لماذا وإلى أين ؟

شقير يكشف خلفيات تحركات الجزائر في موريتانيا وعلاقتها بزيارة ملكية مرتقبة (حوار)

شكلت موريتانيا طيلة العقود الأربعة ونيف من عمر النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، رقما صعبا في معادلة التجاذبات الثنائية بين المغرب والجزائر، نظرا لخصوصيتها الجغرافية المتميزة بحدودها المتاخمة لأراضي المملكة وجارتها الشرقية.

واعتبرا لهذه الميزة تتخوف الجزائر بشكل غير مسبوق، من أن تسحب الدبلوماسية المغربية البساط من تحتها(الجزائر)، خاصة بعد التقارب المغربي الموريتاني وإعلان الملك في وقت سابق رغبته زيارة موريتانيا، ما دفع الجزائر إلى تكثيف تحركاتها في بلاد شنقيط، كان آخرها زيارة وزير خارجيتها رمطان لعمامرة، ونقله رسالة إلى الرئيس الموريتاني، تؤكد على قرب انعقاد قمة مغلقة تجمعه بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون.

وتلا هذا التحرك الجزائري، اتصال هاتفي لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج؛ ناصر بوريطة، مع نظيره الموريتاني، سماعيل ولد الشيخ أحمد، والتي خلصت إلى أن العلاقة بين الجانبين في أحسن حالاتها وماضية في التطور عكس ما يروج.

ولمعرفة خلفيات اتصال بوريطة والتحركات الجزائرية الكثيفة في موريتانيا، تحاور “آشكاين” الخبير العسكري والمحلل السياسي الباحث في الشؤون السياسية، محمد شقير، لتفكيك الأهداف الجزائرية من تحركاتها وعلاقتها بالزيارة الملكية المرتقبة إلى موريتانيا.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية..كيف تقرؤون التحرك الجزائري الأخير في موريتانيا في هذه الظرفية؟

في هذا السياق والظرفية الحالية هناك تنافس ثنائي على حلقة أساسية في المنطقة هي موريتانيا، نظرا لارتباطها بالنزاع وبالجوار المغربي الجزائري، حيث أنه منذ أن تم الإعلان عن زيارة الملك لموريتانيا من خلال مكالمة جمعت الملك والرئيس الموريتاني، قامت الجزائر بعدة تحركات، لإبعاد أي تحالف مغربي موريتاني، ومحاولة كبح أي تعاون خاصة على المستوى الاقتصادي والسياسي.

فبعد ضربة الكركارات، والتي تبعها مجموعة من الإجراءات سواء من الجانب المغربي  أو الموريتاني، حيث تم تعبيد الطريق المؤدي للكركارات، والعمل على إقفال الممرات التي كانت تتسرب منها ميليشيات البوليساريو، بدا أن الجزائر بدأت تتحرك كي لا يتطور هذا التعاون الذي يمكن أن يعزلها، خاصة في هذه الظرفية التي تحس فيها الجزائر بأنها منعزلة وتتلقى ضربات متتالية، خصوصا بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وبعد فتح العديد من القنصليات بكل من العيون والداخلة.

وكل هذا دفع الدبلوماسية الجزائرية لتتحرك بشكل كبير، على الأقل، لإضعاف أو الحد من أي تحالف مرتقب بين كل من المغرب وموريتانيا.

تلا التحرك الجزائري اتصال هاتفي من ناصر بوريطة، هل هناك علاقة بين التحرك الجزائري وهذا الاتصال؟

هذا الاتصال، يفند أولا إشاعة كانت منتشرة في وقت سابق، مفادها أن موريتانيا يمكن أن تقفل سفارتها، في حين أن هذه المكالمة أظهرت العكس، حيث أن موريتانيا بصدد إنشاء بناية لسفارتها في المغرب بكل مقوماتها، كما أن التعاون سيزداد في ما يتعلق بالعمل القنصلي أو الاقتصادي أو التجاري.

mohamed chakir
محمد شقير ـــ المحلل السياسي والخبير العسكري

بالتالي كانت فالمكالمة تفنيد للإشاعة التي ذكرنا، وإظهار بأن التعاون المغربي الموريتاني في تزايد، كما شملت المكالمة التحضير لاجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين التي ستتباحث عدة ميادين.

ما يعني أن هذه المكالمة جاءت في سياق سد الطريق على أي تشويش جزائري على التعاون بين المغرب وموريتانيا.

هناك من يرى أن الجزائر تحاول بتحركاتها إحباط زيارة مرتقبة للملك إلى موريتانيا..ما رأيكم في ذلك؟

بالفعل، وكما أشرت آنفا، فمنذ المكالمة التي كانت بين كل من الملك محمد السادس  والرئيس الموريتاني، أحست الجزائر بأنه من الضروري أن تتحرك، لإفشال، أو على الأقل تعطيل أو تأجيل أي زيارة للملك إلى موريتانيا.

لأن الجزائر تدرك أن أي زيارة للملك إلى موريتانيا، خصوصا أن العرض جاء من المغرب، ترسخ(الزيارة) العلاقات وترجح الكفة لصالح المغرب، وهو ما لا ترغب فيه الجزائر، خاصة أنها تدرك تماما، أن كل الزيارات التي قام بها الملك كانت نتيجتها انفتاح كبير على إفريقيا وعواصمها.

وتأخذ الزيارات الملكية في الدبلوماسية المغربية بعدا أكبر، لا من الناحية الرمزية ولا  حتى السياسية والدبلوماسية، وبالتالي فالجزائر ستقوم بكل الوسائل للعمل على تعطيل أو تأجيل هذه الزيارة، وإن كان الأمر لا يتعلق بالجزائر، كونه مرتبط بالمغرب وموريتانيا.

بمعنى، إن رحبت موريتانيا بأي زيارة للملك لموريتانيا، فلا أعتقد أن الجزائر ستقف أمام ذلك، ولكنها تعمل الآن على الضغط بشكل آخر على موريتاني لاستمالتها إلى جانبها.

والزيارة الملكية سيتم تحديد أجندتها متى رحبت موريتانيا بها، وإن كان من المؤكد أن الزيارة ستتم في الأفق القريب بشكل أو بآخر.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x