لماذا وإلى أين ؟

الناخبون المغاربة قالوا كفى لبيع الأوهام والاستغلال السياسوي للدين

خديجة الكور

إن أهم ما ميز استحقاقات 8 شتنبر 2021 هو التصويت العقابي ضد حزب العدالة والتنمية، الذي ألحقت به هزيمة سياسية لم يتم توقعها من قبل المحللين السياسيين.

وأعتقد أن المهم ليس هو التعاطي مع هاته الهزيمة بمنطق السخرية والاستهزاء والتشفي، وإنما الوقوف على الدلالات العميقة لهذا التصويت والمشاركة المكثفة للمواطن في هاته الاستحقاقات التي تنم في نظري عن وعيه بدقة رهانات المرحلة التي يمر منها الوطن على المستويات الوطنية والدولية.

إن المواطنات والمواطنون عبروا بتصويتهم العقابي عن تدمرهم واستيائهم من التدبير الفاشل لبعض القطاعات الحكومية والقرارات اللاشعبية التي أثرت على المعيش اليومي للمواطن، وعدم الوفاء بالالتزامات التي رسمها الحزب الأغلبي برهانات كبيرة.

واتخاذ عدة قرارات ساهمت في الزيادة من حدة فقر الفقراء وتنمية ثروة الأغنياء والتدبدب والارتجالية في اتخاذ القرارات وعدم الثبات على المواقف والقدرة على الدفاع عنها.

إن المغاربة بهذا التصويت ينتصرون لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولكنهم يؤكدون أيضا من خلاله أنه لا يقبلون بيع الأوهام السياسية و خداعهم باسم الدين، لأن الدين غير قابل للتوظيف السياسوي، وفي ذلك انتصار لقيم التحديث ورفض “لبجددة” المجتمع.

إن الحكومة المقبلة مطالبة بإلتقاط هاته الدلالات لتكون في مستوى طموحات المغاربة، وذلك من خلال الحرص أولا على تشكيل أغلبية حكوميه منسجمة ينتظم برنامجها في نسق سياسي وفكري واضح المعالم، يتضمن التزامات قابلة للتنفيذ وللقياس داخل أجندة زمنية محددة ومعلومة لدى الجميع.

والعمل على استثمار الكفاءات والخبرات الوطنية في مناصب المسؤولية ضمانا للنجاعة والفاعلية والمصداقية، والقطع مع منطق الريع والمحسوبية والزبونية والولاءات في عملية الترشيح للمناصب من قبل بعض الاحزاب السياسية، لأن الأمر يتعلق بمصلحة الوطن والمواطن.

ما ينتظر من الحكومة المقبلة هو إبداع أدوات جديدة للتواصل الحكومي المنتظم والمستمر مع المواطن الذي لم يعد يقبل أن يكون مجرد موضوع للسياسات العمومية، بل مساهما في بلورتها ومراقبا ومحاسبا لها باستمرار.

وينبغي الانتباه والتعاطي والتفاعل مع ما يتموج في مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى فضاء عام إفتراضي يتداول فيه المواطنون مختلف قضايا الشأن العام وترسيخ ثقافة المراقبة والمحاسبة.

إن الحكومة المقبلة مطالبة أيضا أكثر من أي وقت مضى بنهج سياسة ثقافية وطنية ترسخ قيم الحداثة والديمقرطية والمواطنة وتقتلع ترسبات الفكر الديني العقيم، الذي غيب القيم الإيجابية للدين للإسلامي المعتدل والمنفتح واختزل الفعل الديني في شكليات عقيمة فارغة المحتوى.

وينبغي استحضار أفق المناصفة بمنطق الكفاءة والاستحقاق وضمان تمثيلية وازنة للمرأة في تدبير الشأن الحكومي وإعطاء أهمية كبيرة لمشاركة الشباب في هذه الاستحقاقات والعمل على تفعيل وظيفة التأطير والتثقيف السياسي الذي تضطلع بها الأحزاب السياسية، وعدم ترك الفراغات داخل الساحة السياسية بما يضمن تحصين الاختيار الديمقراطي.

فاعلة حقوقية وسياسية

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

5 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
/IDAHOCoeur D'alene
المعلق(ة)
16 سبتمبر 2021 21:22

لم يقل المغاربة اي شيء كل شيء كان مخططا و اغلب المغاربة كانوا يعرفون بأنها الا ايام معدودات و سوف يرمى بحزب العدالة .اكثر من سبعين أو ثمانين بالمائة من المغاربة لم يشاركوا في الانتخابات،اذا كفى تدليسا .

محمد أيوب
المعلق(ة)
16 سبتمبر 2021 11:25

غياب الحقيقة:
جاء بالمقال:”…والقرارات اللاشعبية التي أثرت على المعيش اليومي للمواطن،وعدم الوفاء بالالتزامات التي رسمها الحزب الأغلبي برهانات كبيرة واتخاذ عدة قرارات ساهمت في الزيادة من حدة فقر الفقراء وتنمية ثروة الأغنياء…”…أنا لا انتمي لاي حزب/دكان ولا لأية نقابة ولا اتعاطف مع اي منها ولهذا كنت من المقاطعين للانتخابات…أقول هذا حتى لا يتهمني القارئ بأنني أحبابي حزبا المصباح او أدافع عنه…أقول:دكان المصباح لم يكن وحده بالحكومتين السابقتين،ودكان الحمامة الذي أريد له ان يحتل”المرتبة الاولى”كان متواجدا في الحكومتين وبالتالي فهو شريك في اتخاذ تلك القرارات اللاشعبية وأدت الى تنمية ثروة الاغنياء…أكثر من ذلك:أين كانت “المعارضة”،بل وأين كانت الجهات التي تمارس مهمة الرقابة وحماية المواطن من آثار تلك القرارات؟ليس من الرزانة التحامل على دكان واحد فقط لانه كان يترأس الحكومة…أكثر من ذلك، فالحكومة عندنا لا تحكم،والمؤيسات كلها:المنتخبة والمعينة ليس بيدها القرار…لهذا وجب قول الحقيقة كما هي من غير تحميل المسؤولية لحزب واحد…واحيلكم على تصريحات المرحوم خالد الجامعي وغيره من المحللين والباحثين الذين يوضحون واقع القرار ببلدنا…

حنظلة
المعلق(ة)
16 سبتمبر 2021 08:23

إن كنت فعلا تعتقدين أن الناخب هو الذي عاقب حزب خفافيش الظلام فإنك لا تفقهين شيئا في السياسة أيتها الحقوقية المحترمة…
لعبة السياسة وخصوصا الإنتخابات هي لعبة المخزن بامتياز، يعاقب هذا ويعطف على ذاك….

محمد
المعلق(ة)
16 سبتمبر 2021 07:47

المغاربة لم يقول شيئا الذي قال هو المال وأصحابه وراعيه لم يكن أبدا يوما المغاربة كلمة لأن لا انتخابات نزيهة والكرامة ولا شفافية ول ولا ولا …
أما سقوط أصحاب المصباح فهنئيا لهم به ويستخقونه فالف مبروك

ابو زيد
المعلق(ة)
16 سبتمبر 2021 00:12

هي فقط نتائج انتخابات!!
الدين للجميع، و لا أظن من خلال تتبعنا لسنوات البواجدة ان رايناهم يطبقون الشريعة، اذن التمادي في عبارة استغلال الدين و كانه غريب عن شعب باكمله!!
ليس هناك فرق الكثيرون تمادوا في استعمال شعارات الحقوق مع إدخال مضاف المغربي او المغربية لاضفاء شرعية على ….
نحن نتمنى لكل من حمل تكليف خدمة الوطن و المواطن النجاح!!
لكن التعاطي مع مجرد نتائج على انها تحقيق لطفرة اقتصادية و اجتماعية و…
اتحدى ان يبقى الخط التحريري او جرأة القلم في التعاطي مع تعامل هذه الحكومة المنتخبة في تدبير الشأن العام مستقبلا!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x