لماذا وإلى أين ؟

خبير: هذه أسباب تجاهل الملك لإسبانيا في خطابه لعيد العرش(حوار)

أثار خطاب الملك محمد السادس الأخير ردود فعل متباينة في الأوساط الدولية، بعد تركيزه المطول  على دعوته المفصلة ومد اليد إلى الجيران الشرقيين، الجزائر، من أجل الحوار وفتح الحدود، وتجاهله التام للجارة الشمالية إسبانيا، والتي كان إعلامها يتوقع وُرُودَ اسم إسبانيا في خطاب الذكرى 22 لعيد العرش، السبت المنصرم 31 يوليوز المنصرم.

وتزامنا مع رد الجزائر على الخطاب الملكي بطريقة غير مباشرة، مفادها أنها لازالت متشبثة بدعم الإنفصال، من خلال ما نشرته عبر وكالتها الرسمية للأنباء، بـ”دعوة جبهة البوليساريو المغرب لإنهاء ما وصفته بالاحتلال من أجل إحلال السلام“،(تزامنا مع ذلك) أثار تجاهل الملك محمد السادس لإسبانيا موجة استياء في الإعلام الإسباني الرسمي وغير الرسمي، وهو ما فتح التساؤل عن خلفيات ذلك.، خاصة أنه يأتي في ظل استمرار الأزمة بين الرباط ومدريد.

ولمعرفة الأسباب التي قد تكون دافعا لتجاهل الخطاب الملكي للجار الشمالي إسبانيا في خطابه الاخير، تستضيف آشكاين، الخبير في العلاقات الدولية، ورئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو لاستجلاء أجوبة عن هذه التساؤلات.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية كيف تقرؤون عدم ذكر الملك محمد السادس لإسبانيا في خطابه؟

جلالة الملك حدد النقاط الأساساية في خطاب العرش، وكما نعرف أن خطاب العرش هو خطاب مرحلة، وخطاب سنوي بحمولة وقوة، تثير أولا أهم الاحداث وأهم التوجهات.

وإذا رجعنا للخطاب سنجد أن هناك نقطة مرتبطة بمواجهة وباء كورونا وعملية التلقيح ونجاح تدبير المرحلة الصعبة، وإشارة قوية أن الوباء مازال موجودا والأزمة الصحية مازالت قائمة، وبالتالي وجب المزيد من اليقظة والمواجهة، وهذا جاء كنقطة اساسية أولى.

ونقطة ثانية كانت مرتبطة بالاقتصاد ومؤشراته، والمشروع التنموي، والتوجه نحو المستقبل والآتي، إذ تحدث جلالة الملك عن تعاقد اقتصادي واجتماعي يؤسس لثورة جديدة للملك والشعب، وأشار أن جلالته سيواكب هذا التنزيل، خاصة وأن المؤشرات الاقتصادية إيجابية.

ثم المحطة الثالثة من الخطاب، كانت على المستوى الداخلي، كون المغرب يحرص على توطيد الأمن والاستقرار  في محيطه الإفريقي والمتوسطي بالأساس، وهذه إشارة لكل ما يقوم به المغرب، وحرص المغرب على الأمن والاستقرار القاري والمتوسطي.

ثم نصل إلى النقطة التي كانت جوهرية إلى جانب النقاط السابقة، وهي تجديد الدعوة للجزائر لبناء علاقات جديدة والدخول في مرحلة جديدة، وأظن أنه عندما نرى هذا التسلسل يظهر لنا أن الحديث عن المرحلة الصعبة المتعلقة بالوباء والحديث عن النموذج التنموي  وتنزيله المربتط بالدخول في مرحلة جديدة، ثم الوقوف على حرص المغرب على توطيد الأمن، ومنه مد اليد نحو المستقبل ونحو علاقات جديدة؛ واعتقد أنه في المرحلة الراهنة، جلال الملك اعتبر أن هذه النقاط هي الحوهرية الآن.

ومن وجهة نظري، فالازمة مع إسبانيا، أو الأزمات الأخرى، أكيد بأن لها تبعياتها ولها درجة أهميتها، وأعتقد أنها لا ترقى إلى مستوى اعتبارها محطة مفصلية أو جوهرية، بالتالي فهي أزمة ناتجة عن  مواقف وسياسات لإسبانيا ونعلمها جميعا، وصولا فضيحة بن بطوش، ولا أعتقد أن هذه الأزمة الأخيرة ترقى في  اهميتها أن تكون في هذا المستوى، وان تحظى بحيز في الخطاب الملكي.

نظرا لأن المغرب عبر عن مواقفه بشكل صريح، وينتظر أفعالا ملموسة من الجانب الإسباني، وما دام الأخير لازال يناور ولم يعط الأجوبة المنتظرة، فالأزمة لازالت قائمة ولم ندخل بعد في مرحلة بداية الخروج من الأزمة؛ وهي لا ترقى، في نظري، لدرجة إدراحها في الخطاب الملكي.

في حين ان الدعوة الموجهة إلى الجزائر، هي دعوة منبعها القلب والرغبة في بناء علاقات بين البلدين ترقى إلى مستوى التحديات، كما انها دعوة تقوم على مسؤولية تاريخية، وجلالة الملك يؤكد على أنه على الاطراف أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية، لان الإغلاق كان في فترة وكانت له مبرراته، ونحن اليوم نعيش في مرحلة أخرى لم تعد فيها لإغلاق الحدود مسوغاته، بالتالي فهناك مسؤولية تاريخية وأخلاقية، وجلالة الملك أبدى الحكمة والتوجه نحو المستققبل لرفع هذه التحديات .

وأظن أنه تأكيد على الإرادة السياسية القوية في مستوى قيادة الدولة ورأس الدولة في المغرب، مع الدعوة إلى تغليب الحكمة وتجاوز هذا الوضع، لان جلالة الملك عبر بصريح العبارة عن رغبة ووعي ومسؤولية وحكمة المغرب في الخروج من هذا الوضع الذي لا يخدم  مصالح البلدين.

كما أن هناك رسائل تؤكد على أن المغرب لم يات منه أي خطر على الجزائر، وبالتالي إبعاد كل ما كان يروج له بان المغرب قد يصدر منه أي شيء قد يهدد أمن واستقرار الجزائر، على اعتبار أن المغرب يعتبر أمن واستقرار الجزائر هو من أمنه واستقراره، وكان تعبير الملك بأن البلدين كالجسم الواحد وأنهما توأمان متكاملان مهما جدا.

لماذا في نظرك “تجاهل”  الملك إسبانيا في خطابه، وما علاقة ذلك بالأزمة الحالية بين البلدين؟

أعتقد أن إسبانيا تقوم بإظهار أنها تجيب على الأسئلة المطروحة، ولكن ما يبدو على الحكومة الإسبانية اكثر، هو جانب المناورة منه جانب إعطاء الأجوبة المقنعة، وكل ما يمكن أن  يعيد الثقة بين البلدين، وكل ما يمكن أ ن يسهل إعادة بناء علاقات جديدة ومتجددة على أسس جديدة مع المغرب,

وأرى أن المغرب اليوم في توجه مغاير، لأن هذه الأزمات المرحلية والمزنة مع إسبانيا، ينبغي الخروج منها، لأانه بالرجوع إلى التاريخ سنجد أنه كل عشرين سنة تقريبا تقع أزمة بين المغرب وإسبانيا، وبالتالي أصبحت هذه الأزمات مرحلية ومزمنة، وفي كل دورة نعود لأزمة أخرى، والأزمة الاخيرة هي الأكبر بين البلدين.

وهذه الحلقة المفرغة من الأزمات، وجب الخروج منه، ولأجل ذلك ، فإنه  غير مقبول اليوم من إسبانيا أن تبقى في مواقف رمادية، وعليها أن تتتحمل مسؤولية خياراتها، فالمغرب لا يطلب من إسبانيا أن تتبنى موقفه، ولكن عليها أن تتخذ موقفا واضحا: مع او ضد، وبشكل صريح، ولا يمكن لها ان تستمر في  عملية إسبانيا الحليف الاستراتيجي والعدو السري،  وبالتالي لايمكن أن تكون هذه الازدواجية؛ والمغرب لا يقبل ولم يعد يقبل بهذه الازدواجية في المواقف .

هناك من يرى أن الملك لم يتجاهل إسبانيا وأنها هي المقصود بـ”الجسم الدخيل”، كيف تردون على ذلك؟

أظن هذه المقصود بجملة “الجسم الدخيل الذي زرع بيننا” هو الحركة الإنفصالية: البوليساريو”، والمسألة ليست فقط كون الجسم الدخيل هو الذي فرق بيننا، ولكن هذا الجسم الدخيل هناك أيادي كثيرة خلفه، من بينها إسبانيا.

لأنه في نهاية الأمر إذا كان الجسم الدخيل هو البوليساريو، فنحن نعلم جميعا أن البوليساريو هو مولود بأبوية متعددة، لأن هذا المولود الهجين، إذا رجعنا لأصله سنجد أن إسبانيا كانت لها يد في خلق وإنشاء البوليساريو في البداية، ولا زالت لها أيادي إلى غاية اليوم، في رعايتها ودعمها ولو بطرق ملتوية.

وبالتالي يمكننا أن نعتبر أن إسبانيا هي الأب الروحي للبوليساريو، وسنجد الجزائر تبنته ومنحته في البداية ترابها، ولا يمكن لأحد أن ينفي الحقيقة والواقع، كون الجزائر وإن كانت هي الأم الحاضنة اليوم ، فهذا لا ينفي دور إسبانيا كما أشرت، ولا ينفي أيضا دور ليبيا القذافي، التي تنبت البوليساريو ماديا ومعنويا ولوجستيا إلى آخره.

لذلك فهذا المولود بأوبية متعددة، وهذا الجسم الدخيل كل واحد من المذكورين أعلاه دفع به في مرحلة معينة ليفرق، بمن في ذلك الجزائر التي تبنته واحتضنته بسن أكبر إلى غاية الآن.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x