2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

انعكست الأزمة المغربية الإسبانية الحالية على مخاوف المحللين والخبراء الإسبان، حيث وصل بهم الحد إلى المقارنة الجدية بين الجيشين الإسباني والمغربي، مع دراسة إمكانية المواجهة بينهما في ظل تصاعد شرارة الأزمة بعد أحداث سبتة واستقبال زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، من طرف إسبانيا.
وفي هذا السياق، أفرد الاقتصادي والعسكري المتقاعد، والمدير المشارك في معهد دراسات الصراع والعمل الإنساني (IECAH)، جيسوس أ. نونيز، مقالا تحليليا خصصه للمقارنه بين الجيشين المغربي والإسباني، مع دراسة إمكانية المواجهة العسكرية.
وقال المحلل العسكري الإسباني، جيسوس نونيز، عبر جريدة “إلدياريو” إنه “في خضم أزمة سياسية حادة بين المغرب وإسباينا مؤخرًا، من المغري للبعض إعادة النظر في القدرات العسكرية للطرفين، مما يغذي نهجًا طويل الأمد يشير إلى أن الصدام مع إسبانيا أمر حتمي في نهاية المطاف.
واعتبر المتحدث أن هذا “النهج يبدأ من تسليط الضوء، من ناحية، على التحديث الواضح للغاية للقوات المسلحة الملكية المغربية (FAR)، ومن ناحية أخرى، نقاط الضعف التي تراكمت من قبل القوات المسلحة الإسبانية (FAS)، للاستنتاج الفوري أن هذا يمثل أمرًا واضحًا تهديد لإسبانيا، وسيجبرك هذا على الرد بنفس القدر قبل فوات الأوان”.
المغرب أصبح قوة عسكرية في المغرب الكبير
وتابع جيسوس نونيز ، في مقاله التحليلي المطول، أنه “إذا تمسكنا بالحقائق، فمن الواضح أن المغرب أصبح قوة عسكرية في المغرب الكبير، في السنوات الأخيرة، وبفضل المساعدات السعودية السخية والالتزام الأمريكي بتجهيز حليفها المخلص بكل ما يلزم، مشيرا إلى أن “الرباط تلتزم بجدية لتحسين قدراتها العسكرية في جميع المجالات”.
ويرى الخبير العسكري نفسه، أن “تطوير خطة المشتريات الخمسية التي بدأت في عام 2018، أدى إلى الإعلان مؤخرًا عن مشتريات تصل إلى 25 مقاتلة من طراز F-16 و 36 طائرة هليكوبتر أباتشي، وأكثر من 200 دبابة قتال M1 Abrams”.
علاوة على “شراء نظام الدفاع المضاد للطائرات من طراز باتريوت ، صواريخ جو-جو Raytheon AIM-120 AMRAAM وأربع طائرات بدون طيار MQ-9 Reaper، أصبح الآن في الأفق على المدى القصير، دون استبعاد الاستحواذ في المستقبل على مقاتلات “f-35” المتقدمة للغاية”.
من أجل كل هذا، يضيف المحلل الإسباني في تحليله المطول، أن “المغرب يمتلك حوالي 22000 مليون دولار، وهو مبلغ استثنائي لاقتصاد يحتاج إلى تغطية العديد من الاحتياجات مثل الاقتصاد المغربي”.
ولم يغفل المحلل المذكور إعادة المغرب لخدمة التنجيد الإجباري في تقييمه، موردا قوله: “يضاف إلى هذا الجهد العسكري إعادة الخدمة العسكرية الإجبارية للرجال والنساء، منذ العام الماضي، دون إغفال تعزيز قدراتهم الدفاعية الجوية وأسطولهم البحري، في كل من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط”.
القوات المسلحة الإسبانية تعاني من عيوب خطيرة
في المقابل، اعتبر جيسوس نونيز، أن “إسبانيا تعاني من عيوب خطيرة في قواتها المسلحة، عندما يُنظر إليها من حيث الدفاع عن مصالحنا الحيوية في سيناريوهات مختلفة وعند مقارنتها بمصالح الدول المجاورة الأخرى (خاصة في إطار الناتو)، مشيرا إلى أنه “من غير المناسب إجراء مقارنات مباشرة مع المغرب، لاستخراج رسائل تنذر بالخطر من هناك، قد يبدو أنها توحي بأن إعادة التسلح المغربية هذه موجهة ضد إسبانيا”.
وشدد المصدر ذاته على أن “الأرقام الخاصة بالمعدات والمواد والتسليح لا تصمد أمام المقارنة، حيث زادت إسبانيا أكثر من ضعف الميزانية التي يخصصها المغرب للدفاع، مع الأخذ في الاعتبار، بالإضافة إلى ذلك، أن إسبانيا بالكاد تخصص 1.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لهذا الغرض، بينما المغرب تقارب 6 في المائة”.
ولفت العسكري الإسباني المتقاعد الانتباه إلى أن “عدد الطائرات والمروحيات والسفن الحربية الإسبانية كبير، دون إغفال أن جارتنا الجنوبية ليس لديها حاملات طائرات ولا غواصات، وهذا لا يتم تعويضه بأي شكل من الأشكال”.
المغرب يتفوق على إسبانيا في عدد القوات
وأكد المدير المشارك في معهد دراسات الصراع والعمل الإنساني، جيسوس نونيز، في المقال نفسه، على أن الرباط تتفوق على إسبانيا في عدد القوات، في الدبابات القتالية وقطع المدفعية، جميعها تقع على الجانب الآخر من المضيق، ويكفي أن نتذكر أن مؤشر القوة النارية العالمي لعام 2021، والذي يقيس القوة العسكرية لـ 138 دولة، يضع إسبانيا في المرتبة 18، بينما يأتي المغرب في المرتبة 53 فقط”.
محاولة تحسين ضد واشنطن
وفسر جيسوس نونيز إعادة التسلح المغربي على أنه “محاولة لتحسين موقعه في نظر واشنطن كمساهم مهم في أمن المضيق ومحاربة الإرهاب الجهادي، وقبل كل شيء، كجزء من تنافسها مع الجزائر على القيادة الإقليمية، علما أن الجزائر لا تزال متفوقة في المجال العسكري، إذ تحتل المرتبة 27 في المؤشر المذكور أعلاه، لكنها ترى الفجوة تضيق تدريجياً”.
احتمال المواجهة العسكرية
“وهذا لا يعني بالطبع أن العملية العسكرية المغربية لا تؤثر على إسبانيا بأي شكل من الأشكال”، يسترسل الخبير العسكري الإسباني، لكن لا يوجد تهديد مباشر ولا حاجة للرد نقطة تلو الأخرى على ما يفعله المغرب”.
وأردف المحلل قائلا: “إدراكًا منها أن سبتة ومليلية لا يمكن الدفاع عنها عسكريًا في مواجهة هجوم بالقوة، فقد حاولت إسبانيا لفترة طويلة تطوير اعتماد متبادل كثيف قدر الإمكان مع المغرب مما يجعل الخيار العسكري غير وارد بالنسبة للرباط في مطالبتها التقليدية بالسيادة على هذه المدن”، مؤكدا على أن “هذا الإطار لا يحررنا من الصدمات والأزمات؛ لكن من هناك إلى المواجهة العسكرية لا يزال على بعد سنوات ضوئية”.
وربط الخبير الاقتصادي العسكري ذاته “إعادة التسلح المغربي بالنسخة الجزائرية المحتملة، في لعبة الحركة والردود الكلاسيكية التي تغذي كلاهما ديناميكية المواجهة التي يمكن أن تثير نطاقًا لا يمكن السيطرة عليه، وفي هذه الحالة، فإن عدم الاستقرار تلقائيًا يمكن أن يولد صدمة مباشرة بين الجارتين سيكون له تلقائيًا تداعيات سلبية للغاية على المصالح الإسبانية في المنطقة”.
ودعا المحلل الإسباني في نهاية تحليله، إلى عدم “إغفال الحاجة إلى الاحتفاظ بقدرة عسكرية كملاذ أخير تحافظ على مصالح إسبانيا في المنطقة بأي ثمن”، معتبرا أنه من “الملائم أكثر أن نكرس أنفسنا لمنع هذه العلاقات السيئة بين الرباط والجزائر العاصمة من أن تؤدي إلى المواجهة المباشرة”.
أحمد الهيبة صمداني – آشكاين