2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

الصكوعة.. المداويخ.. الفلالس.. تسمية أطلقها زعيم حزب “العدالة والتنمية” عبد الإله بنكيران على ما عرف بـ”الكتائب الالكترونية”، التابعة لحزبه، والتي كان لها دور فعال في حسم نتيجة استحقاقات 2016 لصالح “المصباح”، من خلال التأثير الذي لعبته في توجيه الرأي العام.
من هم المؤثرون؟
شهدت علاقة المغاربة بمنصات التواصل الاجتماعي، وبخاصة الفيسبوك، تحولا جذريا أواخر سنة 2010 وبداية 2011، مع اندلاع ما سمي بـ”الربيع العربي”، وبروز حركة 20 فبراير بالمغرب من خلال دعوات افتراضية بشبكة التواصل الاجتماعي، وظهر حينها عدد من الأسماء الذين أصبح لهم تأثير من خلال حضورهم بوسائط التواصل الاجتماعي، منهم من له انتماء حزبي وآخرون وجودوا أنفسهم في الواجهة من خلال حضورهم بوسائط التواصل الاجتماعي، وهم من أصبح يطلق عليهم “المؤثرون”.
هذا التحول في الدور الذي أصبحت تلعبه شبكات التواصل، تم التقاطه بسرعة من طرف حزب العدالة والتنمية، وعمل على توظيفه واستعماله لتصريف البروبغاندا السياسية لحزبه عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الافتراضية، من خلال أساليب جديدة للدعاية ومواجهة خصومه (الحزب)، وذلك عبر مجموعات أطلق عليها تسمية “الكتائب الالكترونية”.
تقارير إعلامية تحدثت عن تخصيص الحزب سنة 2016 ميزانية تقدر بمليار و200 مليون لتوظيف عشرات الشباب ضمن هذه الكتائب التي خصصت لها مقرات رسمية تابعة للحزب أو بعض أذرعه الأخرى، وهي المعطيات التي لم يكذبها الحزب رسميا.
بل الأكثر من ذلك، عمل عبد الإله بنكيران حينما كان رئيسا للحكومة وأمينا عاما لحزب “المصباح” على عقد لقاء تواصلي بعدد ممن وصفوا حينها بنشطاء فيسبوكيين، واستقبل إحداهن بعقر داره، في وقت كانت فيه حديث الرأي العام بسبب متابعتها قضائيا.
الدعم المادي والمعنوي لـ”الكتائب الإلكتورنية”، واستعمالها كأدوات في الحرب السياسية، جعلت خصوم البيجيدي يفكرون في الرد عليه بنفس سلاحه، ونشطت سوق الاستقطابات واشتدت حرب الصفحات حتى أصبح البيجيدي يشكو استهدافه وقيادييه من نار فيسبوكيين كان أول من صب عليها وقودا للاشتعال أكثر.
الاصطدام
سرعان ما تحول استعمال البيجيدي وقيادييه لـ”الكتائب الالكترونية” من الحرب الخارجية إلى تصفية الحسابات الداخلية، وخاصة خلال فترة الانتخابات ومرحلة تشكيل الحكومة الثانية التي يقودها ذات الحزب. فكان الاصطدام الأول بين بنكيران وكتائب حزبه بعد هجومهم على مرّشحة باسمه (البيجيدي) في الانتخابات الأخيرة بدعوى عدم ارتدائها الحجاب، ليسميهم حينها بـ”الصكوعة”، وامتد الشد والجدب بين الطرفين ليصل حد مطالبة بنكيران المشرفين على هذه الصفحات على الفيسبوك بـ” التوقف حالا عن هذه الأمور التي يروجون لها”، بعدما اعتبر أن” كل ما يُكتب في هذه الصفحات يستغل أسوأ استغلال ضد حزبهم”.
المؤثرون الجدد
مباشرة بعد استحقاقات السابع من أكتوبر 2016، وما تلاها من بلوكاج، استوعب الكثيرون الدرس، سياسيون ورسميون، فعملوا على ملء الفراغ بمنصات التواصل الاجتماعي ومزاحمة كتائب البيجيدي في الاستحواذ على هذه المنصات، فظهرت مجموعة وصفحات، نسب بعضها لأحزاب بعينها، وأطلق على إحداها تسمية “الذباب الإلكتروني”، ومن أدوارها “توجيه النقاش في القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام”.
إلى جانب الصفحات الجديد بمختلف تسمياتها، برزت مجموعة من الأسماء (لا يسمح المجال بذكرهم كلهم) لها آلاف من المتتبعين، وأصبحت منشوراتها على الفيسبوك تحديدا تحظى بآلاف الإعجابات ومئات المشاركات، تحدثوا عبرها في كل المجالات من رياضة وفن ومجتمع لكن أصبح تخصصهم المشهد السياسي الحزبي بالمغرب.
المؤثرون الجدد، وجهوا سهام نقذهم لحزب العدالة والتنمية وممارسة أعضائه بالحكومة والبرلمان وحاصروه بتساؤلات أحرجته في عدد من المناسبات، حتى خرج عدد من قيادييه ليشتكوا من استهداف جهات لهم باستعمال هؤلاء “المؤثرين”، وتحدث عن تلقيهم مقابلا لتدويناتهم المهاجمة له. وهو الحزب القائد للحكومة وتحت يده العديد من مصادر المعلومة، وبالتالي أن ينطق باتهام مثل هذا ومن داخل مؤسسة البرلمان فهو أمر غير بسيط، ووجبت معه “الحجة على من ادعى والبينة على من أنكر، ومن لا يقدم حجه على ادعائه لا يطالب غيره في تقديم تبيان لأسباب الرفض”.
وصول البيجدي إلى مستوى توجيه تهم بالاسترزاق لعدد من نشطاء منصات التواصل بالمغرب، له تفسير واحد، هو أن نار هؤلاء بدأت تحرقه لأنه يعلم علم اليقين فتك هذا السلاح في التذمير، فهو من أشرف على صنعه قبل أن يستعمل في ذبحه.
الخلاصة
إن تأثير منصات التواصل الاجتماعي على حياة المجتمعات الحالية واقع لا محيد عنه، وهذه المنصات باختلافها سلاح ذو حدين، بها يمكن صنع رأي عام واع بذاته ولذاته، أو غوغائية تابعة ومستعملة في حرب المواقع والمصالح. والخطر كل الخطر يكمن في الغوغائية، وليس الانتقادات الواعية.
التكنولوجيا الحديثة الخاصة بالتواصل أصبحت واقعا لا محيد عنها،ما يميزها عن مؤسسات التواصل التقليدية ،انها أصبحت في ملك الجميع ولا أحد يستطيع امتلاكها بمفرده دون غيره،ولا أحد يستطيع توجيهها ما لم يكن التوجيه مقبولا ومرحب به .
إنه السلاح الوحيد الذي يستطيع به المجتمع ردع الحزب الذي يسوق الوهم للمغاربة طيلة 9 سنوات متتالية هو وشركاءه في اللعبة الذين أوصلو البلاد إلى الدرك الأسفل في سلم التنمية الاجتماعية حسب إحصائيات الأمم المتحدة وغيرها من معاهد الإحصاء العالمية