2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الكاتب المتهم بالتخابر مع إسرائيل يعود للمغرب ويروي لـ”آشكاين” ما وقع(حوار)

عاد الكاتب المغربي إبراهيم إكيدر، إلى أرض الوطن، بعدنا كان محتجزا لدى السلطات السعودية بتهمة “التخابر مع إسرائيل”، وذلك بعدما دخلت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بشكل مباشر في ملفه بعد آخر مقال نشرته “آشكاين”.
وأسفرت مساعي وزارة بوريطة في إرجاع الكاتب المغربي إلى أهله سالما، لكن ملف اعتقاله وحيثيات تدخل السفارة شابها الكثير من الغموض والحلقات المفقودة لقصة لاحتجاز إبراهيم الملكي، بسبب تهم “كيدية”، ولماذا اتهم بـ”التخابر مع إسرائيل”.
وفي هذا السياق تستضيف آشكاين الكاتب المغرببي الدكتور إبراهيم إكيدر، لمعرفة تفاصيل الاعتقال وخلفياته، وكيف تم إطلاق سراحه، والكشف عن تفاصيل مثيرة حدثت معه في لحظة الاعتقال وخلال استقباله في المطار.
وفي ما يلي نص الحوار:
بداية..حبذا لو تقرب قراء “آشكاين” أكثر من شخصية الكاتب إبراهيم إكيدر؟
إبراهيم إيكيدر، ولدت في نواحي مدينة طاطا، وبدأت تعليمي في ابتدائية المريني، وبعدها إعدادية طارق ابن زياد، قم الثانوي في مدينة طاطا، إلى أن التحقت بجامعة القرويين بفاس، وانتقلت سنة 2014 إلى المدينة المنورة بالسعودية عبر تأشيرة دراسية.
وموازاة مع دراستي في السعودية تسجلت في جامعة هندية باعتماد بريطاني في شواهدها، وحصلت فيها على ماستر سنة 2017 ودكتوراه سنة 2020. وشواهدها لا يعترفون بها في المغرب نظرا لأنهم يدرسون المذهب الحنبلي خلافا للمغرب الذي يدرس المذهب المالكي.
ورغم ذلك حرصت على أن تكون أصولي على التمذهب من أصول مالكي، لذلك درست في المسجد النبوي المذهب المالكي ودرست عند عدة شيوخ هناك، منهم عبد الرحمان بن عوف الكومي، وعبد المالك الشنقيطي المالكي.
ولقب المالكي الذي يطلقونه علي أتى من المقالات التي أكتبها باسم ابراهيم المالكي، نسبة إلى المذهب المالكي.
وبعد ذلك، فضلت أن أستمر في تخصص إدارة الأعمال بعد حصولي على دبلوم الجامعة الهندية-البريطانية.
سنة 2016 تخرجت على يد طارق السويدان في الرياض في دورة التخطيط الاستراتيجي، لمدة 8 أيام، وحصلت على دبلوم في نفس المجال، وخاصة في ما يتعلق بالتخطيط التشغيلي والعلاقات العامة، أو التسمية الصحية للبروبغاندا.
كان هناك مكتب فرنسي يصعب الوصول إليه، وصلت إليه بعد معاناة وحصلت فيه على دبلوم البروبغاندا، كخبير في العلاقات العامة، وعندما تنتهي من الدراسة لديهم يقترحونك للحكومات والشركات، وهم أنفسهم من استجلبوا لي عرضا من إسرائيل سنة 2018.
ومن هنا جاء موضوع التخابر مع إسرائيل وقلبه الشخص الذي ادعى أني أتخابر مع إسرائيل، وكل ما في الأمر أني تلقيت عرضا سنة 2018 ورفضته، وكنت أود الاستقرار في الخليج كمتخصص في المجال، بحكم أن هذا التخصص قليل جدا في العالم العربي، وهو المجال الذي له علاقة بالاستشارات في مجال العلاقات العامة. وهو نفس الفكر الذي ذكره إدوارد بيرنايز في كتابه البروبغاندا، والذي كان لي شرف ترجمته ونشره سنة 2020.
حدثنا عن ظروف وحيثيات اعتقالك في السعودية والتهم التي وجهت إليك؟
الشخص الذي اشتغلت معه، كنت أعرفه قبل سنة ونصف في المدينة المنورة، واشتغلنا مع بعضنا في وكالة سياحية، وبنيت علاقات مع شركات أجنبية، وبدأت أثق فيه.
وبعد أن جاءه عرض أن يكون وكيلا لنظام معلوماتي لشركة بريطانية، من خلال تطبيق متخصص في إدارة الفنادق، بعدها عرض علي الموضوع وطلبت منه أن يمهلني مدة للتفكير.
ففي 15 من نونبر 2020، اقترح علي الموضوع وتحمس له كثيرا، بحكم أن هذا شيء جديد في الشرق الأوسط، وما أدراك أن تكون وكيل رسمي معتمد لدى الشركة البريطانية، بمعنى أنك ستستهدف 4 آلاف شركة فنادق فقط في الرياض.
وألح عليه، بقوله إنه “لا أحد يمكن أن يقوم بهذه المهمة غيري، وأن يسوق لهذا المنتوج، وبحكم خبرتك في التخطيط وبناء العلاقات”؛ وبالفعل وافقت على عرضه.
توجهنا للرياض وحجزنا فندقا هناك، وانكببت على إعداد خطة العمل لمدة 5 أيام، وبعدها قمت بشرح الخطة على الحائط، رغم أنه طلب مني أن أودعها له إلكترونيا في حاسوب أو ذاكرة رقمية، ولكني تخوفت أن يتم بيع الخطة للمنافسين.
بعد هذا، كان من بين نطاق العمل أن الأمير، الذي كنا نتعامل معه والذي يمتلك الفندق الذي نزلنا فيه وهو الذي سننجز معه الاتفاق المبني على الخطة التي أعددتها، تحدثت معه دون أن يعلم صديقي، وتحمس للموضوع وكان مستعدا.
وربما هذا الموضوع هو الذي جعله يبلغ عني بلاغات كيدية، إضافة إلى موضوع استلامه دفعة من المال من أصل مليون و100 ألف ريال سعودي، إذ كان يوم استلامه للمبلغ يوم السبت وتم القبض علي يوم الأربعاء الذي يليه، وخلال تلك الخمسة أيام أنجزنا حوالي 4 عقود مع فنادق تبنت تطبيق البريطاني.
وعندما علم هذا الشخص أني تحدثت مع الأمير، لم يرقه الأمر، رغم أني أكدت له أني كنت سأخبره، نظرا لأني أناقش معه حصيلة تواصلي اليومي قبل النوم.
بعد هذا الحدث، خرج قرابة الساعة 12 في ذلك اليوم، وتأخر لمدة 5 ساعات، وعند حلول الساعة السادسة مساء دخل هذا الشخص الذي بلغ عني مرفوقا بشخصين، أخبراني أنهما من المباحث الجنائية وطلبا مني القدوم معهما.
في بداية الأمر ظننت أن هذا مقلب لأنه دخل وهو يضحك ولا يبدوا عليه الجدية، لكن في الأخير عرفت أن الأمر جدي بعدما طلبوا مني لم أغراضي ليأخذوني معهم للمباحث الجنائية.
وبعد ذلك اكتشفت أنه أتى بهم إلى الفندق وحرضهم وأخبرهم أني أتخابر مع إسرائيل، وأني أثير الرأي العام، وقال لهم أني تطاولت على الأمير بن سلمان، واني انتحلت صفة موظف، وغيرها من التهم.
عندما أخذوني بدؤوا يسألونني أسئلة سياسية لا علاقة لي بها، فمثلا سألوني أمورا لها علاقة بقتل خاشقجي، وسألوني عن رؤية 2030 السعودية، وبعد أن تجاوبت معهم بهدوء وفسرت لهم أجوبتي، لم يجدوا ضدي أي أمر، ولم يجدوا لدي أي عداء للمملكة السعودية، سوى أن ذلك الشخص بلغ عني بتهم كيدية، وحاول أن يرسلني للمحكمة الجزائية المتخصصة المتعلقة بالشؤون السياسية، إذ أنهم لا يفرجون عنك حتى تقضي مدة طويلة جدا من التحقيقات ما إلى ذلك.
كل هذه التهم بطلت، والتهمة التي بقيت بسببها على ذمة التحقيق، لحوالي 45 يوما، وهي تهمة استخدام برامج قرصنة، وعندما لم تجد النيابة العام أي دليل في الموضوع، تحول مسمى قضيتي إلى “تأليب إثارة الرأي العام”، وعلى إثرها تحولت إلى السجن.
وقد أبلغت “لجنة النزاهة” بالموضوع لأنني أرى أن هذه القضية فيها فساد استعلام، فعوض أن يتم إطلاق سراحي في تلك المدة التي لم يثبت عني أي شيء، إذ كانت هناك نية مبيتة في توريطي.
فلما رجع أحد أصدقائي لقاضي التحقيق وسأله قال له أنه تم صرف النظر عن هذه التهم الموجهة لي، وأخبرتهم السفارة المغربية بالرياض أن القاضي صرف النظر عن القضية، ولكن حاليا مازلت لم أحصل على صك البراءة الذي موجود في الأصل.
هل كان لوزارة الخارجية المغربية دور في إطلاق سراحك بالسعودية وعودتك إلى المغرب؟
كي أكون واضحا وصريحا، لكن أول ما نزلت مقالات “آشكاين” هي التي حركت السفارة، بالتالي أنا أقول أن منبركم هو من أخرجني من السجن.
فمباشرة بعد نشر المقال ألأول عن الحادث في منبركم، جاءت السفارة المغربية بالسعودية لتزورني في قسم العليا، وتم نسيان الموضوع، وبعد إثارته مجددا من قبل جريدة “آشكاين” بعد حوالي 15 يوما من الزيارة الأولى زارني المستشار القانوني، وأخذ مني المعلومات حول الملف، ونفس الأمر تناسوا الموضوع.
لكن بعد تحولي إلى السجن ونشر جريدتكم للخبر، بدأت تحركات السفارة المغربية بالرياض تتحرك بسرعة، بل وأصبح السفير مهتما بهذه القضية وأصبحت على رأس جدول أعمال جميع اجتماعاتها.
وفي ذلك الوقت لم تقصر السفارة من جانبها نهائيا في السعي لتبرئتي؛ وحتى وزارة الخارجية تشكر من جهتها، لأنك لا تستطيع أن تنكر الجهود التي بذلوها لأخرج من تلك الورطة، وكانت السفارة قد واعدتني بأنها ستساعدني في إخراج صك البراءة من النيابة العامة.
كما لا أنسى والدي كان له دور كبير في تحريك الملف، سواء بتواصله مع الإعلام أو عبر البرقيات التي أرسلها للديوان الملكي وللسفارة، وراسل عدة مؤسسات عليا في الرباط.
كيف تم استقبالك في المغرب؟
يوم الخميس المنصرم، 18 مارس الجري، نزلت في المطار، دون جواز سفري، الذي رفضت المحكمة تسليمه لا للسفارة المغربية ولا حتى لسلطات العليا.
فور نزولي في المطار حققت معي السلطات المغربية لمدة ساعات، كإجراء روتيني عادي لأن ملفي أخذ بعدا إعلاميا وشغل الرأي العام.
بل أكثر من هذا الضابط الذي كان يحقق معي وأخذ أقوالي، كان قمة في الأخلاق والتعاون لدرجة أنه أحضر لي فنجان قهوة، وكان متعاطفا معي لأقصى الحدود، وقال لي: نحن نقدر الأطر أمثالك وأثنى علي كثيرا.
ولا أخفيك أن تعامل السلطات المغربية كان ممتازا.
هل تنوي العودة إلى السعودية أم أنك ستستقر في المغرب؟
جاءني عرض من الإمارات، ولم أستجب له لحود الساعة، والبلد الذي أفضل أن أشتغل فيه هو السعودية، لأنها أرض خصبة، لأن تخصصي قلة من الناس من يشتغلون فيه.
بالتالي سأعود إلى السعودية بعد انقضاء مدة الإبعاد عن السعودية، والتي تصل السنة أو سنة ونصف، وخلال هذه المدة لدي نية في فتح شركة في الرباط متخصصة في العلاقات العامة.
أحمد الهيبة صداني – آشكاين