2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
القري يسلط الضوء على السينما المغربية والأعمال التلفزية الرمضانية

يحل معنا في فقرة ضيف الأحد هذا الأسبوع “إدريس القري” الناقد السينمائي وأستاذ الفلسفة، وأستاذ متعاون للجماليات البصرية والفنون بكلية الآداب بالرباط وبالمعهد العالي للإعلام والاتصال وبالمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما ، ليتحدث معنا في هذه الفقرة عن أهم القضايا الفنية والإبداعية التي تخص الصناعة السينمائية المغربية، وبعض الجوانب التي تهم مجال الترفيه والتليفزيون المغربي .
بداية آنت كمهتم بالشأن السينمائي والفن المغربي، مؤخرا بدأ بعض المنتجين يأخذون المبادرات لإنتاج أعمال مستقلة دون الاعتماد على دعم الدولة، إلا دعم ما بعد الإنتاج ما رأيك في تداعيات هذه الخطوة على نوعية الأفلام من حيث المواضيع و الكتابة و الإخراج ؟
في البداية أشكر موقع “اشكاين” على اهتمامه بالقضايا الفنية والسينمائية وإتاحته لنا الفرصة للحديث عنها بطريقة نتمنى أن تفيد الجميع، وبالعودة إلى سؤالك ففي جميع تجارب البلدان المتقدمة في هذا المجال، هناك نموذج الإنتاج الخاص الذي يمتلك بالتالي السلطة على العملية السينمائية بكاملها انطلاقا من حس السوق وحماية الربح، لكن مع مراعاة كبيرة للإبداع ولخدمة الوطن وثوابته وقيمه ومكانته في العالم، وهنا نسوق النموذج الأمريكي بالطبع، وهناك النموذج السوفياتي والصيني اللذان انعدم أحدهما وتطور الثاني ولكنهما معا تضعان السينما بموضع القطاع الاستراتيجي، كالنموذج الأمريكي، لكن بمنظور تسويقي وثقافي وسياسي مختلف شكلا وحساسية إبداعية مع الإرتباك في الحالتين بنفس الأهداف، ألا وهي الرقي بالبلد ولو بتمجيد الدولة ورموزها وقيمها مع هامش نقد لاذع أحيانا حيث توجد الديموقراطية والحريات العامة مصونة أما في بلدنا فهناك بالطبع حدود وخطوط تتمثل في القانون الجاري به العمل كاحترام الدستور والمقدسات التي يحميها، وهناك وهذا هو الأهم، قيم العامة وحساسيتها وانفعالاتها وعقليتها غير الناضجة حداثيا، والتي تسبب خروقات كبيرة أحيانا للحريات اليومية والإبداعية والأمثلة كثيرة يجتمع في تفعيلها أحيانا ما مثقفون وسياسيون بل وحتى ومسؤولون.
أنت كمختص بالشأن السينمائي ماذا ينقص السينما المغربية في نظرك، لماذا يدور النقاش دائما حول الإنتاج والقاعات والممثلين ؟
إذا نظرنا للأمر بنظرة نفعية موضوعية يعني وضعها في إطار البنية الثقافية والتنموية المغربية ، سيتأكد لنا أن السينما ليست طرفا ثانويا وإنما هي جزء من التنمية كقضية أساسية استراتيجيا، في هذه الحالة يمكننا الحديث عن إصلاح السينما، وفي نظري وخبرتي التي تجاوزت أكثر من 35 سنة فإن السينما المغربية تحتاج بالدرجة الأولى إلى شبكة قاعات، التي تعتبر العمود الفقري لأي صناعة سينمائية في العالم، لأن ذلك يعني أن هذه الصناعة لن تبقى خارج وضيفتها الاجتماعية والثقافية، ليس لصالح القطاع فقط وإنما أيضا لصالح الدبلوماسية الموازية التي تسوق صورة المغرب الحداثي الديموقراطي الجديد، كما سيكون لهذا الأمر تداعيات ايجابية على المدخول العام للسينما من حيث الإيرادات، ويمكن أن يؤدي ذلك بالقطع بصفة نهائية مع دعم الدولة، ويمكن أن يترتب عنه استقلالية أكثر وحرية أكثر، وبالتالي فإن كل الأسئلة المطروحة حول النهوض بالقطاع السينمائي هي أسئلة تجزيئية مفتعلة غير حقيقية في غياب شبكة وطنية لعرض الفيلم المغربي لتحقيق رواجه ومردوديته المادية.
هناك من يقول أن السينما المغربية تعيش أزمة موضوعاتية أيضا في الكتابة ؟ ما رأيك ؟
لا أعتقد ذلك الأمر صعب جدا للحسم في الموضوع، لأنه لحد الآن الأسس التي تجعلنا نقيم ماذا يوجد الآن على مستوى الكتابة غير متوفرة بتاتا، أولا ليس هناك ترويجا للفيلم المغربي، وليس هناك معاهد للتكوين نهائيا، وليس هناك شريحة من المهنيين المتخصصين الذين يشتغلون طوال السنة، فتجد سناريست يكتب فيلما وحيدا في ظرف ثلاث سنوات، هذا إذا وجدت له الفرصة، فنحن لدينا ظاهرة غريبة في المغرب نجد الممثل هو المخرج هو كاتب السيناريو وهو كل شيئ، وهذه في نظري ظاهرة مرضية غير طبيعية، وإذا وجدها البعض ضاهرة طبيعية فإنها تخص الكبار والعمالقة في حالات استثنائية فقط، لكن في السينما العادية فالكل له مهمته الخاصة .
دعنا نعرج قليلا إلى التليفزيون ونحن على أبواب شهر رمضان، ما رأيك في ما يقال حول الأعمال الرمضانية ؟ وهل الأعمال الموسمية تخدم المشاهد المغربي في نظرك؟
عندما نتحدث عن التليفزيون نتحدث عن العمود الفقري للإعلام وهذا الأخير إذا غابت فيه أسسه التي وجد من أجلها والمتمثلة في الإخبار والتثقيف والترفيه، غاب الإعلام بصفة نهائية عن دوره الحقيقي، والأعمال التليفزيونية الرمضانية بجميع أنواعها يفترض فيها أن تكون أقوى مناسبة في السنة للرفع من الذوق العام، وتمرير الرسائل الحضارية والتثقيفية الكبرى، بالإضافة إلى التسلية ، لكن التليفزيون المغربي لن تجد فيه إلا القليل من هذه المباديء التي ذكرناها وإذا طرحت أسئلة بخصوص وجودها من عدمها يصعب كثيرا إيجاد أجوبة لها،
لماذا لا نجد أجوبة، ما السبب في نظرك ؟
الأسباب كثيرة ومتعددة، وأنا صراحة لا ألوم الممثلين والمهنيين ولا حتى المدبرين جميعهم ولا حتى أصحاب المال المستثمرين فيما لا يعرفون قيمته وخطورته لأن القانون فرضهم لأسباب مالية صرفة ، وعلى رأس تلك الأسباب هو وضع التلفيزيون نفسه، الجميع الآن يقر بتأزم وضع التليفزيون المغربي ماديا وتدبيريا ، خصوصا في ما يتعلق بمعايير الإشتغال في الهيئات المسئولة عن اختيار الأعمال، وإمكانيات التمويل، واستقلالية التليفزيون دستوريا عن السلطة التنفيذية والسلطات الأخرى، ومعايير إسناد المسؤوليات، كل هذا ونريد أن يقدم لنا منتوج في المستوى، فذلك غير ممكن لأن فاقد الشيء لا يعطيه، مع الإشارة إلى أن بعض الأعمال في المستوى لكنها قليلة، ولكن الطريقة التي تقبل بها بعض طلبات العروض، والضمانات المالية الصعبة التي تعرض على المبدعين هي كلها أشياء تجعل من التليفزيون المغربي يقدم أعمالا ليست في المستوى المطلوب .
كلمة أخيرة ؟
شكرا جزيلا لكم على هذه الالتفافة ونتمنى أن نكون قد ألقينا الضوء على بعض القضايا التي الفنية التي تهم قرائكم شكرا لكم جميعا .
.