لماذا وإلى أين ؟

عايش يُعَدّد خلفيات استثناء بايدن المغرب من حضور قمة القادة حول المناخ(حوار)

استثنى الرئيس الأمريكية جو بايدن المغرب من الدعوة التي خص بها 40 من قادة العالم لحضور قمة القادة حول المناخ، والتي سيتم بثها افتراضيا مباشرة مع الجمهور، يومي 22 و23 أبريل المقبل.

استثناء المغرب من حضور هذه القمة العالمية حول المناخ أثار الكثير من الجدل حول الأسباب التي قد تجعل إدارة بايدن لا تستدعي المغرب، خاصة وأن هذا الأخير له تجربة سابقة في احتضان القمة المناخية العالمية: مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب 22) في مدينة مراكش، بين 7 و18 نونبر سنة 2016، والتي سعت إلى إقناع الدول بالالتزام بخفض الانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

ولاستجلاء الأسباب الخفية وراء هذا الاستثناء، تستضيف “آشكاين” المحلل السياسي وعضو مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية والباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، كريم عايش، للحديث عما ذكرناه آنفا، ومعرفة دلالات هذا الاستثناء.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية كيف تقرؤون عدم دعوة بايدن المغرب إلى قمة القادة حول المناخ؛ خاصة أن المغرب له تجربة في استضافة “كوب22″؟

إن عدم دعوة المغرب لا يمحو تاريخه واستراتيجيته في محاربة التغير المناخي، كما لا يغيب مكانته الدولية الهامة خدمة للبيئة والمناخ الدوليين ، وإذا كان المغرب قد نظم وأشرف على مؤتمر قمة المناخ العالمية كوب 22، والتي أبان فيها عن علو كعبه وحسن تدبيره.

و الموضوع على المستوى المؤسساتي أبرز قوة المغرب الاقتراحية والإجرائية فيما يتعلق بالتحولات التي يعرفها مناخ الأرض، وقدرته على تسطير سياسات اقتصادية صناعية واجتماعية، تمكن من احترام توصيات القمة وانخراط أكبرٍ للمغرب في المجهود العالمي لخفض حرارة الأرض وتقليص بصمة الكربون.

كما لا ننسى الاجتماعات الماراطونية للمؤسسات والصناديق السيادية، والتي أعلنت عنها الكوب 22 كشريك لتحقيق التغيير المناخي المنشود، والتي ربما يجب الآن معرفة حصيلة عملها وما مردودية ما صرفت واستثمرت من أجل تحقيق هذه التوصيات.

أين تتجلى أهمية المغرب بشأن المناخ كي نتحدث عن عدم استدعائه؟

كان المغرب ولا يزال شريكا استراتيجيا سواء للمناخ ومحاربة التلوث للولايات المتحدة والقوى العظمى، وقد اعتمد المغرب سياسات مناهضة للهدر الطاقي، وانتشار التلوث في المجالات الحضرية والطبيعية.

كما  اعتمد اقتصادا اخضرا يبدء بتقليص الفاتورة الطاقية، وإنتاج الطاقات المتجددة، مرتكزا على استراتيجية وطنية للاستثمار الأخضر وتحسين البيئة وجلب رؤوس الأموال، وهو ما توج ببناء محطات القوة الريحية، ومحطات المعالجة وحملات التحسيس بأهمية البيئة والغابة، ناهيك عن اعتماد تمويلات خضراء والتصويت على قوانين تراعي توصيات قمة المناخ كوب 22.

المغرب أيضا شريك هام في متابعة مخرجات قمم المناخ الأخيرة، ودولة تنسجم والهياكل الحديثة للتمويل والتراكيب المالي للمشاريع المسايرة للتحول المناخي وتقليص بصمة الكربون، وهو ما جعله يحافظ على مكانه داخل الدول التي لها نسب تلوث جد منخفضة.

في نظرك ما هو سبب هذا الاستثناء؟

بلاغ البيت الأبيض واضح بخصوص سبب عقد هذه القمة الأمريكية، والتي تسبق قمة كلاسكو للمناخ، وإن كان قد سطر على أن 17 دولة تنتج 80 في المائة  من الغازات الدفيئة، وأنها أيضا تنتج نفس النسبة من الناتج الداخلي الإجمالي العالمي، وأنها قمة لرؤية ما قدمت هذه الدول بخصوص مشاريعها البيئية طالما كانت هي المسؤول الأول عن التلوث بكل أشكاله.

غير أن ما تم تناقله بخصوص إعداد هذه القمة، فهو أن الفكرة كانت من تخطيط جون كيري، وأنه داوم خلال رحلات مكوكية على زيارة أوروبا قصد التوافق حول أجندة الاجتماع الدولي المرئي، وأنه تفعيل لوعد بايدن بعد توليه رئاسة الولايات المتحدة.

والملاحظ أن دول شمال إفريقيا كلها غائبة ومصر أيضا، بالإضافة إلى دول عديدة مؤثرة على الصعيد الدولي، وهو ما يفند استثناءً مغربيا مقصودا بقدر ما يحيل المسألة على ترتيبات أمريكية متعددة المستويات، ربما كفرضية أولى.

وقد يكون هذا أيضا تجزيئا للملف على مراحل، وتغير في السياسات طالما أبان بايدن عن دينامية دبلوماسية متجددة ومتنوعة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد سياسات لا تخضع بالضرورة لمنطق محدد، إذ كيف يمكن فهم اتهام بايدن لبوتين بكونه قاتلا واليوم خلال ندوة صحفية يعلن عِلم بوتين بدعوته لحضور القمة الافتراضية الأمريكية.

وهذا يحيلنا على رغبة العديد من الأطراف الركوب على الحدث لتوجيهه ضد المغرب، وربما محاولة تسميم العلاقة الممتازة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية.

ماذا عن جون كيري، باعتباره صاحب حقيبة المناخ في إدارة بايدن؛ ألا يمكن أن يكون له دور في هذا الاستثناء؟ خاصة أنه عرف بموقفه المدافع عن البوليساريو في الكونغرس، إضافة إلى انه كان سببا في توسيع مهام  بعثة “المينورسو” لتشمل حقوق الإنسان في الصحراء المغربية وهو ما أزعج المعرب حينها.

لا يمكننا الحديث عن دور لإزاحة المغرب انتقاما للبوليساريو، طالما أن الموضوع هو مناخ العالم والولايات المتحدة براغماتية في الموضوع، ولا تغلب طرفا لا يمثل لها أي وزن يذكر على حساب دولة عريقة ذات باع طويل في العمل على الأجندة البيئية وخدمة التوصيات الدولية وتنظيم اكبر وأضخم التظاهرات.

لذلك لن يكون تكَلّف جون كيري بذلك معناه المباشر معاداة او إقصاء المغرب، بقدر ما يكون وفقا لتوجيهات بايدن، والتي قد تظهر لاحقا، وفقا لتحركاته المستقبلية دبلوماسيا.

فلا ننسى استمرار العلاقات الأمريكية المغربية بوتيرة مستقرة ومدعمة، لذلك لا يجب أن نسبق الأحداث ونطلق تأويلات غير منطقية ولا مبررة.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Mohammed Ouarrachi
المعلق(ة)
30 مارس 2021 15:28

قراءة قيمة للاستاذ العزيز، لكن في نظري الشخصي أن إختيار بايدن لهذه الدول فقط لها ما لها وعليها ما عليها، ربما هو بمثابة تجاوز هذه الدول للأعمال والمجهودات في حماية البيئة العالمية، ومحاولة جعل الدول المستدعاة العمل وفق خطط استراتيجية من أجل محاربة التلوثات الصناعية بهذه الدول المصنعة وحماية المناخ.

MOHAMED BENGHANEM
المعلق(ة)
30 مارس 2021 14:51

جون كيري المعروف بعدائه للمغرب مند ان تقلد وزارة الخارجية في عهد اوباما.وهو قريب الى عائلة كينيدي التي لا تحمل ودا للمغرب.على الحكومة المغربية ان تعمل على تحصين الجبهة الداخلية خاصة الجانب الاجتماعي والجانب الحقوقي من اجل التواجد

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x