2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
في حاجة ماسة إلى التغيير السياسي

رشيد لزرق
إبان “البلوكاج” الحكومي أظهرت العديد من الوجوه المحسوبة على الجامعة المغربية، عجزا في فهم المثن الدستوري ونفس الشيء الآن في مسألة القاسم الانتخابي. أظهرت أنه كلما كانت أزمة سياسية، سارعت بعض الوجوه المحسوبة على الجامعة المغربية إلى الادعاء بكونها معارضة للدستور، والحال أن هؤلاء يفهمون المثن الدستوري ليس كهندسة متكاملة بل من خلال تقطيع النصوص، وتصيد بعض منهم حالات “الفراغ القانوني” للمناداة بمزيد من القوانين.
أزمات السياسية بالمغرب، وما أكثرها، ليست ناجمة عن نقص في القوانين، بل في روح القوانين التي تنبض بثقافة الشعب وقيمه، وهناك ما يشبه الكفر بالقانون. كما هناك قوانين رائدة في مقاومة العنف المسلط على النساء، غير أن المغرب في مرتبة متقدمة في هذه الظاهرة. وقس على ذلك عشرات القوانين الرائدة، ولكن الممارسات والبنى الذهنية ظلت متخلفة عن تلك القوانين، بل مناهضة لها.
لقد تحوّل بعض الجامعيون إلى عبء على الانتقال الديمقراطي بالمغرب، حينما حاصروه بقراءة قاصرة لأحكام الدستورية. واليوم نحن في الحاجة لرجة حزبية شجاعة و مسؤولة. فالتفاعلات الداخلية التي تعرفها المنظومة الحزبية، قد أظهرت الكثير من ردود الأفعال المنتقدة لما آلت إليه الأوضاع داخل الأحزاب المغربية. وسيكون لها ارتدادات مؤثرة على المؤسسات الدستورية. ويبقى الخطر الأكبر الذي يًهدد سلامة الإختيار الديمقراطي، هو تزايد نسبة المقاطعين للدورات الإنتخابية. خصوصا وأن القوانين التنظيمية قد جمعت ثلاث استحقاقات انتخابية في يوم واحد حاسم.
وهكذا صار الوضع الراهن المأزوم، يتطلب خلق رجة حزبية شجاعة ومسؤولة تساعد على تحقيق انفراج سياسي. وذلك عبر إزاحة فلول القيادات الشعبوية، وتدشين حراك حزبي قانوني تقوده نخب جديدة حاملة لمشاريع متجددة، نخب واعية بمعاني الأحكام الدستورية التي تربط المسؤولية بالمحاسبة.
فلا يمكن تنزيل المخطط التنموي الجديد بعقليات حزبية قديمة ومتقادمة، لقيادات شعبوية امتهنت التكتيك الإنتهازي بدون أي مدلول عقلاني. لذا بات من حكم الضرورة تطوير الآليات الحزبية البالية، والإنفتاح الرزين على الشراكة مع الفضاءات الاقتصادية الإقليمية والدولية. وذلك في إطار الاحترام المتبادل والندية، بما يتيح الفرصة للمغرب قصد تعزيز دوره الرائد في البناء الإفريقي بنموذجه الحزبي الديمقراطي المتطور، الذي بإمكانه تنفيذ برنامج المخطط التنموي الجديد.
فالتخوف من هيمنة رجال الاعمال على مستوى الانتخابات يعود لكونهم يدافعون عن مصالحهم على حساب بقية الشعب وخاصة الطبقات الضعيفة، فضلا عن مخاوف من زيادة منسوب الفساد ضمن مؤسسات الدولة. وحضور رجال الأعمال بكثافة في ترشيحات الانتخابات التشريعية أمر متوقع، فكل برلمانات العالم تعرف تكتلات لرجال الأعمال للدفاع على مصالحهم.
في الحكومة الحالية يظهر جليا تأثير رجال الأعمال في البرلمان الذي توشك عهدته الانتخابية على الانتهاء، وذلك بفرض قراراتهم على الحكومة بشأن قانون المالية والمساعدات الاستثنائية، والاعفاء الضريبي.
إن ترشح رجال أعمال في الاستحقاقات القادمة سيكون مكثفا، وهذا يعود لانفتاح المشهد السياسي ورغبة هؤلاء في الاقتراب من مواقع القرار، بعد أن كانوا إلى وقت قريب يمثلون “رجال الظل” الذين يقفون في الصف الثاني ويدعمون سياسيين يوفرون لهم الدعم المالي من أجل الوصول إلى البرلمان وخدمة مصالحهم ومصالح قطاعاتهم.
باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.