2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

ما تم كشفه من اختلالات تطال قطاعات عدة في المغرب، خلال أقل من سنة، لم يتم كشفه طيلة عقد من الزمن، والفضل يعود بالأساس لظاهرتين غير بشريتين لحسن الحظ، الأولى مرتبطة بجائحة كوفيد 19، التي تفشت في المغرب، على غرار بلدان المعمور، منذ مطلع 2020، والثانية مرتبطة بالفيضانات التي شهدتها بعض المدن المغربية بداية الأسبوع الثاني من شهر يناير 2021.
فجائحة كورونا كشفت، عمليا، عن الخلل الذي يعتري عددا من القطاعات، أهمها قطاع الصحة، والذي لم يستطع مواكبة التطورات التي عرفتها الحالة الوبائية بالمملكة، حسب ما كشفته أرقام مؤسسات رسمية، وقيل في هذا الباب الكثير، لا يسع المجال لإعادة التذكير به.
أما الفيضانات التي عرفتها مدن مغربية، خاصة مدينة الدار البيضاء، فقد قامت بعمل لجنة تقصي حقائق برلمانية، وكشفت المستور، وفضحت المسؤول، وعرت واقعا طالما اجتهد المسؤولون، منتخبون ومعينون، في تغطيته، ومن أبرز الحقائق التي كشفتها، لجنة تقصي الحقائق الفيضانية مشكورة:
الحقيقة الأولى؛
أن البنية التحتية بالدار البيضاء، مجرد إشاعة، وأن 60 ملم من التساقطات، كافية لتحويل القلب النابض للاقتصاد المغربي، والجهة الأولى في المغرب من حيث إنتاج الثروة، إلى بركة مائية، وشوارعها إلى مستنقعات استوائيه، ومنازل ساكنتها إلى مسابح أولمبية.
الحقيقة الثانية؛
تتمثل في كيفية نظر المنتخبين للمواطنين، فما إن وقعت الواقعة، حتى تبرأ رئيس المجلس الجماعي، الذي انتخبه المواطنين من حزب قال إنه إسلامي، لتدبير شؤون مدينتهم، من أي مسؤولية له فيما حصل، ورميه بكل المسؤولية إلى شركة أجنبية تم التفويض لها من طرف ذات المجلس، (المرفق) ناسيا أو متناسيا ما قدمه للساكنة من وعود انتخابية، بنقل مدينتهم من الوضعية المزرية التي تعيشها، بحسبه، إلى حلة بهية، من خلال إحداث وإصلاح وتجديد البنية التحتية..، لكن كل الوعود تبخرت بقطرات مطرية، ما يظهر أن هذا المسؤول وأمثاله، لا يرون في المواطنين إلا أرقاما في الصناديق الانتخابية.
الحقيقة الثالثة؛
وتمثلت في فضح كيفية تهرب المسؤولين المعينين من المسؤولية، واتباعهم سياسة “الزوينة ديالنا والخايبة ديال المنتخبين”، حيت أنهم رموا، بشكل غير مباشر، بكامل المسؤولية فيما حدث بالدار البيضاء على عاتق المنتخبين، رغم أن القانون يعدد اختصاصات كل الجهات، وهو من جعل من العمال والولات المسؤولين الأولين عن تنزيل المشاريع الكبرى، والوصيين على مشاريع إعادة التهيئة الحضرية والبنية التحتية.. .
الحقيقة الرابعة؛
تتمثل في الكشف عن فشل نموذج التدبير المفوض، ففيضانات الدار البيضاء ليس الامتحان الأول الذي تفشل فيه شركات فوض لها تدبير قطاعات حيوية هامة، كتوزيع الماء الشروب والكهرباء والتطهير السائل، فما وقع بالدار البيضاء، أبان عن كون هذه الشركة المفوض لها لم تحترم دفتر التحملات، ولم تقم بما هي ملزمة به من إصلاحات، وإلا لما وقعت الكارثة وسجلت خسائر فادحة في ممتلكات المواطنين.
الحقيقة الخامسة؛
تمثلت في غياب المحاسبة التي تقابل المسؤولية، والدليل أنه لحد الآن (تاريخ نشر المقال) لم تشكل أية لجنة للتقصي وترتيب المسؤوليات، ولم نسمع بأي تصريح لمسؤول حكومي يعيد فيه فتح تحقيق نزيه ومسؤول يفضي إلى ترتيب ما يلزم من الجزاءات، إن تبث أن هناك تقصير في القيام بالواجب، كان من الممكن أن يجنب الدار البيضاء وساكنتها ما حدث من فيضانات.
فهل سيلتقط المسؤولون كما المواطنون رسائل لجنة تقصي الحقائق الفيضانية، ويستوعبوا دروسها، أم أن الامر لا يعدوا أن يكون سحابة شتاء وستعود حليمة لعادتها القديمة؟؟
لا نحتاج للامطار لنكتشف حقيقة التنمية بالدار البيضاء وما يطلق من شعارات عن المدينة الذكية كان يصيبني بالغثيان.
فلا يعقل ان يحتاج بناء قنطرة معلقة لا يزيد طولها عن 1 كيلومتر الى 7 سنوات. ولا يعقل ان تستمر الحفريات في موقع حساس كشارع محطة الميناء لما يزيد عن 3 سنوات دون ظهور ملامح المشروع.
هنالك بطء وتقاعس وهنالك اهمال وتكالب وسوء تدبير لمدينة تعج بالناس كرهو الحياة فيها واصبحو يرونها قطعة من الجحيم، مرحبا بالامطار في كل عام.