2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تفوح رائحة الموروث الثقافي الذي تكتنزه رمال الصحراء المغربية من بيوت أهلها، كلما أرخت ليالي رمضان سدولها على هاته الأراضي الزاخرة بتراث البيظان.
ألعاب شعبية وتقاليد وطقوس خاصة توارثتها أجيال من الصحراويين جيلا بعد جيل، تكشف عمق وتنوع الحضارة التي تزخر بها بلادنا، ما يجعل الزائر للجنوب المغربي يغوص في رحاب أجواء الحاضر التي تعود به إلى كنف الأجداد.
واختارت الجريدة الإلكترونية “آشكاين” أن تبسط سلسلة رمضانية لمجموعة من هذه التقاليد الصحراوية العتيقة التي تختزنها الأقاليم الجنوبية والتي يتميز بها شهر رمضان بالخصوص، من خلال حلقات برنامج “عادات صحراوية رمضانية”.
وسنتطرق في الحلقة السادسة عشر من سلسة “عادات صحراوية رمضانية”، إلى بعض الطقوس والتقاليد والمعتقدات الشعبية لدى المجتمع الصحراوي في ليلة القدر.
ويتحدث كتاب مكنز التراث الشعبي المغربي عن إحياء ليلة القدر، والطقوس مشتركة بين جميع سكان المغرب، مثل الكسكس الذي يعتبر أشهر أكلة تحضر في هذه الليلة.
وحسب نفس المصدر، فإن “ليلة القدر التي تعار الناس أنها تواف ليلة السابع والعشرين من رمضان، يوظف لها عادات وممارسات مرتبطة بتخليدها وإحيائها، مثل: تزيين المساجد بالمصابيح بشكل لافت، والإنفاق على المحتاجين، وتوزيع قصعات الكسكس على معوزين والساكين على أبواب المساجد، والإكثار من الذكر والصلاة، وغيرها من العادات”.
طرد الجن والأرواح الشريرة
وأوضح الباحث في التراث اللامادي الحساني، بوزيد الغلى، أنه “بالإضافة إلى ما ذكر من طقوس وعادات مشتركة هناك معتقدات شعبية لدى المجتمع الصحراوي، هي أنه ليلة في القدر يتم فك الجن والشياطين من أصفادها، لذلك نرى الناس من عصر ليلة 27 يبدؤون كل الطقوس المتعلقة بطرد الأرواح الشريرة، اتقاء الجن وإعداد البخور وغالبا تستعمل الشبة والحرمل وغير ذلك”.
أكد الباحث في التراث اللامادي نفسه، على أنه “كنا نجد في الزمن الماضي إلى حدود بداية التسعينات، أن الأسر الصحراوية يعلقون في صدور أطفالهم حزمة صغيرة(صرة) من البخور(التباخير) في ليلة 27، وهي من الطقوس التي اندثرت”.
خط جبريل
“والمثير هو حفل الحناء للأطفال الصغار”، يسترسل محدث “آشكاين” حيث “أقامته جمعية في مدينة العيون مؤخرا، وهو يذكرنا بطقس قديم، حينما كان يتم نقش أيادي الفتيات بالحناء، في حين الذكور يتم تعليم أياديهم بما يسمى خط جبريل في اليد اليمنى غالبا، وكل ذلك قبل حلول الليل”.
ويرى بوزيد أن “استعمال الحناء له رمزية دينية في جميع الثقافة الدينية، وجبرائيل عليه السلام هو أمين الوحي والذي أنزل الوحي على المصطفى صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر”.
وأوضح بوزيد لغلى، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “المعتقد الشعبي أضفى على هذه الطقوس بعدا حسيا يذكر بجبريل عليه السلام بتسمية خط الحناء باسمه، وإلا ما سر الحناء في ليلة القدر بالنسبة للأطفال، وعلى كل حال هو طقس مفتوح على العديد من التأويلات وعلى عدة قراءات، وهذا من قوة الثقافة الشعبية”.
عرفة عرفة يا لالة
المسألة الثانية، يضيف الدكتور بوزيد الذي رافقنا في غالب حلقات سلسلة “عادات صحراوية رمضانية”، هي “فرج الأطفال، إذ أن من الأناشيد التي كان الأطفال يرددونها وهم يجوبون منازل الحي هي: عرفة عرفة يا لالة يا ميمونة عطينا شي ولا نمشو يعطيك وليد محني اليد..”.
وأورد أنه “أحيانا يعطى لهم السكر أو النقود أو هما معا، وإذا لم يعطهم أحد ممن طرقوا بابه يدعون عليه لبخله عليهم بالقول: كوسكوس سملي دارك من الخنفوس”، والعكس يقال لمن جاد عليهم بعطاياه، فيقولون له: كوسكوس يملي دارك من الفلوس”، مشيرا إلى أن هذا “الطقس الاحتفالي جميل وهو شبيه بالأغاني الدينية الطفلية التي كانت تغنى في عاشوراء والمناسبات الثانية”.
أحمد الهيبة صمداني – آشكاين
الحلقات السابقة: من هنا.