2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

امتدت ارتدادات قانون تقنين القنب الهندي(الكيف) إلى خارج الحدود المغربية، نظرا لما تشكله هذه المادة من ثروة طبيعية باهظة الثمن، إذ تطرقت صحيفة “الإسبانيول” الواسعة الانتشار بإسبانيا، إلى آثار تقنين المغرب للاستعمالات “الكيف” على مافيات مخدر الشيرا (الحشيش).
وتساءلت “الإسبانيول”، في مقالها المطول، المعنون بـ”هكذا سيؤثر تقنين القنب الهندي على مافيات الحشيش في إسبانيا”، (تساءلت) عن “ما إذا كان المزارعون سينتقلون إلى الطريقة الجديدة؟”، موردة أن “استعمال الفلاحين للطريقة الجديدة التي اعتمدتها السلطات المغربية يمكن أن يجعل المخدرات أكثر تكلفة في شبه الجزيرة أو يزيد من زراعتها غير المشروعة”.
وذكرت الصحيفة أن “التحريم لم يمنع زراعة القنب الهندي وإنتاج الحشيش في شمال المغرب في العقود الأخيرة”، مشيرة إلى أن “حوالي 400 ألف مغربي و60 ألف أسرة يعيشون على هذا المحصول في المغرب، وتبلغ المساحة الإجمالية للقنب 73000 هكتار، بينما تقدر الإيرادات غير المشروعة من الاتجار بـ 520 مليون دولار”.
وأوردت الصحيفة نفسها، ما قاله وزير الفلاحة عزيز أخنوش، في 11 مارس الجاري، بتأكيده على أن “ثقافة القنب في البلاد حقيقة واقعة”، وذلك بعد مصادقة مجلس الحكومة على مشروع قانون تقنين القنب الهندي في المغرب، وأنه في أقل من شهرين، تم التوقيع على الوثيقة بالإجماع، على الرغم من الأصوات المعارضة، وخاصة من حزب العدالة والتنمية”.
لماذا تمت الموافقة عليه؟
واعتبرت الصحيفة الإسبانية ذاتها، أن “تصويت المغرب لصالح تعليق الحشيش من قائمة الأمم المتحدة للمخدرات عالية الخطورة في ديسمبر 2020، أدى إلى تعزيز نوايا أعلى السلطات في البلاد، وكان هذا واضحًا بالفعل عندما وافق المغرب في 10 دجنبر على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وهي دولة تعتبر رائدة عالميًا في استخدام القنب العلاجي، والتي سيتعاون معها اقتصاديًا في مجالات مختلفة”.
بهذه الطريقة، سيفتح القنب الطريق أمام ازدهار قطاع زراعي جديد، تستطرد “الإسبانيول”: “هذا مشروع يجلب منظورات جديدة لثقافة تتقدم على المستوى الدولي نحو التنظيم والهيكلة مع نقاط بيع ليست ترفيهية، بل مستحضرات تجميل وصناعية ودوائية”، حيث أكد أخنوش، حسب نفس المصدر، أنه “نشاط سيفتح الباب أمام استثمارات كبيرة في مجال التحول الصناعي”.
“صحيح أن السوق العالمية للقنب الطبي تشهد تطورًا متزايدًا، بمتوسط نمو سنوي متوقع بنسبة 30 في المائة على المستوى الدولي و 60 في المائة على المستوى الأوروبي، مما أدى بالعديد من البلدان إلى تسريع إضفاء الشرعية على القنب الهندي”، تسترسل “الإسبانيول”: “من أجل الحصول على حصة أكبر من السوق المزدهرة، في هذا الخط الرائد، ولم يرغب المغرب في التخلف عن الركب، بعد أن أصبح لديه دولًا مهتمة بتسويق القنب، مثل ألمانيا وإسرائيل، فحتى الشركات الألمانية الموجودة في منطقة كتاما مكرسة لاستغلال القنب لتصنيع الملابس، وكذلك لدراسة الخصائص الطبية للقنب”.
ترخيص للمزارعين وتضرر مافيا الحشيش
وعرَجت الإسبانيول على القوانين التي تؤطر عمل المزارعين في مجال زراعة القنب الهندي، مشيرة إلى “كالة تنظيم أنشطة القنب بالرباط، التي ستكون مسؤولة عن التنسيق بين جميع القطاعات الحكومية والمؤسسات العامة والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تطوير سلسلة زراعية تتعامل مع القنب”.
وأن “هذه المؤسسة ستمنح تراخيص للمزارعين وتفحص المحاصيل ونسبة التتراهيدروكانابينول (مخدر القنب)، بحيث لا يتم استخدام النبات أو استخدامه كدواء، مع مراقبة التصنيع والتسويق وكذلك تصديره والتوزيع والاستيراد”.
وتشير الدراسات، حسب مصدرنا، إلى أن “المزارعين الذين سينضمون إلى برنامج القنب القانوني، سيستفيدون من دخول أعلى بكثير من الدخل الحالي، مع احترام البيئة من خلال دورة زراعية سنوية وتناوب لمدة ثلاث سنوات، وبالطبع، سيستمر حظر الاستخدام الترفيهي في المغرب”.
ومع ذلك، تقول الصحيفة الإسبانية: “احتج الآلاف من المزارعين في الريف بعد ثلاثة أيام فقط من تمرير القانون في مجلس الحكومة، وهم يشكون من أن تنظيم الثمن سيؤدي بهم إلى “البؤس” و”الموت”، وبحسب المزارعين، سيحصلون على 20 يورو للكيلو “بسعر النعناع” بينما باعوا حتى الآن الكيلوغرام مقابل 80 إلى 1000 يورو للكيلو في السوق غير المشروعة”.
وتتابع الصحيفة مقالها التحليلي المطول بالقول: “السؤال إذن، هو ما إذا كان مزارعو الحشيش غير الشرعيين في المغرب سيتحولون إلى هذه الطريقة الجديدة، أم أنهم سيكونون قادرين على التوفيق بين كلا النوعين من الزراعة؟”، مؤكدة على أنه “على أي حال، سيؤثر ذلك على وصول الحشيش المغربي إلى إسبانيا، وهذا يمكن أن يجعله أكثر تكلفة، إضافة إلى أنه قد يتسبب في زيادة الزراعة في شبه الجزيرة”.
إسرائيل: الشريك المفضل
وكشفت الصحيفة في عددها، الذي اطلعت عليه “آشكاين”، أن “المغرب مثل لدى إسرائيل صلة تاريخية خاصة بالقنب، بدأ التاريخ الحديث للمصنع في القدس عام 1964، إذ شهدت الدولة العبرية فرصًا لتطوير الحشيش الطبي في المغرب كأول منتج لهذا النبات في العالم، مع الأخذ في الاعتبار مزايا النظام البيئي: التربة والمناخ مناسبان للزراعة، معرفة الأجداد للمزارعين العمالة التقليدية الرخيصة والقرب من السوق الأوروبية النامية”.
في المقابل، تتابع “الإسبانيول”: “سيتمكن المغرب من الاستفادة من الأبحاث الإسرائيلية والهندسة الوراثية والتقنيات الزراعية وصناعة الأدوية والأجهزة، بمجرد زراعة القنب واستخلاصه وتحليله، فإنك تحتاج إلى أنظمة توصيل للجرعة المناسبة، مثل الأقراص أو اللاصقات أو أجهزة الاستنشاق الأنفية أو السجائر، وهنا يأتي دور الإبداع الإسرائيلي”.
وأوردت الصحيفة أن “القنب الهندي مرخص منذ عام 2000 في إسرائيل، وأصبح الاستخدام الطبي للقنب من الأصول الصيدلانية والزراعية الرئيسية للبلاد، حتى أن الدولة العبرية سمحت بتصديرها في عام 2019”. /أحمد الهيبة صمداني – آشكاين
لافتة إلى أن “هناك حوالي 150 شركة منتجة في الأراضي العبرية، تدعمها وزارة الزراعة، التي صنفت الحشيش كقطاع زراعي رسمي تحت هذا التصنيف الجديد، ما بين 15 و 20 من مزارعي القنب”. كما أن “الجامعة العبرية تمتلك العديد من براءات الاختراع المتعلقة بالقنب، ومن الأسهل إجراء البحوث والدراسات السريرية مع القنب في إسرائيل أكثر من أي مكان آخر في العالم”.
هكذا ستتأثر إسبانيا بتقنين المغرب لـ”الكيف”
وذكر تقرير نشرته مؤسسة “نيو فرونتير داتا” أنه “نظرا لقربها ، تتلقى إسبانيا كميات ضخمة من راتنج (عصارة) القنب من المغرب، تمثل 72 في المائة من إجمالي ما ضبط الاتحاد الأوروبي في عام 2017”. تضيف “الإسبانيول”. /أحمد الهيبة صمداني – آشكاين
كما أوردت الصحيفة نفسها أن “هذا الازدهار في زراعة القنب في إسبانيا أدى باستثمارات أجنبية إلى إزاحة المحاصيل التقليدية مثل المشمش أو الزيتون أو اللوز، إذ تشتري الشركات الأجنبية الأرض حيث كانت تُزرع أشجار الفاكهة، والآن يزرعون مشاتل القنب”.
وبهذا المعدل”، تبين “الإسبانيول”، أنه “لا يمكن للمغرب أن يحتل مرتبة أكبر منتج في العالم لفترة طويلة، حيث اشتكى الوسطاء بين مزارعي الريف وتجار المخدرات في الأشهر الأخيرة من ضوابط الحرس المدني الإسباني، وأشاروا إلى أنها قد تكون راجعة إلى الاكتفاء الذاتي، وهذا سبب آخر للتسوية في المغرب، والذي يهدف إلى إنهاء الاتجار غير المشروع الذي استفادت منه إسبانيا ودول أوروبية أخرى بشكل أساسي”.
وخلصت الصحيفة الإسبانية نفسها، في مقالها التحليلي المطول، الذي نشرته صباح اليوم الإثنين 15 مارس الجاري، إلى أنه “عندما يتم المصادقة على القانون في برلمان الرباط، سيتوقف المغرب عن كونه منتجًا بسيطًا، وسيذهب إلى نادي البلدان التي شرّعت القنب وهيكلت أسواقها بصناعة جديدة”.
/أحمد الهيبة صمداني – آشكاين