لماذا وإلى أين ؟

رسالة مباشرة إلى “السلفي الشامت” في حق الراحل الغماري

مصطفى طه
قال الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، اعلم أنه ينبغي لكل مكلف، ان يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح، إلى حرام أو مكروه، وذلك كثيرا في العادة والسلامة لا يعدلها شيء.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت” (متفق عليه) وهذا صريح أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان خيرا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة، فلا يتكلم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله غليه وسلم: “لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا” رواه أحمد والبخاري والنسائي.

وعن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا” رواه أحمد والنسائي.

وقد أخرج أبو داود والترمذي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساوئهم”.

وذكر الفيلسوف أرتور شوبنهاور، الشماتة كأشر ذنب في الشعور الإنساني قائلا: “إن تشعر بالحسد هو أمر إنساني، أن تستمتع بالشماتة هو أمر شيطاني”.

هذا مدخل لمقالتي هاته، والتي أبعث من خلالها، رسالة مباشرة إلى أحد النشطاء السلفيين، المسمى “عمر الحدوشي”، الذي وجد في وفاة الراحل الصحفي المتميز، صلاح الدين الغماري، فرصة لتصفية خلافاته الأيديولوجية، حيث نشر تدوينة خبيثة برائحة “الشماتة”، هذا “السلفي” الذي استفاد من عفو ملكي، بعد أن جرت إدانته في قضايا لها علاقة بالإرهاب، قال: (مات صلاح الدين الغماري اللهم لا شماتة في الموت)، مضيفا في نفس الوقت: (كم أشاع من إفك وعهر وافتراء علينا وعلى المسلمين)، متسائلا في حديثه البائس: (هل تنفعه قناة الصرف الصحي؟) حسب تعبيره.

صلة بالموضوع، فخطاب مثل هذا السلفي في بلادنا، يكتسي بين الحين والآخر، طابعا حادا يخرجه عن اللياقة، التي يقتضيها التسليم في التسامح والاعتدال والوسطية، والتشبع بثقافة الطيبة والأخلاق، ويلقي به في أتون ضيقة، تسيء إلى الإسلام والمسلمين، ويبدو أن هذه الخرجات المجانية، تزداد هرجا ومرجا، لأهداف شيطانية.

هذا الخطاب السلبي، المنتهج من طرف المسمى “الحدوشي”، والذي نرى ظلاله القاتمة، تنعكس على السلفيين في المغرب، محركها الرئيسي، هو غياب الوعي والتسامح والاعتدال، لكن المعني بالأمر، لا يريد أن يرى هذه الحقيقة في المرآة، ويصر على أن يدفن رأسه في الرمال، منتهجا إما مقاربة الكراهية، أو ملتجئا إلى الأسلوب الشيطاني، للشماتة في الموتى، مع أن بعض السلفيين وعلى رأسهم الشخص “الشامت”، يدرك جيدا، أن كل هذه الخرجات الخسيسة، محركها الأساسي، هو هذا الإحساس الخبيث.

يعني ذلك، بوضوح وشفافية، أن “الشماتة” حقد ومرض سيء خبيث، لو أصيب به الشخص أتعبه، ثم أهلكه، والشماتة تبدأ من الكراهية الشديدة، ثم تتحول إلى عداوة دفينة في القلب، وآخر مراحلها هو الرغبة بالانتقام، وإنزال السوء بمن يكرهه الشامت، والشماتة حمل ثقيل، تتعب حاملها، لماذا؟ لأنه دائما مشغول الفكر، غير مرتاح البال، دائما يفكر، يبحث عن الكلمات التي يخرجها، لكي تزعج الشخص الذي يحقد عليه، دائما يحاول أن يناله بسوء، لذا هو دائما في قلق.

وإن هناك، كثير من الآداب المفقودة بين المسلمين، وهذه الآداب المفقودة، تسبب أنواعا من الوقوع في الإثم والعدوان، وكثير من الناس يستهينون بباب الأخلاق والآداب، مع أن باب الأخلاق والآداب من الأمور العظيمة، التي هي من مزايا الشريعة الإسلامية، ومن محاسنها، وبعض الناس ومن بينهم هذا الناشط “السلفي”، يهتمون بأمور المعتقد والفقه والعلم، وينسون أن ديننا الحنيف متكامل، لا بد أن يكون المسلم فيه، متخلقا بأخلاق الإسلام، متأدبا بآداب الشريعة.

ختاما، لا بأس إن أذكر المسمى “الحدوشي”، أن الراحل الصحفي الشهير، صلاح الدين الغماري، الذي رافق المغاربة طيلة مدة الجائحة، بكلماته وعباراته التحسيسية، لمدى إحساسه بالمواطنة الحقة، كل هذا، جعله محبوبا، يدخل كل بيت مغربي وكأنه واحد من أفراده، حيث أدى واجبه في الحياة، كما أداها في عمله النبيل، بكل مصداقية وموضوعية ومهنية، ثم انسحب في صمت، وفي غفلة من الجميع، تاركا ابتسامة عالقة على وجهه البشوش، ابتسامة الوداع.

أكثر من هذا، أجمع جل المغاربة على هذا الحب، الذي ترجم وبالملموس، على أرض الواقع، من خلال طريقة استقبالهم للخبر المؤلم، وتعاملهم معه، حمل في طياته، ألم وبكاء، وحضور مكثف أثناء جنازة الراحل، كأنه زعيم قومي، هو حزن تشارك فيه الصغار والكبار، وجميع فئات المجتمع المغربي الأصيل، ومن علامات حب الله لعبده، ان يحبب فيه خلقه، فإذا أحبوه الناس لذاته، بعيدا عن المصالح والمظاهر والأموال، فيعرف أن الله يحبه.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
مغربي
المعلق(ة)
الرد على  شهم
20 ديسمبر 2020 15:37

هذا ليس سلفي وانما هو مريض عقلي يجب ادخاله وامثاله الى مستشفى الامراض العقلية.
الموت حق علينا ولكل اجله”وما كان لنفس ان تموت الا بإذن الله كتابا مؤجلا.”صدق الله العظيم .والشامت بالموت احمق لانه نسي انه سيأتي دوره.
هدانا الله.

Midos
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2020 07:33

للاسف درتو الشأن لبوجعران….بحال داك بنادم لن تحتاج الحديث عنه…فقط درتو ليه لبوز ..بعدما كان في النسيان

شهم
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2020 01:24

السلفية مرض عقلي يجعل المصاب به يظن أن الله هو عبده وليس العكس.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x