2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
تحليل إخباري: خلفيات التهديد الحكومي للمقاطعين

تتوالى الأحداث، ويتأكد المواطن المغربي أنه أمام حكومة فشلت في المهمة التي حددتها لنفسها وهي “الإنصات والإنجاز”، فهي لا تجيد إلا وعيد وتهديد من أوصل فريقها إلى مراكز السلطة، فخروج الناطق الرسمي للحكومة مصطفى الخلفي، بعد تهرب ومناورة دامت 3 أسابيع، مهددا المواطنين المقاطعين لمنتوجات إستهلاكية تعبيرا منهم بكل حضارية عن رفضهم لغلاء الأسعار الذي إكتووا بناره، لم تملِه “المصلحة الوطنية” كما ادعت الحكومة بل هناك خلفيات أخرى، حددت هذا الموقف الهجومي في وقت يتطلب الوضع موقف هادئ منسجم مع المطالب، وهي كالتالي:
1/ التهديد الحكومي هو خطوة استباقية لمنع استمرار المقاطعة أو توسع دائرة العلامات التجارية المستهدفة، بعد إنتهاء مدة مقاطعة “أفريقيا غاز” وسيدي علي” و”سنطرال”، لأن هاجسها، هو أن يكون نجاح هذه الأخيرة مقدمة لخطوات أخرى لا يمكن توقع أو معرفة إتجاهها ولا فحواها، لذلك أكد بيان المجلس الحكومي، أن “الحكومة لن تتسامح بأي شكل من الأشكال مع استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار زائفة بسوء نية”، فهي تستهدف مصدر ووسيلة التعبئة للمقاطعة، وتشكك فيها باتهامها بنشر أخبار زائفة بسوء نية، فكم عدد النشطاء الذين يمكن أن ينشروا أخبارا زائفة؟ وما مدى تأثيرهم وكيف يمكن تحديد سوء النية من حسنها؟، وهل الحكومة تعلم ما في النفوس أم أنها مستعدة لنحر “أكباش فداء” لإخماد مطالب المقاطعة، كما فعلت مع “حراك الريف” و”حراك جرادة”؟
2/ يبدو أن تركيز البيان الحكومي، على شركة “سنطرال” ومحاولة إبراز أهمية دورها في الإقتصاد الوطني، وعدالة هامش ربحها، تحكمت فيه ضغوط فرنسية، وعلى سبيل المثال فإن فرنسا التي رفضت الإنسحاب من الإتفاق النووي مع إيران، رغما عن أنف حليفها الإستراتيجي (أمريكا)، سعت من وراء ذلك لحماية مصالح شركاتها التي تعاقدت مع إيران بملايير الدولارات، والأكيد أن قصر فيرساي لن يخذل “سنطرال” التي قدمت اعتذارها للمغاربة.
3/ لاشك أن “الباطرونا” لم تصمت ونزلت بكل ثقلها، لإجبار الحكومة على الهجوم على المواطنين المقاطعين، لذلك نجد أن هذه الأخيرة، لم تخرج عن ازدواجية مواقفها فهي تعطي الحق للمواطن باليد اليمنى وتنزعه منه باليسرى، لدى حاولت الربط بين حرصها على ضمان القدرة الشرائية للمواطنين وحزمها في مراقبة السوق وجودة المنتوجات الوطنية، حيث تريد الإيحاء بأنها استجابت لمطالب المقاطعين، وبين تأكيدها على “التصدي بكل حزم لكل المحاولات الهادفة إلى النيل من المقاولات المغربية والاقتصاد الوطني”، وكأننا أمام جهة خارجية تريد شرا بالبلاد وليس أمام مواطنين يخافون على وطنهم لأنهم الأكثر تضررا من أي مس بالاقتصاد الوطني.
4/ إن غياب عزيز أخنوش عن المجلس الحكومي، والضغط الذي يكون قد مارسه حزب الأحرار على سعد الدين العثماني يعكس درجة الإحتقان بين مكونات الحكومة، خاصة مع “البيجدي” لإتخاذ موقف تضامني وإجراءات تحد أو تخفف من آثار المقاطعة خاصة وأن رئيس الأحرار يعتبر المتضرر الرئيسي، سياسيا وإقتصاديا من المقاطعة.
ومرة أخرى تغيب الحنكة والحكمة والنباهة عن السياسيين المغاربة الذي يديرون الشأن العام، ويبدو أنهم في حاجة لمزيد من الدروس والتداريب في آليات التواصل السياسي وطرق التعامل مع الجماهير المحتجة، وأكثر من هذا، لازالت عجرفة بعضهم تحول دون تبنيهم لثقافة الاعتذار والحوار، التي تعد قيم معنوية وأخلاقية عالية للشعوب والدول المتحضرة.