لماذا وإلى أين ؟

من المسؤول عن ضحايا فاجعة طنجة “السريين”؟

شهدت طنجة اليوم الاثنين مأساة حقيقية، بعد مصرع 24 شخصا وسط مصنع للنسيج.. الفضيحة هي أن هذا المصنع سري، وباعتراف السلطات في بلاغها حول حصيلة القتلى، وهو البلاغ الذي كشف فضيحة أخرى حينما تأكد أن مياه الأمطار التي عرت هشاشة البينة التحتية فحاصرت الضحايا وسط المصنع الذي كان عبارة عن مرأب في فيلا، وهو ما يعني أن الفضيحة مزدوجة.

فمن المسؤول عنها؟

لطاما أثير موضوع المصانع السرية المنتشرة في عروس الشمال، حيث أصبح مألوفا وجود وحدات صناعية يُقال إنها تشتغل وراء أعين السلطات، في الفيلات المعزولة والمرائب وفي الأحياء الهامشية. فهل فعلا تشتغل وراءها أم هذه الأعين تغض الطرف عما يحصل؟

فعل القدر ما شاء ورحل عن دار البقاء من رحل، لكن إلى متى ستبقى تلك المصانع مشتغلة تفعل ما تشاء في آلاف العاملات والعاملين أمام أعين السلطات التي لا تنام؟

حين شرع المغرب في إنتاج الكمامات برز موضوع هذه المصانع السرية بقوة، وكان مناسبة، لو كانت هناك إرادة، لإغلاقها، بعدما أثيرت ضجة كبيرة في الشمال حين رفض مختبر “إيمانور” اعتماد أزيد من 700 ألف كمامة، لأنها رديئة ونُسجت سرا، في عز أزمة كورونا والحجر الصحي، فيما طالب المهنيون المعنيون باستقالة رئيس الجمعية الوطنية لصناعة النسيج والألبسة. غير أن ذلك لم يُغير شيئا. فاستمرت في العمل.

كما أن ظهور بؤر وبائية لكورونا في عدد من المصانع، في عز الوباء، كان سيكون سببا في النظر في الوضعية التي تشتغل فيها هذه الوحدات.

في سنة 2019، بثت قناة “تيلي سينكو” الاسبانية تحقيقا صحفيا، سلطت فيه الضوء على ظروف العمل، بمصانع النسيج في مدينة طنجة. كان المضموع كارثيا، لكنه لم يزعزع المسؤولين والوزارة الوصية. وتتعلق الخروقات التي كشف عنها التحقيق المصور الذي أنجزته القناة الخامسة الإسبانية بضيق أماكن العمل وانعدام الشروط الصحية بها واستغلال العمال والعاملات مقابل أجوز زهيدة لا تتجاوز 500 درهم في الأسبوع. قبل أن تحل الفاجعة بغرق أحد هذه المصانع تحت مياه الأمطار.

أي أن الكوارث التي تقع في طنجة، وفي عدد كبير من المدن الكبرى، وصلت العالم الذي رأى كيف يتم استغلال اليد العاملة في أماكن تنعدم فيها أدتى الشروط الملائمة، في وقت تقول فيه السلطات المحلية إن مكان وقوع فاجعة طنجة وحدة إنتاج سرية؟

أين وزارة الصناعة التجارة والاقتصاد الرقمي، أين هي الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، أين المصالح المحلية، أليست المسؤولة عن انتشار هذه الوحدات؟ ألم يحن الوقت لتتحرك ليس فقط لتفادي تكرار كارثة اليوم وإنما لوضع حد للعبودية التي يشتغل فيها آلاف العاملين وسطها؟ ألا يستوجب الأمر قبل كل هذا محاسبة الجميع أم إن هذا النبأ الأليم سيكون في خبر كان وتعود حليمة لعادته القديمة؟

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
محمد أيوب
المعلق(ة)
8 فبراير 2021 17:38

الجواب معروف:
فاش عن المخزن…ومن هو هذا المخزن بالضبط؟إنه معروف:هو المسؤول الأول والأخير عن فاجعة طنجة…عن فشلةبرامج محاربة الأمية ومحاربةةالبناء العشوائي واستمرار توالد مدن الصفيح(البرايك)..هو المسؤول عن تنامي الاحتجاجات..هو فعلا المسؤول عن فشل منظومة التربية والتعليم.. هو المسؤول عن استمرار الفساد والارتشاء والزبونية والمحسوبية..هو المسؤول عن وصول الفاسدين لقب البرلمان والمختلف المجالس”المنتخبة”وشغل المناصب السامية بالتعيين..هو المسؤول عن تأخر تحقيق ديموقراطية حقيقية..هو المسؤول عن تمييع المشهد السياسي..هذا واقع لا يمكنه عاقلان.. إذا كان المخزن هكذا وأكثر،فأين الباقي النخبة الحزبية والنقابية والجمعوية..الخ..؟ لقد نجح المخزن في جعلها انبطاحية لانه منحها كافة الامتيازات الريعية:لائحتي الشباب والنساء..الوصول البرلمان..الاستفادة من مختلف الرخص والتسهيلات في جميع القطاعات..عدم المحاسبة إلا للذين يعتبرون المخزن ذوو”رؤوس قاسحة”ويرغبون في “الاكل”لوحدهم بعيدا عن أعين المخزن..لاشك أننا نسمع فتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن فاجعة طنجة،وسيتم تقديم أشخاص كأكباش ضحايا أما المسؤولين الحقيقيين فسيخرجون منها كما تخرج الشعرة من العجين…والتجارب كثيرة وهي كافية لدرجة الاقتناع يقينا بافلات المسؤولين الحقيقيين من أية محاسبة..إن تحرك البرلمان عنوان واحد من كثير من العناوين على المسار الذي ستأخذه فاجعة طنجة..فمؤسسة فاشلة لا ينتظر منها ان تفعل شيئا تجاه فاجعة طنجة.. لو كنا نطبق المحاسبة اقدم كثير من الوزراء استقالتهم بسبب هذه الكارثة،ولعل في مقدمتها وزير أم الوزارات…هذا رأيي..

مواطن
المعلق(ة)
8 فبراير 2021 15:27

واش هادا سؤال الكوارث والمصائب تاتي دائما من اصحاب نفس العقلية.
وافين المنادين بعقوبة الإعدام.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x