لماذا وإلى أين ؟

فجر العبقرية المغربية

مدني عبد المجيد*

لقد شكل  تعيين جلالة الملك للجنة الخاصة بالنموذج التنموي حدثا بارزا في مسار النهضة المغربية. وإن دل  ذلك على شيء فإنما يدل على  عمق ومثانة الرؤية الملكية في توظيف الذكاء الجماعي المغربي للنهوض  بالبلد على جميع الأصعدة. إنه فجر جديد سيبزع في أفق التفكير الاستراتيجي المغربي. حيث أن المبتغى الأساسي هو الانتقال من براديغم  الصدام و التشكيك والاحتجاج إلى براديغم  التعاون والاقتراح والمشاركة في  بناء مغرب الغذ. فالنمط الأول من التفكير يقود  إلى الصراعات والعنف والمصائب، بينما يكتسي النمط الثاني طابعا سلميا إصلاحيا مثمرا.

فالمطلوب اليوم من جميع الغيورين على البلد الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية، التي قلما تتاح في الدول، لتقديم مقترحات  من شأنها  أن ترفع من جودة الحياة بالمغرب. فبمشاركتنا هذه اللجنة تطلعاتنا، سنسدي خيرا كثيرا لبلدنا وسنستفيد كذلك من ما سيجود به بعضنا؛ لأنه كلما كانت الاقتراحات كثيرة كلما كانت نسبة الاستفادة الفردية كبيرة. فعندما يقدم أحدنا اقتراحا مفيدا في مجال معين ويتم تفعيل هذا الاقتراح على أرض الواقع، فإن نتائجه الإيجابية ستنعكس على الجميع بدون استثناء.وينبغي علينا أن نتجاوز الأفكار السلبية التي تبخس عمل اللجنة لأن أصحابها عاجزون عن اقتراح حلول عملية.

ما يأسف له أن هناك شبابا متعلما في المغرب وغيور على مصالح البلد، غير أن نظرته للأمور تكاد تكون مثالية ويعقد مقارنات بين بلدنا وبلدان أخرى دون استحضار الخصائص الثقافية والظرفية السياسية التي يمر منها كل بلد على حدة . إن التحدي الذي يقع على عاتقنا اليوم هو كيف نقنع هؤلاء بالتخلي عن نمط التفكير السلبي السياسي. ومن ثم الانخراط في التفكير في حلول واقعية وجادة للمشاكل التي يتخبط فيها البلد وتفعيلها عبر القنوات الرسمية.

ولأن مهمة هذه اللجنة محدودة زمنيا ولغرض التدبير الأمثل للذكاء الجماعي المغربي وضمان استمرارية هذه المسيرة التنموية، أقترح إنشاء مؤسسة وطنية للتدبير الإستراتيجي للذكاء الجماعي المغربي، مثلا قد تحمل كاسم ” الهيئة الملكية العليا للتدبير الإستراتيجي للذكاء الجماعي المغربي”، تكون مهمتها رعاية العبقرية المغربية بالدرجة الأولى ورصد الديناميكة الفكرية للمجتمع في محاولة للتنقيب عن الاقتراحات الجادة والمفيدة للبلد واستيعاب الطاقة الإيجابية الكامنة لغرض تحويلها لمشاريع تنموية.

إضافة إلى استقبال اقتراحات ومشاريع المواطنين  ودراستها لتطوير وتنمية المغرب فاتحة المجال   أمام جميع المغاربة للإبداع والابتكار في جميع المجالات دون حاجة بعضهم إلى اللجوء إلى قنوات أخرى قد تضيق عليهم بسبب الصراعات والمصالح الشخصية؛ أوالذين ظروفهم الاجتماعية لا تسمح لهم بسلك تلك القنوات. وقد تعمل  كذلك على تخصيص جوائز لتشجيع المواطنين على التفكير في ريادة بلدهم قاريا وعالميا.

أو لربما يتم التفكير في إعادة تقييم دور المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية وتوسيع مهامه لتشمل تدبير الذكاء الجماعي المغربي بمنظور جديد يجعل منه مؤسسة رائدة في سبر أغوار الخامات الفكرية المغربية  وخلق الأرضية  الخصبة لتحفيز العبقرية المغربية على أخذ زمام المبادرة والعطاء. والله ولي التوفيق.

*باحث في القانون والترجمة والثقافة 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x