لماذا وإلى أين ؟

التنمية المستدامة: هل يمكن إعادة تحديد اهدافها بعد ازمة كوفيد-19؟

هاشمي عزالدين

في اليوم الأول من يناير 2016، بدأ رسميا بالعالم العمل على تنزيل أهداف التنمية المستدامة الـ 17. واعتبر المتفقون أن هذه الأهداف هي بمثابة خارطة طريق لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر 2015 في قمة أممية تاريخية.

وقد التزم 193 من قادة العالم بهذه الأهداف -التي تنطبق عالميا على الجميع- على حشد الجهود لتحقيق 3 اهداف استثنائية خلال ال 15 سنة القادمة، وهي القضاء على الفقر بجميع أشكاله ومحاربة عدم المساواة والظلم والحد من تغير المناخ، مع ضمان انخراط الجميع بتلك الجهود.

إلا أن جائحة “كورونا” قد وجهت ضربات عنيفة لأعمدة الاستدامة الثلاثة -الاقتصاد و المجتمع و البيئة- وقد أجمع العالم على اعتبارها الكارثة الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وينبغي النظر إليها كنقطة تحول في تاريخ القرن الواحد والعشرين. فهل ستفرض هذه الجائحة اعادة تحديد اهداف التنمية المستدامة؟ وما هي العراقيل التي ستقف امام تنزيل أهداف الأمم المتحدة الـ 17 للتنمية المستدامة؟

وبالرجوع لتقارير منظمة العمل الدولية فإن أزيد من 80 بالمائة من القوة العاملة العالمية قد تأثرت بالإغلاق الكامل أو الجزئي لأماكن العمل. واعتبرت اأن العمال المياومون، والعاملون لحسابهم الخاص والمشاريع الصغرى والمتوسطة هم الأكثر تأثرا بهذا الإغلاق. مما يدفعنا للتساؤل حول عدد السنوات التي سيتأخر بها تحقيق الهدف الأول : “القضاء على الفقر”. وبالتالي وجب التفكير بجدية حول كيفية إدماج هذا الهدف مع الهدف الثامن الذي ينص على ضمان شروط عمل لائقة ونمو اقتصادي، وذلك عبر توفير ضمان اجتماعي أكبر للعمال والموظفين في أوقات الطوارئ وتقلبات السوق. بالإضافة إلى تقوية أنظمة الرعاية الصحية، وذلك لأن الاقتصاد القوي يحتاج إلى أناس أصحّاء البنية.

وبالرجوع إلى ما قبل تفشي كوفيد-19، فقد خطت حكومات العالم خطوات واسعة نحو تحقيق الهدف الثاني : القضاء التام على الجوع. غير أن استمرار الجائحة والمعطيات المتوفرة حاليا تثبت أن هناك فعلا أزمة على مستوى إنتاج الغذاء وتوزيعه، ولن تؤدي الحواجز التجارية المفروضة، كمنع التصدير وفقدان المدخول ووسائل العيش إلا إلى تفاقم مشكلة الجوع حول العالم. وهنا ينبغي لنا التركيز على مدى أهمية رفع نسبة الاستثمار في الأنظمة الغذائية المستدامة، وخاصة في البلدان النامية التي تعرف نموا ديموغرافيا مرتفعا مقابل نسبة نمو اقتصادي منخفض أو منعدم أحيانا كثيرة. وهذا ما يدفعنا لتنبيه الحكومات على تحفيز شعوبها وتشجيعهم للإلتجاء إلى الزراعة المحلية من قبل المستفيدين أنفسهم، وخلق وظائف محلية وتقليل الحاجة إلى خدمات النقل. الشيء الذي سيمكنهم بدون شك، من التقليل من شدة تأثرهم بالصدمات الاقتصادية العالمية القادمة الناتجة عن الجائحة أو عن الكوارث الطبيعية الأخرى.

وصولا إلى الهدف الذي له علاقة مباشرة أكثر من غيره بالجائحة وهو الهدف 3: “الصحة الجيدة والرفاه”. حيث أظهرت الجائحة أن أنظمة الرعاية الصحية السيئة في دولة واحدة يمكن، في أسوأ الأحوال، أن تكون لها تبعات على جميع الدول الأخرى وأنظمة الرعاية الصحية في هذه الدول. ذلك أنه لا يُستثمر إلا 6.3 إلى 10 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي العالمي في الأنظمة الصحية، وهي حقيقة تطارد الحكومات التي تواجه كوفيد-19.
يتبع…

 رئيس مركز علوم وسلام

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x