2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ما هي الجهة التي أشار إليها الملك حينما استعمل كلمة “الدخيل” في خطاب العرش؟

د.سمير بنيس*
لم يشر الملك محمد السادس خلال خطابه أمس لإسبانيا بشكل مباشر، ولكنه أشار إليها، حسب اعتقادي، بشكل غير مباشر. وقد كان لافتا استعمال كلمة “الدخيل”، حيث تسائل الكثير من المغاربة عن الجهة التي أشار إليها جلالة الملك حينما استعمل كلمة “الدخيل” بين المغرب والجزائر. أظن أنه أشار بشكل ضمني لإسبانيا.
لفهم ذلك ينبغي استحضار الدور التاريخي لإسبانيا في نزاع الصحراء وتواطؤها مع الجزائر وموريتانيا منذ أواسط الستينيات لمنع المغرب من الاستفراد بالمطالبة باسترجاع سيادته على الصحراء. وهنا، علينا أن نستحضر أن حتى عام 1963، كان المغرب هو الطرف الوحيد المطالب بإجلاء إسبانيا من الصحراء.
ولإضعاف الموقف المغربي، عملت إسبانيا على إقناع موريتانيا بمزاحمته في المطالبة باسترجاع سيادته على الصحراء. ومنذ عام 1963، لم تقم موريتانيا بالادعاء بأن الصحراء كانت دائما تابعة لها فقط، بل طعنت في حجج المغرب مستعملةً نفس اللغة ونفس السردية التي روجت لها إسبانيا في وسائل إعلامها وفي جامعاتها.
كما تواطأت إسبانيا مع الجزائر عام 1975 لتمكين الآلاف من صحراويي تندوف من الحصول على بطاقة الهوية الصحراوية، مما مكن البوليساريو من تنظيم مظاهرة حاشدة في شهر مايو حينما قامت البعثة الأممية بزيارة الصحراء. وخلال تلك المظاهرة، رفع المتظاهرون لافتات مناهضة للمغرب وتطالب بالاستقلال.
وهو ما دفع البعثة الأممية إلى التوصل إلى استنتاج مفاده أن ساكنة الإقليم لم تكن ترغب في العيش تحت السيادة المغربية. وقد أثر ذلك التقرير بشكل كبير على القضاة الذي أصدروا يوم 16 أكتوبر رأيهم الاستشاري، الذي، وإن كان قد أكد على وجود روابط للبيعة بين الصحراويين وسلاطين المغرب، إلا أنه شكل نقطة البداية لإطالة أمد النزاع، بعدما أكد أن وجود تلك الروابط لا يلغي حق ساكنة الصحراء في تقرير المصير.
كما ينبغي الأخذ في عين الاعتبار أن إسبانيا ترغب في استمرار هذا النزاع حتى لا يصبح المغرب قويا اقتصاديا وحتى لا يوجه جهوده للمطالبة بمدينتي سبتة ومليلية.أضف إلى ذلك الخلاف القائم بين البلدين حول ترسيم حدودهما البحرية عرض السواحل المغربية بين الصحراء وجزر الكناري، خاصةً بعض اكتشاف موارد طبيعية في تلك المنطقة مثل التيليريوم والكوبالط.
إسبانيا ليست لها أية رغبة في استكمال المغرب لوحدته الترابية. وهو ما يفسر تفاعلها السيء مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء واستقبالها لزعيم البوليساريو بتواطؤ مع النظام الجزائري. طريقة تعامل الحكومة الاسبانية والجزائرية وتعاونهما في الفترة الأخيرة شبيهة بتواطؤ البلدين ضد المغرب في سبعينيات القرن الماضي وكأن التاريخ يعيد نفسه.
وبالتالي، خلافاً لما يضنه البعض، أعتقد أن “الدخيل” الذي أشار إليه جلالة الملك هو إسبانيا وليست فرنسا. وبطبيعة الحال ليست البوليساريو، التي لا يمكن اعتبارها دخيلا، بل ورقة تستعملها كل من الجزائر وإسبانيا لمنع المغرب من استكمال وحدته الترابية وبناء اقتصاد قوي والاضطلاع بدور رائد في المنطقة.
*محلل سياسي وخبير في ملف الصحراء
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.
وربما تربصات وموامرة ايران والشيعة وحزب الله.