لماذا وإلى أين ؟

صبري يُعَدِّدُ اختلالات في أحكام القضاء الإسباني على زعيم جبهة البوليساريو

مثل زعيمي جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، أما المحكمة الوطنية الإسبانية، اليوم الثلاثاء فاتح يونيو الجاري، بعد شكايات متعددة من أفراد وهيئات اتهموه بـ”الاغتصاب والتعذيب وجرائم الإبادة الجماعية”، وهي التهم التي قابلها القضاء الإسباني بعدم الاستجابة لمطالب المشتكين ورفضه تنفيذ عقوبات احترازية على غالي.

ورفض قاضي التحقيق في المحكمة الوطنية التي مثل فيها إبراهيم غالي بتقنية الفيديو التناظري، اعتقال غالي أو فرض الإقامة الجبرية عليه، مكتفيا فقط بتحديد مكانه بشكل مستمر والحصول على رقم هاتفه فقط.

وشكل هذا الحكم الصادر عن قاضي المحكمة الوطنية الإسبانية، سانتياغو بيدراز،  مثار تساؤلات حول صَوَابِـيّـتِـه القانونية، في حكم الأعراف والقوانين الدولية التي توبع بها زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي.

وفي هذا السياق، أوضح أستاذ العلاقات والقانون الدولييْن بكلية الحقوق السويسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد النبي صبري، أنه “جرت صباح هذا اليوم أولى محاكمات زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، حسب المقتضيات القانونية التي كان من الممكن أن تشرع فيها إسبانيا منذ مدة، ولكن هذا الأمر تأخر، رغم أن إبراهيم غالي متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية”.

وشدد صبري، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “هذه الجرائم التي اتهم بها غالي فيها جزء يتعلق بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وانتهاكات خطيرة للأعراف السارية على مستوى النزاعات الدولية، علاوة على مخالفات جسيمة للبروتوكولين الإضافيين لعام 1977”.

وعدد أستاذ العلاقات والقانون الدولييْن بكلية الحقوق السويسي نفسه “الانتهاكات الجسيمة” التي قال إن “ابراهيم غالي ارتكبها وأصبحت في حكم المؤكد، هي القتل العمد، تعمد إحداث آثار أليمة، والإضرار الخطير بالسلامة البدنية، وغيرها”، مشيرا إلى أن “هذه الأمور التي تنص عليها اتفاقية جنيف 1949، يقابلها أيضا نصوص واردة في المحكمة الجنائية الدولية”.

موردا أن “هذه المحكمة الجنائية يكون لها اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، وخصوصا عندما ترتكب  في إطار خطة أو بشكل ممنهج، أو في إطار ارتكاب عملية واسعة من هذه الجرائم، ومن ذلك الانتهاكات الجسيمة التي سطرتها اتفاقية جنيف 1949، وتتضمن إحداث المعاناة الشديدة  وإلحاق الأذى الخطير بالجسم وبصحة الناس”.

“ولاحظنا أن السلطات الإسبانية التي هي عضو في محكمة الجنايات الدولية، والتي تظل على مستوى أوربي، دائما تعير اهتماما للمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان وحريته”، يستدرك صبري قائلا: “فلاحظنا أن هذا التصرف الذي قامت به إسبانيا في محاكمة غالي، هو في الحقيقة يسائل منظومة القيم”، متسائلا “إن كانت إسبانيا فقدت صوابها لهذه الدرجة؟ رغم أنها تنضوي تحت اتحاد يجعل من بين أسسه احترام كرامة الإنسان  وحقوقه”.

وعلى مستوى ثانٍ، يضيف عبد النبي صبري، في حديثه لـ”آشكاين”، هناك “مسألة غريبة في مجال علاقات الدولية والقانون الدولي حدثت خلال هذه الأزمة، فبوجود مشكل حصل بين المغرب وإسبانيا، كون الأخيرة استقبلت شخصا لا تتوافر فيه لا الصفة ولا الوظيفة، شخص يحمل جواز سفر مزور، وهذه مشكلة، وبحدوث ذلك قفزت إسبانيا عليه، وبدأ الحديث عن الهجرة السرية”.

وتساءل محدثنا إن كان “من الممكن تحويل مشكل وقع بين دولتين في إطار نزاع ثنائي إلى نزاع متعدد الأطراف مع الاتحاد الأوربي كما فعلت إسبانيا؟”، ومبرر ذلك، يسترسل أستاذ العلاقات الدولية “هو أن إسبانيا وجدت نفسها أمام تصرفات صَعُب عليها تبريرها، فحوّلت الموضوع من الإطار الثنائي إلى إطار الاتحاد الأوربي، وبعد هذا التحويل لم نرَ أحدا يتحدث عن جرائم الحرب والمشاكل التي قام بها غالي، بل أصبح الحديث منصبا عن مشكل الهجرة السرية، وبالتالي تم تحريف مسار النقاش”.

وبسط صبري عدة ملاحظات حول جلسة الاستماع لإبراهيم غالي التي تمت اليوم الثلاثاء فاتح يونيو الجاري، مؤكدا على أن “الملاحظة الأولى هي أن دفاع غالي طالب بإسقاط كافة الاتهامات ضد موكله، وهو أمر غريب، في حين أن دفاع الضحايا أكد على أن الحقائق التي استندت عليها الشكايات لا يشك أحد في كونها قد حصلت”.

وأشار صبري إلى أن “رئيس هذا الجلسة أمر ببقاء إبراهيم غالي في إسبانيا، مع تحديد مكان تواجده، الذي هو معروف في الأصل”، متسائلا في الوقت نفسه، عن “سبب عدم سحب جواز سفره حتى لا يتم تهريبه على هذه المقتضيات”، مستغربا في الوقت نفسه من هذا القرار.

وخلص أستاذ العلاقات والقانون الدولييْن بكلية الحقوق السويسي بالرباط، إلى أن “مثل هذه القضايا التي يتابع فيها زعيم جبهة البوليساريو بهذه التهم، وما دام أن القاضي ذهب مع تحديد مكان تواجده باستمرار، لماذا لم يأمر بسحب جواز سفره الذي دخل به إلى إسبانيا”، مؤكدا على أن “هذا في حد ذاته يشكل انتهاكا للأعراف والقوانين الدولية”.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
2 يونيو 2021 18:16

اين الذين يطبلون للقضاء في اوروبا ويدعون انه مستقل. ماذا تسمون هذه المهزلة خصوصا الذين دائما ينتقذون المغرب والذين يدعون بعدم استقلاليته اين عصاة الوطن لماذا بلعوا السنتهم ام كل شيء في المغرب سيء اما اوروبا فكل شيء هو هذاك. اذن تكلموا اتحفونا بارائكم التي لاتعرف سوى الاساءة لهذا الوطن وتصوير كل شيء فيه اسود.

محمد أيوب
المعلق(ة)
2 يونيو 2021 17:35

وماذا بعد؟:
لقد غادر الانفصالي غالي اسبانيا..لابد ان هناك شيء ما بين أطراف العملية:اسبانيا والجزائر..بغض النظر عن قرار القضاء الاسباني فإن الأمور كانت واضحة تماما..لقد تم:”تسييس”القضاء بشكل اوبآخر، فالقاضي لم يحتفظ بالمتهم الى حين الاستماع للضحايا/المشتكين،بل بادر بالتعجيل بالترخيص لع بمغادرة اسبانيا تجنبا لأية تطورات قد لا تكون في صالح كل من الجزائر واسبانيا..اسبانيا دافعت وتدافع عن موقفها/مصالحها..المغرب كذلك..الجار الشرقي الحاقد علينا كذلك..وبين المصالح تضيع العدالة طبعا…ورأيي أن المغرب كان يمكن له أن يكتفي يفضح كل من الجزائر واسبانيا ويترك للداخل الاسباني/المعارضة أن تقوم بالباقي…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x