لماذا وإلى أين ؟

بعزيز: الشركات لن تسترجع تبرعاتها في صندوق كورونا (حوار)

أوضح سعيد بعزيز، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أن القراءات التي فسّرت مصادقة البرلمانيين على المادة 247، مجانبة للصواب تماما، ولا تعني أن الشركات التي ساهمت في صندوق تدبير أزمة كورونا ستسترجع أموالها، شارحا أن كل ما في الأمر هو احتسابها ضمن تكاليف الخصم من الضريبة، بعد التعديلات التي لحقت الصيغة الأولى.

وشرح عضو الفريق الإشتراكي بمجلس النواب ، في هذا الحوار مع آشكاين، أنه في سياق تقديم التعديلات، وضعت الفرق والمجموعة 75 تعديلا لدى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، من بينها نسخ التعديل المرتبط بالتكاليف القابلة للخصم، من أجل جعل جميع المساهمين في وضعية متساوية، ولكونها تطوعية، ولعدم افساد التعبئة الوطنية والطابع الإنساني للعملية برمتها.

باعتباركم عضوا في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، كيف جاء التصويت على المحور المرتبط بالمادة 247 المكررة التي أثارت الجدل بين قائل إنها أعادت تبرعات صندوق كورونا إلى الشركات وقائل إنها تشجع على التبرع؟

الأمر لا يعني، كما يعتقد بعض المتتبعين، إرجاع المبالغ المساهم بها من طرف الشركات في الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا – كوفيد 19 لهذه الشركات، بل فقط احتسابها ضمن تكاليف الخصم من الضريبة، فقد تضمن المشروع في صيغته الأولى المحالة على مجلس النواب من طرف الحكومة، الصيغة الآتية:

تعتبر بمثابة تكاليف قابلة للخصم، توزع على عدة سنوات محاسبية:
– المبالغ المدفوعة في شكل مساهمات أو هبات أو وصايا من قبل المنشآت الخاضعة للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل برسم الدخول المهنية أو الفلاحية أو هما معا، المحددة وفق نظام النتيجة الصافية الحقيقية الصافية المبسطة، لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا – كوفيد 19 المحدث بموجب المرسوم رقم 2.20.269 الصادر في 21 من رجب 1441 (16 مارس 2020).
– التكاليف البنيوية الثابتة التي وقع الالتزام بها أو تحملها من قبل المنشآت السالفة الذكر خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي جائحة فيروس كورونا – كوفيد 19 والمرتبطة بتقلص النشاط مقارنة مع القدرة العادية للإنتاج أو التسيير المحددة لسنة 2020.
وهذا المقترح أجمع الجميع على أنه مخالف تماما لمبدأ التضامن المنصوص عليه في الدستور، سيما أن المغرب أعطى الأولوية للإنسان قبل الاقتصاد، والمساهمة استندت على الطواعية والارادة الحرة، ومن غير المقبول اعتمادها كتكاليف قابلة للخصم، كما أن الأشخاص الذاتيين لا حق لهم في استرجاع جزء مما ساهموا به، وفي هذا خرق سافر لمبدأ المساواة بين المواطنات والمواطنين، والعدالة الجبائية، وحاولت الحكومة الدفاع عن مقترحها هذا، بدعوى تضرر الاقتصاد الوطني، وتقهقر مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في التصنيف الدولي بنقطتين إذا لم يعتمد هذا النص، وأن الهدف الأساسي من العملية هو التوزيع على خمس سنوات عوض سنة واحدة حتى لا تؤثر على المالية العامة، وبالتالي التمكن من تخفيف العبء على الميزانية، على اعتبار أن المدونة العامة للضرائب تمكن الأطراف المساهمة من إدراجها ضمن تكاليف الخصم بعض النظر عن وجود هذا النص من عدمه.

 مشروع قانون المالية المعدل صوت عليه بموافقة 74 نائبا ومعارضة 43 نائبا وبدون أي امتناع وليس معارضا واحدا وفق ما يروجه العديد

وفي سياق تقديم التعديلات، وضعت بشأن مشروع القانون هذا، الفرق والمجموعة 75 تعديلا لدى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، من بينها نسخ التعديل المرتبط بالتكاليف القابلة للخصم، من أجل جعل جميع المساهمين في وضعية متساوية، ولكونها تطوعية، ولعدم افساد التعبئة الوطنية والطابع الإنساني للعملية برمتها. وخلال عملية التصويت استجابت الحكومة لهذا التعديل وعلمت على قبوله، ونسخت المادة المذكورة، وبالتالي لم يعد بإمكان الشركات التي ساهمت في الصندوق المذكور، الاستفادة بأثر رجعي من تكاليف الخضم من الضريبة.
وما الذي تقدم به الاتحاد العام لمقاولات المغرب في هذا الشأن، والذي اعتبره البعض أكبر المستفيدين؟
أمام مجلس المستشارين، وفي إطار تعديلات فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، قدم تعديلا يرمي إلى إدخال ما حذفه مجلس النواب، مقترحا اعتماد الصيغة التي جاءت بها الحكومة في المشروع الأصلي، إلا أنه عملت الحكومة واللجنة على وضع تعديل مشترك جاء فيه: “تعتبر بمثابة تكاليف قابلة للخصم، توزع على عدة سنوات محاسبية، المبالغ المدفوعة في شكل مساهمات أو هبات أو وصايا من قبل المنشآت الخاضعة للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل برسم الدخول المهنية أو الفلاحية أو هما معا، المحددة وفق نظام النتيجة الصافية الحقيقية أو نظام النتيجة الصافية المبسطة، لفائدة الدولة”، وصادق عليها مجلس المستشارين.
وفي إطار القراءة الثانية أمام مجلس النواب، أكدت الحكومة فيما يتعلق بتطبيق النص بأثر رجعي، حيث تنص الفقرة الرابعة من الفصل 6 من الدستور على أنه ليس للقانون أثر رجعي، أي أن الأمر يتعلق بمبدأ دستوري لا يمكن المساس به، احتراما لآجال وللمساواة، وفي نفس الوقت تشجيعا على التبرع مستقبلا، خاصة أن بلادنا ماتزال مهددة بالوباء، وهي في حاجة إلى استمرار التبرع، مذكرة أنه في الوضع الحالي الهبات الممنوحة للعديد من هيئات الدولة، قابلة للخصم من الحصيلة الخاضعة للضريبة، كما أن الهبات الممنوحة للدولة تستفيد من الإعفاء من الضريبة على القيمة المُضافة ومن واجبات التسجيل، وبالتالي التأسيس للحق في اعتبار المساهمات والهبات والوصايا الممنوحة لفائدة الدولة ضمن تكاليف الخصم من الضريبة مستقبلا.
وعليه الصيغة المصادق عليها تتضمن إجراء يطبق ابتداء من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية، أي مستقبلا، ويخص مبدأ عام بشأن المساهمات والهبات والوصايا المقدمة لفائدة الدولة. ولا أنسى أن أذكركم أن مشروع قانون المالية المعدل صوت عليه بموافقة 74 نائبا ومعارضة 43 نائبا، وبدون أي امتناع، وليس معارضا واحدا وفق ما يروجه العديد.

 

ما قراءتك لحيثييات وسياقات المصادقة على مشروع قانون المالية المعدل والحديث عن تقليص ميزانيات بعض القطاعات؟

أشير بداية أنه جاء في سياق وطني خاص تطغى عليه الضبابية وتضارب الأرقام والمؤشرات جراء الظرفية الحرجة التي تمر بها البلاد وباقي دول العالم، ويرتبط بالتداعيات السلبية للجائحة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ويهدف إلى الحفاظ على توازن مالية الدولة، وصدقية المعطيات والتوقعات التي تنبني عليها الميزانية، وبلادنا عملت على تعديل قانون ماليتها السنوية مرة واحدة فقط، في وقت عدلت معظم دول العالم قوانينها المالية، بل الأكثر من ذلك هناك من عدلته أربع مرات كفنلندا، وثلاث مرات في فرنسا، ومرتين في اليابان، وباستعجالية قصوى، لم تطاله تعديلات في العديد من البرلمانات.

ويبقى هذا المشروع استمرارا لقانون السنة المالية الجارية مع إعادة النظر في توقعاته بشأن الموارد والنفقات، على ضوء التداعيات السلبية للجائحة، وقد أكدت الحكومة بخصوص صحة تقليص نفقات الاسثتمار بالقطاعات الاجتماعية، أنه لم يتم تقليص نفقات الاستثمار بالقطاعات الاجتماعية، وستتم مواصلة الاستثمارات بنفس الوتيرة، ولن يتم التخلي على أي مشروع جاهز للتنفيذ، فالاستثمارات المبرمجة داخل قطاع التربية الوطنية ستمكن من مواصلة الجهود المبذولة، لتوسيع وتحسين العرض المدرسي بأكثر من مائة مؤسسة تعليمية جديدة خلال الدخول المدرسي لسنة 2020/2021، وأن تقليص النفقات الذي كان في هذا المجال تم بتنسيق مع قطاع التربية الوطنية بشأن مبلغ 877 مليون درهم، تخص تحديدا المشاريع التي تأخرت دراستها التقنية، والتي توجد فيها إشكالات تصفية العقار، ثم المبرمج كمساهمة في حسابات خصوصية تتوفر على الفائض الكافي لإنجاز المشاريع المبرمجة، في حين التعليم العالي قلص 300 مليون درهم بسبب التأخر الحاصل على مستوى انطلاق الأشغال ببعض المشاريع الجديدة المبرمجة برسم السنة المالية الجارية، وهذا التعثر ناتج أساسا على توقف مختلف البرامج والمشاريع لمدة ثلاثة أشهر المتعلقة بالحجر الصحي، وبالتالي فهذه المبالغ لن تصرف كلها هذه السنة، كما لن تصرف المبالغ المتوفرة من السفريات والحفلات والأنشطة المشابهة لها، التي كان بإمكان القطاع تنظيمها لولا الجائحة.

وهذا التدبير الحكومي في نظركم في محله؟

هذا التدبير مقارنة مع التراجع المتوقع للموارد والمحدد حاليا في 40 مليار درهم، يبقى عاديا، بل الأكثر من ذلك اتجهت الحكومة من خلال مشروع قانون المالية المعدل إلى الرفع من استثمارات الميزانية العامة للدولة ب 7,5 مليار درهم من خلال إعادة ترتيب الأولويات على مستوى النفقات.

كما أن التدابير الاستثنائية المرتبطة بمنشور رئيس الحكومة المتعلق بتحيين المقترحات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات، في الشق المتعلق بإحداث المناصب المالية، أوضحت الحكومة أنها تستثني قطاعات الصحة والتعليم والأمن، والتي تمثل أزيد من 90٪‏ من مجموع المناصب المحدثة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x