2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
معنينو: يجب ألا نسقط في فخ أعداء الوحدة الترابية (حوار)

بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وإعلان استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية، تباينت الآراء في صفوف المواطنين المغاربة، ما بين منوه بكسب رهان ملف الصحراء، والسعي في الحسم الإيجابي بشأنه، وما بين رافض لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومستفسرا عن مستقبل العلاقة بين المغرب وفلسطين.
وفي هذا السياق، حاورت “آشكاين” محمد الصديق معنينو، صحافي مغربي سابق في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ومسؤول سابق بوزارة الاتصال في المغرب، عمل على تغطية عدد كبير من مؤتمرات القمة العربية والإسلامية والإفريقية داخل المغرب وخارجه، حاصل على عدد من الأوسمة من بينها وسام المسيرة الخضراء، وله عدد من المؤلفات كسلسلة أيام زمان، التي يستحضر فيها وقائع وأحداث عاشها المغرب وكان شاهدا على مختلف فصولها.
نص الحوار:
ما هو تفسيركم لكون أن المغرب يضع ملف الصحراء المغربية في نفس مرتبة الملف الفلسطيني؟
هذا موقف مغربي شعبي يعود لعشرات السنين حيث أن المغرب هو أبعد دولة عربية بالنسبة لفلسطين من الناحية الجغرافية، ولكنه ظل قريبا دائما من الملف، ونتذكر مواقف المغرب في عهد الملك الحسن الثاني رحمه الله،
في مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في سنة 1974 بالرباط، تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وهذا لم يكن ممكنا قبل هذا التاريخ وقبل هذا المؤتمر، نظرا لاعتبارات محلية ولتضارب الدول العربية في تلك المنطقة لأسباب سياسية داخلية، كانت القضية الفلسطينية تُستغل فيها، وكانت عددا من الدول تتكلم باسم الفلسطينيين، إذن منذ ذلك التاريخ ظل المغرب حاضرا ومتواجدا في الملف الفلسطيني.
وفي عهد الملك محمد السادس، ظلت الاستمرارية في اعتبار القضية الفلسطينية قضية وطنية أساسية حولها إجماع وعندما كنا نتحدث عن استرجاع الصحراء في أندية دولية وإقليمية كنا نُقرن ذلك بقضية استرجاع الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة ولبناء دولته فوق أرضه.
ما تعليقكم على من يقول أن المغرب سعى لكسب رهان ملف الصحراء المغربية عبر مقايضته بملف القضية الفلسطينية؟
يجب ألا نسقط في فخ أعداء الوحدة الترابية، لأنهم يحاولون إبعاد الإنجاز التاريخي العظيم الذي حققه المغرب، وأن يظل النقاش بيننا حول هذه القضية.
أولا، إن اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء هو الذي كون الحدث، وهو الجديد في هذه القضية، وهو الانتصار الكبير للمغرب في هذه الملفات، فلا بد إذن أن نُبرز هذا بكثير من الافتخار، لأن الملك المغربي فاوض بحكمة وبحنكة واستطاع أن يصل إلى ما وصلت إليه العلاقات المغربية الأمريكية من اعتراف بمغربية الصحراء، وقرارها بفتح قنصلية في مدينة الداخلة، وقرارها بالمساهمة ماليا وتقنيا وتكنولوجيا في تطوير المغرب، فهذا هو المهم، إذن فليقولو ما يريدون، نحن دولة ديمقراطية ونعرف أن هذا سيُحرج الكثير من أصدقائنا ومن خصومنا.
بدلا من إبراز أن المغرب حقق تطورا استراتيجيا في المنطقة، يحاولون القول هل الأمر تطبيعا أو مقايضة.. هذه مسائل بسيطة لا ينبغي أن نتوقف عندها كثيرا، فالمغرب قال صراحة أنا مع القضية الفلسطينية، والملك فور انتهائه من مكالمته مع الرئيس الأمريكي، قام بالاتصال بالرئيس الفلسطيني وأخبره بما جرى وبما حدث، وأكد له أن المغرب مع الدولتين في المنطقة، دولة فلسطينية مع كل الضمانات، ودولة إسرائيلية، وأن القدس يجب أن يكون مقرا للسلام، والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
إذن المغرب لم يقايض، ومسألة فتح الخطوط الجوية بين المغرب وإسرائيل كان معمولا به، في السنة الماضية 70 ألفا من الإسرائيليين زاروا المغرب، إذا هذا الأمر ليس بالجديد، وليس تطبيعا.
هناك جالية كثيرة في إسرائيل وهذه الجالية عاشت في المغرب منذ قبل الفتح الإسلامي، وكانوا في كل من المدن والقرى والمداشر، وكان فيهم أغنياء وفقراء ومتسولون وعلماء في الدين اليهودي، هؤلاء عاشوا إلى جانب المسلمين في المجتمع المغربي، ومن مهام أمير المؤمنين أن يحرص على أن يظل الناس الذين يعيشون تحت إمرته أن يتحلوا بكل حريتهم.
أتذكر كذلك عدد من اليهود من كبار العلماء والمفكرين والكتاب الذين عاشوا ودفنوا في المغرب، ونتذكر موقف الملك الراحل محمد الخامس، الذي قال لألمانيا النازية لا، وهي كانت تحتل فرنسا وفرنسا كانت تحتل المغرب، ورفض أن يقدم اليهود المغاربة كما فعلت ذلك فرنسا وكما فعلت ذلك الدول الأوربية حيث قدموهم ضحية للحكم الفاشي في ألمانيا.
وعلينا أن نذكر كذلك على أنه في أول حكومة مغربية بعد الاستقلال، كان فيها وزيرا يهوديا، وكان هناك مستشار للملك يهوديا، والإخوان في المشرق لا يفهمون هذا التاريخ، ولا يستوعبون أن نقول نحن في المغرب أن هؤلاء مغاربة.
طيب، ما تعليقكم على ما أعلنته وسائل إعلام إسرائيلية عن نية وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي تغيير مناهج دراسية لتشمل التراث والتاريخ اليهودي؟
هذا أولا مشروع لم يُعلن عنه رسميا، وهي مجرد إشاعة إذن، غير أننا علينا أن نعلم أن الدستور المغربي في مقدمته، ذكر أن من بين الروافد التي تُكون الشخصية المغربية هناك العِبرية.
كيف عاينتم قرار السلطات المغربية، يوم أمس، توقيف وقفة احتجاجية مناهضة لتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل؟
نحن الآن في بلد ديمقراطي، أنا عشت في فترة كانت فيها كلمة مظاهرة ممنوعة، بمجرد نطقها تاكل العصا، وليس فقط المشي فيها. في مدينة الرباط كل يوم هناك مظاهرة اليوم، فأصبح الأمر شيئا عاديا.
لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار عدد من المعطيات التي قد تكون هي السبب في كون السلطات قامت بفض الوقفة الاحتجاجية، يوم أمس، أولا هناك مرض نئن منه، وهناك تزايد يومي في عدد المصابين به، وهناك نوعية من المظاهرات نعرف كيف تبدأ لكن لا نعرف كيف تنتهي، وربما كانت هناك معلومات كون أن بعض الأشخاص كانوا يريدون استفزاز الأمن، والدخول معه في عراك، الشيء الذي كان سيخدش الوجه الديمقراطي.
لكن من هذه المظاهرة التي مُنعت يجب أن نأخذ صورة وهي مهمة جدا، لمغربي يهودي يتظاهر ضد فتح مكتب يهودي في الرباط، هذا الأمر لا توجد في أي مكان في العالم.
شكرا لكم على هذا الحوار وعلى ما يحتويه من كلام دبلوماسي لا يخدش احدا ويعطي نظرة وصورة على الاحداث.
المرجو الاستمرار في هكذا نماذج وايضا المرجو الابتعاد على من هب ودب.