2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بنقدور: نحن لم ندعُ للمقاطعة ومواقع التواصل الاجتماعي فرضت نفسها

بعدما كانت نقاشا فيسبوكيا، أصبحت حملة مقاطعة منتوجات استهلاكية نقاشا مجتمعيا، تشارك فيه كل أطياف المجتمع، خاصة وأن هذه الحملة ترفع شعار: “الحد من الزيادة في الأسعار”، وذلك على بعد أيام من شهر رمضان الذي يعرف استهلاكا كبيرا للمنتجات الغدائية، ويكثر فيه الطلب على العديد منها.
في هذا السياق، استضافت الجريدة الإلكترونية “آشكاين”، في ركن “ضيف السبت” لهذا الأسبوع، محمد بنقدور، رئيس “الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب”، وحاورته حول حملة مقاطعة منتوجات استهلاكية، وكيفية تفاعل جمعيتهم معها، وآثار هذه الحملة على المستهلك، بالإضافة لمواضيع أخرى.
بداية، كيف ترون حملة مقاطعة منتجات استهلاكية؟
أولا شكرا لـ”آشكاين”، على الاستضافة وطرح هذا الموضوع الحساس للنقاش، في البداية، كما تعلمون، فالقانون رقم 31.08 الذي ينظم عمل الجمعية النشيطة في مجال حماية المستهلك، بالإضافة إلى ظهير 1958، ونحن كجمعية نحتكم أساسا للحقوق الأساسية للمستهلك ومن بينها حق الإختيار، انطلاقا من هذا الحق الأساسي نعتبر أن الجمعيات مطالبة بإعطاء المعلومات الحقيقية حول المنتوج ولكن للمستهلك حق الاختيار ، بمعنى أن يقاطعه أو لا فهذا شأن بينه وبين المورد.
فعلا، نحن لم ندعُ للمقاطعة كمؤسسة، ومواقع التواصل الاجتماعي فرضت نفسها، وعبرها تتشكل مجموعات من الناس بدون الحاجة إلى قانون ينظمها وكان لها تأثير على الساحة، بحيث أنه يمكن التعامل والتفاعل معها.
ومن جهة أخرى، فالحملات يجب التعامل معها بحذر واحترام، لأننا نعتبر أن المقاطعة أسلوب حضاري يعبر على مستوى من الوعي، ويجب أن يكون تعاملنا وتفاعلنا معها بأسلوب حضاري كذلك، بدون سب وشتم وتوجيه اتهامات، وذلك في إطار الحفاظ على كرامة المستهلك التي يجب الدفاع عنها.
هل تعتقدون أن المستهلك بمثل هذه الأشكال الاحتجاجية تجاوز الجمعيات المفروض فيها لعب هذا الدور وحمايته؟
أولا: الجمعيات لها قانون ينظمها ويضبطها ولا يمكنها القيام بأي شيء والإقدام على أي تصرف.
ثانيا: جمعيات حماية المستهلك لا تغطي كل المغرب وليس كل المغاربة منخرطين فيها، وما تقوم به لا يلزم الجميع، ومن جهة أخرى فنحن نعيش تحولا مجتمعيا تلعب فيه مواقع التواصل دورا مهما، وتأثيرا في عدد من المجالات، كما حدث في انتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة الامريكية. ويجب أن نعي أنه لا الأحزاب السياسية ولا النقابات ولا الجمعيات يؤطرون كل المواطنين، ومواقع التواصل الاجتماعي وسيلة سهلة وأصبح يُتعامل معها بسهولة ومرونة، وبالتالي لا أعتقد أن ما يطلق عبرها تجاوز للجمعيات أو لا…
(مقاطعا…) وهل قامت هذه الجمعيات بالأدوار المنوطة بها لحماية المستهلك من الأشياء التي دفعته للاحتجاج عبر هذا الشكل؟
نحن كجمعيات نلاحظ، ولكن لا نراقب، وحتى الحكومة لا تراقب، وإنما فقط تلاحظ، لأن هناك بعض المسؤولين يصرحون بأن هناك مراقبة الأسعار، أبدا، هناك مراقبة إشهار الأسعار فقط، فمنذ صدور قانون 06.99 سنة 2000، الأثمنة أصبحت محررة، باستثناء أربع منتوجات، ومن دونها فللمورد الحق في بيع سلعته بالثمن الذي يريد، شريطة إشهار سعر البيع. والاشكال اليوم يكمن في ارتفاع مؤشر الأثمان مقارنة مع القدرة الشرائية في المغرب، وهذا أمر معروف وأكدته المندوبية السامية للتخطيط..
وفي نفس السياق، فقبل تحرير الوقود نبهنا إلى خطورة هذه العملية، لكون أي تلاعب بأثمنة المحروقات سيؤدي لإرتفاع أسعار مجموعة من المواد، لأن هذه المادة مرتبطة بمجموعة من القطاعات، وهذا ما لاحظناه بعد تحرير الأسعار، كما طالبنا بتفعيل مجلس المنافسة، لأن المنافسة الشريفة عبر العالم أدت إلى انخفاظ الأثمنة وارتفاع الجودة، أما أن يتم التفاهم بين الفاعلين في القطاع عبر جمعيات لمنتجي أو موزعي المحروقات والتوافق حول أثمنة البيع، فهذا أمر يعاقب عليه القانون، لكونه يعتبر تفاهما، والمؤسسة المخول لها مراقبة المنافسة ومعرفة ما إذا كان تفاهما أو تنافسا، هي المجلس الأعلى للمنافسة الذي يجب تفعيله، ولا يحق لأية مؤسسة أخرى أن تقوم بهذا الدور.
هل يمكن استثمار ضغط مثل هذه الحملات لمطالبة الحكومة بإقرار قوانين وآليات تحمي المستهلك أكثر؟
الحكومة يجب أن تتفاعل تلقائيا مع الشارع، ونحن منذ سنوات نطالب بتفعيل المجلس الأعلى للمنافسة، وخلق المجلس الأعلى للاستهلاك، لأنه هو من يضع استراتيجية الاستهلاك، وكذا خلق وكالة مستقلة للمراقبة من أجل مراقبة جودة الأثمنة، وهذه المطالب الثلاثة هي قانونية يجب فقط تفعيلها.
وبخصوص ارتفاع الأسعار، فالعديد من المنتجات ترتفع أثمنتها بسبب الوسطاء، وهؤلاء يجب أن يوضع لهم حد، فمثلا الفلاح يبيع الطماطم بدرهمين في حين تصل للمستهلك بـ6 دراهم، والسبب في ذلك هو الوسيط الجالس بسوق الجملة.
كما أن هناك أسعارا أخرى تتفاعل مع الأسواق الدولية، وبالتالي عندما يرتفع سعرها ترتفع الأثمان وعندما ينزل السعر دوليا تنخفظ الأثمان، وهذا أمر لم نلاحظه في المغرب، حيث ترتفع الأثمان بارتفاع سعره عالميا ولا تنخفظ بانخفاضه.
هل ستؤثر الحملة على أسعار المواد الاستهلاكية خلال شهر رمضان؟
عندما لا يكون هناك إقبال على منتوج معين من المفروض أن تنخفظ أثمنته، طبقا لقانون السوق، وبالتالي ستعرف المنتوجات انخفاضا في الأثمنة، وأنا لا أشك في ذلك، فكما كان لأحداث الربيع العربي انعكاسات ونتائج فبالتأكيد سيكون لهذه الحملة انعكاسات ونتائج، وعلى الحكومة والمسؤولين الانصات والتفاعل الإيجابي معها.