لماذا وإلى أين ؟

صبري: قضية الريسوني لن تؤثر على علاقة المغرب وأمريكا والملك سيتدخل في هذه الحالة (حوار)

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية، أمس الإثنين 12 يوليوز الجاري، على خط ملف الحكم الصادر يوم الجمعة  9 من هذا الشهر، بحق سليمان الريسوني، رئيس تحرير صحيفة “أخبار اليوم” المتوقفة عن الصدور، منتقدة(أمريكا) المغرب لإصداره حكما بالسجن خمس سنوات على الريسوني، وحثت المملكة على حماية حرية الإعلام.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن بلاده “أصيبت بخيبة أمل” من الحكم الصادر في حق الريسوني، وأنه “استُهدف بسبب تغطيته الانتقادية”، مشيرا إلى أن “الولايات المتحدة تثير أيضا مع المغرب قضايا أخرى للصحافيين بما في ذلك قضية عمر الراضي المحتجز في الحبس الانفرادي بتهمة الاعتداء الجنسي وتقويض أمن الدولة”، موردا “نعتقد أن العملية القضائية التي أدت إلى هذا الحكم تتعارض مع وعد النظام المغربي الأساسي بإجراء محاكمات عادلة للأفراد المتهمين بارتكاب جرائم وتتعارض مع وعد دستور 2011 وأجندة إصلاح جلالة الملك محمد السادس”.

وشق هذا التدخل صفوف متتبعي الشأن السياسي بالمغرب والعلاقات الثنائية مع أمريكا، بين اعتبر أن “أمريكا تدخلت في الشؤون الداخلية للبلاد”، بينما يراه آخرون أنه “من الأدوار التي تركز عليها إدارة بايدن في علاقات أمريكا الخارجية”، وهو ما دفعنا لمحاور أستاذ العلاقات الدولية بكيلة الحقوق السيوسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، وعضو مختبر الدراسيات السياسية  والقانونية، عبد النبي صبري، لاستجلاء ماسبق، ومعرفة مآل العلاقات المغربية بعد هذا الحدث وهل سيؤثر أصلا فيها.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية..هل يعتبر هذا التصريح تدخلا في الشؤون الداخلية المغربية؟

أولا القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان أصبت منذ بداية تسعينيات القرن الماضي  أداة للسياسة الخارجية للدولة، فيما يتعلق ببعض المقتضيات التي تطرأ على الصعيد الدولي بخصوص هذه القضايا المحلية هناك اتجاهان.

الاتجاه الأول يقول بأن هذا الأمر يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للدولة، واتجاه ثانٍ يقول أن المسائل المرتبطة بالحقوق وتدخل في المجال الإنساني هو يكون في القضايا ذات الطبيعة الحساسة، وليس بشكل محدد هل سيكون في زمن السلم أم في زمن الحرب.

على العموم فإن هذا التصريح لوزارة الخارجية الأمريكية، لا يخرج عن كونها دائما تجعل من القضايا المرتبطة بالقيم الكونية وقضايا حقوق الإنسان مسألة أساسية في بلورة مواقفها الخارجية، وبالتالي هذا التصريح الصادر عن وزارة الخارجية  المرتبط بمجموعة من المقتضيات، يثير التساؤل: هل لديهم كافة المعطيات المتعلقة بهذه الملفات؟؛ لأن بعض القضايا التي تطرح على مستوى القضاء هناك اختصاص متعلق بسياسة الدولة لممارسة كافة الأنشطة فوق ترابها، ومنها القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان.

من جهة اخرى، فإن كثيرا من الحالات، عندما تكون هناك قضايا مرتبطة بالقضايا الحقوقية أو أثير بشأنها الكثير من المشاكل، يتدخل جلالة الملك ويقوم بإصدار عفو وحل هذا المشكل، لكن عندما تكون الأمور بدون تداعيات على الصعيد الخارجي.

في نظرك..ماذا بعد هذا التصريح؟

أولا العلاقات المغربية الأمريكية علاقة متينة وتطورت أكثر مما كانت عليه في الماضي، وامريكا اعترفت بسيادة المغرب وتم تأكيد ذلك، وتمت بلورة مجموعة من المواقف المترتبة عن الاعتراف في هذا المنحى.

وبطبيعة الحال هذه المواقف التي تكون بهذا الشكل، تكون عابرة لمجموعة من القضايا ولا تؤثر بأي حال من الأحوال على المضي قدما في العلاقات الثنائية بين البلدين، لأن هذه العلاقة في استمرارية، وحتى المواقف تدعم هذه الاستمرارية، وحتى إن كان تغيير في هذه المواقف فهو يكون من داخل هذه الاستمرارية، ولا أعتقد أن هذا الحدث سيؤثر على العلاقة مع أمريكا، لأن الأخيرة بإدارة بايدن تشير في مواقفها إلى القيم  وليس إلى مصالح، وفي هذا الموضوع الذي شمله تصريح الخارجية له علاقة بين المصالح والقيم؛ وبالتالي فإن هذا التصريح سيظل على مستوى هذا المنحى ولن يؤثر بأي حال من الأحول على المجالات الأخرى.

ثم إن كانت المسألة متعلقة بحق سليمان الريسوني فهناك استئناف، وإذا كان طرف متضرر من مجموعة من الامور فيمكن تصحيحه، ولا زالت هناك مساطر أخرى، وهذا الملف لم يقفل على الصعيد الداخلي وبالأحرى أن تكون هناك مواقف على الصعيد الخارجي.

هل سيؤثر على العلاقات المغربية الأمريكية؟

كما أكدت في السابق، فإن ما يجمع ويدعم العلاقات الأمريكية المغربية في الظرفية الحالية أكثر من بعض الأحداث التي قد تؤثر على مثل هذه المسارات، وبالتالي فالمغرب يمضي قدما في هذا المسار، والقضايا المتعلقة بالحقوق والحريات  أصبحت من بين القضايا الأساسية والرئيسية في الدرستور المغربي الحالي، لدرجة أن حتى المعاهدات المرتبطة بحريات المواطنين فإن جلالة الملك لا يصادق على هذه الاتفاقيات إلا بعد الموافقة عليها بالقانون.

وإذا كانت هناك بعض الأمور المربتطة  بمثل هذه القضايا المتعلقة بالحقوق والحريات، فإنها أصبحت من بين المكتسبات الحقيقية ومن بين الضمانات الحقيقية التي لا يمكن التراجع عنها، وإذا كان هناك ما قد يؤثر على الصعيد الداخلي في هذه المسائل المرتبطة بالحقوق فهناك مسار الاستئناف الذي ذكرناه، ثم هناك التدخل الملكي الذي يكون في نهاية المطاف لجبر أضرار المتضررين.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Slimane d'Argenteuil
المعلق(ة)
15 يوليو 2021 15:09

Entre alliés on se dit les choses d’une manière franche et claire. Quand le state usa adresse des critiques au Maroc, c’est pour l’inciter à rectifier le tir. Cependant l’essentiel des rapports entre les deux états reste solide.

اليزيدي
المعلق(ة)
14 يوليو 2021 21:55

مقاربة ،ضعيفة،ولكنها مقبولة،لانها لم تتطرق -بصراحة-،على ما قد يؤثر على العلاقات ،هو خروج البعض بتصريحات ومقررات منددة،علما أن المغرب اعتاد على سماع -تقارير تنتقد تراجع حقوق الانسان به،والامثلة كثيرة-وهو أمر طبيعي ،يحمل توجها انسانيا ليس الا،،،فحتى (و.م.أ) ،تعيش انتهاكات ،ولكنها لاتبالي بالانتقادات،لذلك يجب على الدولة أن تكون واثقة من نفسها ،وتنهج سياسة حقوقية تلائم الخصوصية المغربية،ولذلك أيضا على البعض أن لايكونوا وطنيين أكثر منها،وهذا ينطبق على الاعلام أيضا…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x