لماذا وإلى أين ؟

الرباط في الزمان والمكان ومراحل تطور العمران 1150 – 1912 (1)

مختصر كتاب: “مدينة الرباط في القرن التاسع عشر (1818 – 1912)، جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية”، لمؤلفه: د. عبد العزيز الخمليشي.

أصل هذا البحث أطروحة جامعية قدمت للمناقشة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط يوم 11 يوليو 2007، ونال بها المؤلف دكتوراه الدولة في التاريخ بميزة حسن جدا.

قام بتلخيصه، محمد المختار جزوليت*

لقد مر التطور العمراني لمدينة الرباط بثلاث مراحل أساسية:

– المرحلة الأولى وبدايتها النصف الثاني من القرن الثاني عشر: وفيها تم تشييد المدينة للمرة الأولى كمركز استراتيجي للعبور إلى الأندلس قصد مباشرة الجهاد.

– المرحلة الثانية مع بداية القرن 17، وفيها أعيد تشييد المدينة، ثانية من قبل الأندلسيين، لتتحول، بعد ذلك، خلال القرنين 18 و19، إلى عاصمة ثانوية من عواصم المخزن.

– أما المرحلة الثالثة – وهي تخرج عن دائرة اهتمام هذا البحث – فتتعلق بالتشييدات الجديدة التي أنجزت في ظل سلطات الحماية، إثر اتخاذها عاصمة للبلاد.

– المرحلة الأولى:

‌أ- الموضع:

إن أول ما يجب تسجيله أن النواة الأولى لمدينة الرباط – فيما يسمى الآن بقصبة الأوادية – هي جزء من هضبة ترتفع عن سطح البحر من الجهة المشرفة على مصب نهر أبي رقراق بحوالي 33 مترا، ومن خاصية هذا الموضع أنه محصن بأجراف طبيعية إن من جهة الشرق، حيث مصب النهر، أو من جهة الشمال الشرقي حيث البحر، ثم إنه فوق ذلك يستفيد من وجود مرسى طبيعي محمي، مهيأ لاستقبال رسو السفن. كما أن البنية الجيومورفلوجية لهذه الهضبة المتموجة تتميز بعدة خصائص نذكر منها: أنها مكونة من صخور صلبة تفترش طبقة صلصالية غير منفذة للمياه، مما يجعل الماء يتجمع فوقها على شكل فرشة باطنية قريبة من السطح، وهذا ما أتاح للسكان – عن طريق حفر الآبار – توفير حاجياتهم من هذه المادة الحيوية باستمرار، سواء على مستوى الشرب أو سقي بساتينهم.

‌ب- الموقع:

أين كانت تكمن أهمية موقع “الرباط” لما عزم الموحدون على تأسيس مدينتهم في هذا المقر؟

1) كان هذا الموقع يشكل نقطة ربط بين منطقتين غنيتين: سهل الغرب في الشمال، وسهول الشاوية في الجنوب (وهي التي كانت تسمى بمنطقة أو إقليم تامسنا).

2) إذا كان المرور من فاس إلى مراكش أو العكس ابتداء من القرن 11م يتم عبر تادلا، فإنه خلال فترات الأزمات الكبرى، التي كانت تضعف فيها سلطة المخزن وتتمرد تادلا عن سلطته، كان يلزم، من أجل الانتقال من عاصمة إلى أخرى، المرور من الرباط.

‌ج- دلالة الاسم:

لقد كان لهذا الثغر، الذي اتخذ لاحقا لتأسيس المدينة، رصيد تاريخي طويل يعتز به.

لقد برز على مسرح الأحداث السياسية، على الأقل منذ النصف الثاني من القرن 10م، كرباط يقوم بوظيفة الجهاد على حدود أرض الإسلام ضد البرغواطيين الذين ظلوا يقلقون راحة إمارة بني يفرن بسلا وشالة، ودولة المرابطين، والسنوات الأولى من حكم الموحدين.

بيد أن القصبة المسماة بـ (قصبة ابن تاشفين) سرعان ما فقدت هذا الاسم، وأضحت تسمى باسمين آخرين: المهدية في مرحلة أولى، نسبة إلى المهدي ابن تومرت، ورباط الفتح في مرحلة ثانية، وتلك كانت البداية الأولى لتأسيس مدينة الرباط الحالية.

يتبع…

*أستاذ اللغة العربية وآدابها؛ حاصل على الاجازة في اللغة العربية وآدابها؛ حاصل على دبلوم الدراسات المعمقة في الأدب القديم.؛ من مواليد الرباط سنة 1956

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x