2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الإدريسي: نرفض استعمال العنف في المدرسة ونحن ضد سياسة اللاعقاب

أعادت واقعة تعنيف أستاذ بإحدى ثانويات مدينة خريبكة، لتلميذة داخل الفصل الدراسي، موضوع العنف المدرسي إلى الواجهة، وخلقت جدلا جديدا/قديما بين من يُحمل مسؤولية هذه الظاهرة للتلاميذ، واعتبارهم السبب في ممارسة الشغب، وبين من يحمل مسؤوليتها للأستاذ، على اعتبار أنه هو من يحمل رسالة التربية، وله من القدرات والكفاءات ما يلزمه للتعامل مع تلميذ، طفل أو مراهق، وتحبيبه في التعليم واحترام القسم والمدرس بطرق بعيدة عن استعمال العنف بكل أنواعه، فيما ترى فئة أخرى أن المنظومة التعليمية ككل هي من تنتج مثل هذه الظواهر.
لمناقشة هذا الموضوع، استضافت “آشكاين”، في فقرة “ضيف السبت”، عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم/ التوجه الديمقراطي FNE، وأجرت معه الحوار التالي:
كيف تنظر إلى ظاهرة العنف المدرسي؟
بداية شكرا لموقع “آشكاين” على الاستضافة وطرح هذا الموضوع للنقاش، وجوابا على سؤالكم، فبالنسبة لنا نعتبر أن ظاهرة العنف المدرسي مرتبطة بالأزمة التي يعيشها التعليم العمومي، ولو كان لنا تعليم مغربي في المستوى، سواء من حيث البنيات التحتية أو الموارد البشرية وهيئة التدريس وهيئة الإدارة، وبرامج تعليمية، ومناهج، وبالطبع تلاميذ نجباء يأتون من أسرهم بأوضاع اجتماعية واقتصادية وإنسانية في المستوى كذلك، لما كان لدينا عنف مدرسي، جسديا أو معنويا، لا من طرف المدرسين والإدارة، ولا من طرف التلاميذ وأوليائهم ومحيط المؤسسة.
في نظرنا التلميذ والمدرس والإداري، هم ضحايا السياسات التعليمية المتبعة في بلادنا منذ عشرات السنين، والتي أدت بالتعليم إلى ما نحن عليه الآن. فالمسؤولون في بلدنا دائما يحملون المسؤولية فيما وصل إليه التعليم إلى رجال ونساء التعليم، وفي بعض الحالات إلى التلاميذ وأوليائهم، وهذا بالطبع غير صحيح، لأن سبب ما آلت إليه أوضاع التعليم العمومي ببلدنا، من الأولي إلى العالي هو السياسات المتبعة من طرف الدولة والحكومات المتعاقبة.
هل تتفق مع إستعمال الأستاذ للعنف من أجل ضبط القسم؟
كجامعة وطنية للتعليم/التوجه الديمقراطي، نرفض استعمال العنف قطعا، من طرف أي كان ضد أي كان، لأنه يمس بالحقوق الجسدية والنفسية، وكيفما كان العنف سواء جسديا أو لفضيا أو رمزيا.
ما هي العقوبة التي ترونها مناسبة للتلميذ الذي يمارس العنف داخل المدرسة؟
كما قلت، الأستاذ والتلميذ ضحايا التعليم العمومي، ونرفض العنف بكل أنواعه، سواء من طرف المدرس أو من طرف التلميذ، وعندما يحصل هذا فنحن لسنا مع سياسة اللاعقاب.
من جهة أخرى، يجب البحث في المسببات التي دفعت التلميذ إلى القيام بهذا الفعل، ومن هنا يجب مرافقته نفسيا، من طرف مساعدين اجتماعيين، يجب أن يكونوا مختصين وموجودين داخل المؤسسات المدرسية، من أجل مساعدته على الخروج من الوضعية النفسية التي هو فيها، ولكن عندما يحصل ما يحصل يجب على أجهزة المؤسسة التعليمية التي من المفروض أن يكون ممثلا فيها كل من هيئة التدريس وهيئة الإدارة، وآباء وأمهات التلاميذ، وممثلين عن التلميذات والتاميذ، أن تقوم بمهامها، والعقوبات يجب أن لا تكون سببا في فقدان التلميذ لدراسته، بل يجب أن تكون بالتدرج، من الإنذار والتوبيخ، إلى التوقيف عن الدراسة لمدة محدودة جدا، والأهم هو المتابعة والمصاحبة للتلميذ لإصلاح ذاته بذاته.
ما هي العقوبة التي ترونها مناسبة للأستاذ الذي مارس عنفا ضد تلامذته؟
الأستاذ هو الآخر محتاج إلى المتابعة والمصاحبة، وإذا ثبت ممارسته للعنف ضد التلاميذ، فعلى الإدارة ومسؤولي النقابات وجمعية آباء التلاميذ الجلوس معه (الأستاذ) ومساعدته على العدول عن ممارسة العنف، وتحذيره، لكون ذلك فعلا ممنوعا داخل القسم والمؤسسة التعليمية.
هل أنتم مع أم ضد إعمال المقاربة القانونية مع الأستاذ الذي ثبت تعنيفه لتلامذته؟
في جميع الحالات نحن ضد سياسات اللاعقاب، من الأمور الكبيرة جدا إلى الصغيرة، ومن قضايا نهب المال العام إلى ممارسة العنف سواء في المدرسة أو خارجها، لأن سياسة اللاعقاب تشجع على حالة العود وتكرار نفس الفعل.
و داخل المؤسسات التعليمية نفضل أن تبقى المشاكل التي تحصل بها داخلها، دون أن تخرج إلى إطار آخر، سواء العدالة أو الأمن أو السلطات .. ولكن إذا دعت الضرورة بالمتضرر لاتباع المساطر التي يخولها له القانون فمن حقه ذلك، والقانون سيد نفسه، ولكن إذا كانت هناك حالات فيها أمور خطيرة تسببت في الوفاة أو جرح خطير وغيره فيجب إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
ما هي المقترحات التي تراها مناسبة للقضاء على ظاهرة العنف داخل المدرسة؟
من بين المقترحات التي نراها مناسبة للحد من هذه الظاهرة، أولا: الإصلاح الحقيقي للتعليم العمومي، بالإضافة إلى توفير متطلبات المدرسة العمومية، من مدرسين بكفاءات جيدة، وتوفير مساعدين إجتماعيين وتربويين، وبرامج جاذبة للتلميذ، كما يجب إصلاح الوضع الاجتماعي والإقتصادي للمدرس والتلميذ، فلا يمكن القضاء على ظاهرة العنف بالمدارس دون إصلاح حقيقي للتعليم العمومي وأوضاع العاملين والعاملات به وأوضاع التلاميذ وأسرهم.