لماذا وإلى أين ؟

بين ألم المحنة وأمل المنحة…

يوسف الحراق

يا ليت شعري ونثري، من أين لي بالكلمات إذ يغيب المعنى ويندثر جوهر الوجود.
من أين أبدأ وقد زاغت المحطات والامكنة، ولم يعد للوصول من طَعم ، بل هو طُعم في الحلق وغُصّة في الوريد…
ها انا ذا اعود بك وقد غابت الروح عن جسدك الجريح بعد أن اتخنه غدرُ الأوكسيجين، وسياراتُ الإسعاف؛ فلم يعد لنا من خيار غير نقل الموت المحتوم عبر الطريق السريع في صندوق الخشب حيت يرقد بدنُك المرهق من مراسيم الغياب …
ورغم الموت، موتنا نحن وليس موتك انت، كنت الحيّ الوحيد بيننا، فلم تكد تغيب في سرداب الفقد الفادح حتى انبتقت رياحينُ روحك العطرة تنضح بِشرا جهرا وسِرا…
انت حيّ تُرزق بيننا، فقد كنت خير شاهد وشهيد ان الانسان يحيى بالموت قبل الحياة …
ايها الشهيد، كم ابهرتنا وانت ترفع شارة النصر ولم يزل جيشُ الألم يجهزُ على صدرك البطل، وانت تبتسم في وجه القدر المحتوم، وكأنّك كنت تعرف ما في الصفحة والمختوم…

ايها الاوكسجين الرّحيمُ لن ألومك، وقد صرتَ رجيما، فكيف لك ان تزرع الحياة المعلّبة في جوف رجل تنفس بملئ روحه الطاهرة هواء الصفاء والنّبل المعتّق…
وانت تغيب، يا أبتي، طفقَت عوراتُ هذا الوطن التعيس تبينُ تباعا وسراعا. بلاد تبرهن كل يوم أن ارخص ما في الوجود حياة الانسان!
يموت الناس وهم ينتظرون الذي لن يأتي أبدا، ذاك البصيص من الحلم في آخر الشفق.
كم انت مفلسة ايتها البلاد وانت تزفين ناسك الى طواحين التيه وبراتن الجشع، فقد كثر الغشاشون والقوادون وأشباه الرجال وتجار الذمم.
فقبل الحياة، لا بد ان يكون الشيك قد وقّع على بياض، كمثل بياض الاسنان الصقيلة في افواه تجار البشر في كل مكان …
وانت تمضي يا حبيبي الى روضتك الغناء في الفردوس، فضحت زيف التفاصيل وضعف الحيلة …
الى اين ايتها البلاد التي تاهت في المسير ، واختارت سوء المصير…

على روحك يا والدي السلام، وعلى قلوبنا فلتجد، ايها القدير، بالصبر العريض …
وعزاؤنا فيك ايها البطل ما خلّفت وراءك من أمل رغم الألم ومن منح رغم المحن..
وشكرا لكل الذين كانوا خير سند لنا في هذا الفقد الفادح، والحمد لله الذي ا يحمد على شر سواه…

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x