لماذا وإلى أين ؟

هل سيمنح المغرب اللجوء السياسي لزعيم الإنفصاليين الإسبان؟

ارتفع حجم توتر العلاقات الإسبانية المغربية، بعد إقدام الجارة الشمالية على استقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي على أراضيها، الأربعاء 21 أبريل الجاري، بحجة “الدوافع الإنسانية”، وأن الهدف هو “التداوي” لا أقل ولا أكثر.

هذا الاستقبال وضع الإسبان أمام فوهة بركان الانتقاد الدبلوماسي المغربي، عكس ما توقعته خارجيتها، بأن الأمر “لن يؤثر على علاقاتها مع المغرب“،إذ  أعرب الأخير عن انزعاجه الصريح من سلوك إسبانيا الذي “لم براعِ حسن الجوار”.

وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن المغرب “يأسف لموقف إسبانيا التي تستضيف على ترابها المدعو إبراهيم غالي، زعيم ميليشيات “البوليساريو” الانفصالية، المتهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”، ما دفعها إلى استدعاء السفير الإسباني بالرباط وطلب تفسيرات حول هذا الموضوع، حسب بلاغ للوزارة المذكورة.

هذا التوتر الحاصل بين البلدين الشريكين في عدة قضائيا إقليمية على مستويات متعددة، فتح المجال أمام تساؤلات عريضة، حول إمكانية سلوك المغرب سياسة “المعاملة بالمثل” واستقبال انفصاليين إسبان نادوا باستقلال أقاليم إسبانية عن إسبانيا.

وأثير الكثير من اللغط حول “قرار السلطات المغربية منح صفة ”لاجئ سياسي” لزعيم الاستقلال الكاطالوني، كارلوس بويجديمون، الذي حوكم في إسبانيا بتهمة إثارة الفتنة بعد محاولته الانفصال عن إسبانيا عندما حكم كاطالونيا في عام 2017”.

هذا التضارب في المعلومات المتداولة هنا وهناك، دفع الجريدة الإلكترونية “آشكاين” إلى تقصي الحقيقة من مصدرها في وزارة الخارجية المغربية، مع الكشف عن الأوراق المحتمل أن يلعبها المغرب في ظل الوضع القائم، رفقة المحلل السياسي كريم عايش، وما مدى واقعية خيار إعطاء “اللجوء السياسي” للانفصالي الإسباني المذكور.

وزارة الخارجية المغربية تعلق على الموضوع

وفي هذا السياق كشف مصدر مأذون من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في حديثه لـ”آشكاين”، عن “عدم وجود لأي إشارة ولو بسيطة لديهم في الوزارة حول هذا الموضوع”.

وأكد مصدرنا، على أن “الأمر لا يعدو كونه فقط تم تداول في بعض المواقع الإلكترونية المغربية ولا أساس له من الصحة”.

إسبانيا خرقت القانون الدولي

من جانبه، يرى عضو المركز المتوسـطي للـدراسـات والأبحاث الدولية والتشاركية، كريم عايش، أن “المغرب دوما ما تفاعل بايجابية وامتياز مع مذكرات الإنتربول وطلبات الدول التي تربطها بها اتفاقيات تعاون امني وقضائي بخصوص تسليم الجانين والمتابعين، ولم يتوان مطلقا في احترام قدسية وسمو القانون الدولي الجنائي، وهو ما أهله ليكون مثالا في التعاون وأيضا بلدا واضحا وصريحا بخصوص هذا الملف والذي يحترمه المغرب أيما احترام”.

موردا أنه “بالمقابل تقدم الجارة الإسبانية على القبول بخرق للقانون الدولي، من خلال استقبال إبراهيم غالي بهوية جزائرية مزورة، وهو الشخص الموضوع على مذكرات بحث دولية اسبانية بسبب جرائمه ضد إخواننا وأخواتنا المحتجزين بتندوف في مخيمات العار”.

رجعية وتخلف الدستور الإسباني

واعتبر كريم عايش، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “هذا السلوك الذي قامت به إسبانيا يطرح مسألة ازدواجية المعايير وشيزوفرانيا الآلة السياسية بهذا البلد والدول التي تساند الأطروحات الواهية الانفصالية، إذ تقبل بوجود كيان وهمي انفصالي مصدره إفريقيا، وتسجن زعماء حركات الباسك وتحاربهم كما تحارب حركة استقلال كاطلونيا وتسجنهم جميعا”.

واستدرك عايش، بالقول: “طالما أن إسبانيا تؤمن بمبدأ يدفعها لاستقبال غالي فهي تتنكر لنفس المبدأ في محاربة انفصاليي كاطلونيا، بحجة عدم تمكين الدستور الاسباني للانفصال، وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى حول رجعية وتخلف الدستور الاسباني عن مواكبة حريات وحقوق الإنسان والشعوب”.

خيار المغرب في استقبال الزعماء الانفصاليين

وأوضح كريم عايش، في حديثه لـ”آشكاين”، بأنه “كان حريا بالمغرب في مواجهة جيران قمعيين للحركات التحررية والانفصالية المحلية، ان يستقبل هذا الزعيم الكاطالوني، او رئيس حكومة القبايل او فتح مكاتب اتصال باسكية أو لجزر الخالدات كمعاملة بالمثل وتصعيدا لتدخل تلك الدول في الوحدة الترابية المغربية، حتى يرى العالم الحقيقة المرة”،

“لكن المغرب لا يقبل بعقيدة انفصال الشعوب”، يسترسل عايش “ولا تفككها وسعى منذ عهد الملك الراحل محمد الخامس طيب الله ثراه، إلى توحيد الشعوب واحترام السيادات الترابية لها، وما كان أبدا صاحب فكر توسعي أو تمددي”.

مشيرا إلى أن “المغرب كان حينها مازال تحت الاستعمار الفرنسي، حين رفض التخلي عن استقلال الجزائر وجنوب إفريقيا والغابون ودول أخرى عديدة منضوية تحت لواء دول عدم الانحياز”.

مشددا على أن ذلك ما جعل المغرب “لم يتدخل مطلقا في مشاكل إسبانيا الداخلية ولم يصب الزيت على النار، وترك الأمور بين يدي إسبانيا، وعمل دوما على احترام السيادة الوطنية للدول والتعامل مع دول معترف بها أمميا، بدل القفز على الحبال والمناورات وإثارة القلاقل والمشاكل”.

وخلص عضو المركز المتوسـطي للـدراسـات و الأبحاث الدولية والتشاركية، كريم عايش، إلى أن “اتفاقية حسن الجوار الموقعة بين إسبانيا والمغرب، ناهيك عن المواثيق الدولية والاتفاقيات الخاصة بمحاربة الجريمة المنظمة، كلها تدين إبراهيم الغالي وتعرضه للمسائلة والسجن، وعلى إسبانيا تحمل مسؤوليتها وتبعات سياستها الخارجية الرعناء اتجاه المغرب”.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x