما تقوم به .ادخلو جزءا من عالقي مليلية و تركوا الباقي ثم جزءا من عالقي سبتة و تركوا الباقي وهكذا مع الكل . لا تقوم باي شيء و اذا بدأت شيئا ما لا تكمله .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x