2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

حسين عصيد
رغم الفتور السياسي الذي يطبع العلاقة الثنائية بين المغرب وتركيا، الذي أعقب جر الرباط لأنقرة إلى طاولة المفاوضات من أجل تعديل ومراجعة الاتفاقية التجارية الموقعة بين الطرفين في غشت 2020، من أجل تدارك العجز التجاري غير المتكافئ بين البلدين، وما تلاه من ابرام اتفاق آخر يطوي الخلاف بين البلدين، إلا التعاون الأمني بين البلدين يبقى قائما رغم كل التحديات، توّجَهُ استلام المغرب لعدد من طائرات “الدرون” من فئة “بيرقدار TB2″، أياما فقط على اقتنائه لذات الطائرات، لكن من صنف أمريكي تحت اسم “حارسة البحر”، وذلك بغرض لتعزيز ترسانته العسكرية المغربية، لمواجهة التحديات الأمنية بالمناطق الجنوبية للمملكة.
التعاون المغربي – التركي في المجال العسكري ليس قديماً، لكن فرضته ظروف جيوسياسية قذفت بتركيا على أبواب دول شمال افريقيا، والتي غيرت في عهد رئيسها “أردوغان” من سياساتها الاقليمية، مؤسسة لانفتاح اقتصادي شمل المنطقة بأكملها، لكن واكبه في المقابل انتشار عسكري في عدد من المناطق خارج أسوار البلاد، فرضته ظروف المرحلة، كما يقول الرئيس التركي، وبالتالي فرض على أنقرة التأسيس لصناعة عسكرية بغرض التسليح، ضمّت إليها حلفاء من المنطقة، وكذا دول غير حليفة عسكريا كالمغرب، لكنها ترتبط مع تركيا بعلاقات تفاهم متقدمة.
وسيستفيد المغرب من تعاملاته العسكرية مع تركيا، خاصة في مجال صناعة طائرات “الدرون” المُسيرة عن بُعد، والتي تُعد تركيا، كما أكد “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام” في قصاصة إخبارية، ثالث أفضل دولة في هذه الصناعة بعد الولايات المتحدة وإسرائيل، فضلاً عن قطع حربية أخرى مستقبلاً، يضيف نفس المصدر، تُعد بالغة التطور والتعقيد، خاصة وأن تركيا راكمت تجربة واسعة إلى اليوم في مجال تصنيع الأسلحة، فرضه التوتر الأمني بينها وبين اليونان منذ عقود، وكذا حروبها المستمرة في القوقاز، ومناطق أخرى حاليا كليبيا وسوريا وغيرها، ما رفع صادراتها من الأسلحة بنحو 17% عام 2018 لتبلغ حاجز الملياري دولار، وبنسبة 170% في الفترة ما بين سنتي 2014 و2018، محتلة الرتبة 14 بين العواصم الأكثر تصديرا للسلاح حول العالم.
وإذا كانت المتغيرات التي طرأت على قطاع الدفاع التركي خلال السنوات الأخيرة جديرة بالاهتمام، فإنّ قاعدة العملاء أيضًا تستحق التأمل، فمن بين 13 دولة أعلنت تركيا تعاملها معها على صعيد التسليح خلال السنوات الأخيرة، توجد 11 دولة مسلمة وصديقة دبلوماسيًا مثل المغرب وتونس وتركمانستان والبحرين، هذا الجسر الممتد مع العالم الإسلامي من شأنه أن يضمن لتركيا وجهات تصديرية أكثر أمنًا، وأقل تأثرًا بالتوترات التي تهيمن حاليًا على العلاقات مع أوروبا وأمريكا مثلًا، لكن من جانب آخر، ثمة نقطة ضعف كامنة في تركيز الصادرات الدفاعية التركية على الدول الإسلامية، خاصة الواقعة منها بشمال افريقيا، تتمثَّل في عدم وجود موطئ قدم راسخٍ لها في بقية الأسواق حول العالم، حيث لم تؤَمن أنقرة إلى اليوم أي صادرات دفاعية مهمة وبصفة مستمرة للدول الأعضاء في حلف الناتو.