لماذا وإلى أين ؟

لماذا خرجت الدورية بثلاث مؤسسات وليس بواحدة؟

الحبيب حاجي

للقيام بالمطلوب ( رهن الولوج إلى المحاكم بالجواز الصحي) من طرف السلطة الحكومية ذات الصلة بالعدالة كان يجب أن تتكلف وزارة العدل وحدها دون إقحام المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة.

لنتخيل أن الدورية موقعة فقط من طرف وزير العدل. فكيف سيجد الطريق سالكا لفرض مضمون الدورية. فوزير العدل ليس لديه على المحاكم اية سلطة لأنها مجال تهيمن عليه قانونيا وحقوقيا ودستوريا مؤسسات غير حكومية ومستقلة ( القضاء الجالس والواقف والمحامون).

ولا يمكن لوزير العدل أن يعطي أوامرا للوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك باستعمال القوة العمومية للنفاذ إلى بنايات المحاكم. وكذلك لا سلطة له على الرؤساء الأولين ورؤساء المحاكم لتسخير القوات العمومية تنفيذا لمحتوى الدورية. وبالتالي فالسلطة الحكومية العدلية تبقى بلا سلطة على بنايات المحاكم.

كما أنه لا يمكن من جهة أخرى استعمال مؤسسة كتابة الضبط لنفس الغرض.

هكذا تم الإهتداء الى استغلال السلطات القضائية التي من اختصاصاتها تسخير القوات العمومية لتنفيذ قراراتها.

من هنا نحتج على قبول السلطة القضائية استغلالها من طرف السلطة التنفيذية للولوج إلى المحاكم والعبث بأطراف العدالة: محامون كتاب الضبط وقضاة  والعبث بالقانون وبالمحاكمة العادلة وبمصالح الناس والاستقرار.كما نحتج على انتهاك استقلالية السلطة القضائية من طرف السلطة التنفيذية. ولا مجال للدفع بالتعاون والتنسيق، فحالتنا لا تدخل في ذلك المجال.

لو كنا في الوضع القانوني السابق حيث كان وزير العدل رئيسا للنيابة العامة لوقع لوحده، كوزير للعدل. لنعد اذن إلى الوضع السابق!
كما أنه اذا وقع رئيس النيابة العامة لوحده فلا سلطة له على القضاء الجالس. وإذا وقع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية فلا سلطة له على قضاة النيابة العامة.

سمعنا بأن تقارير الدولة تقول بوجود نسبة مهمة من غير الملقحين داخل قطاع العدل ،ولهذا تم الإقدام على الإجراء بهذا الشكل.اذن لماذا يتم منع المواطنين والمتقاضين وانتهاك مبدأ تكافؤ الفرص في الولوج إلى العدالة؟
كان أمام السلطة الحكومية إما فتح حوار هادئ مع الأطراف والتشاور في أسلوب لا يستهدف مصالح الناس ويحترم المحاكمة العادلة و الأمن القضائي، وإما السقوط في هذا الفخ الذي يجد الجميع نفسه في موقف محرج: الدولة لا تريد التراجع والهزيمة أمام المحامين خاصة والحفاظ على ماء الوجه.

المحامون يحسون بقوتهم الحقوقية والقانونية والدستورية والميدانية وبمسؤوليتهم تجاه الوطن ،لطالما خاضوا معارك من أجل الدمقراطية وحقوق الانسان والكرامة ويرفضون التخلي عن دورهم وقسمهم واحترامهم وهيبتهم ويستنفذون كل قوتهم ميدانيا.

الدولة يجب أن تعتبر المحامين جزءا كبيرا في الصرح الديمقراطي والحقوقي و الأمني، ورجال دولة على درجة كبيرة من الوعي و التكوين السياسي والقانوني والحقوقي والديمقراطي. وخزانا مهما للكفاءات اذا تركت مستقلة  وحَسُن الاختيار.

الدولة اذن حاليا تهدر وقتا كبيرا في البحث عما يكسر شوكتهم : عزل كتاب الضبط عنهم _ عزل جزء منهم ضدا على جزء اخر _ اللعب على الوقت وعلى مصالحهم ومصالح موكليهم التي ستتضرر.)

اذن نلاحظ ان الدولة لا تهمها مصالح الناس والملفات التي تدخل إلى التأمل والمداولة دون استكمال المساطر المعبرة عن المحاكمة العادلة.بل يهمها إخضاع المحامين.
قد نتفاجأ بتغيير القانون وسن عدم إجبارية المحامي في الدفاع عن المتهم في الجنايات. وقد نتفاجأ بتتشريعات غريبة تفصل المغرب عن المنظومة الحقوقية الدولية ،فقط بسبب إضعاف المحامين. ( سأكتب مقالا آخر عن مهام المحامي العمومية الغائبة عن العموم).

حاليا من الضروري عقد لقاء رباعي  : أطراف الدورية والمحامين ( جمعية هيآت المحامين بالمغرب وهيأة البيضاء) يكون هدفه ” توضيح” الدورية. وتكون مخرجاته تحفظ ماء وجه كل طرف مع مراعاة مطالب المحامين على الواقع.

فلا يمكن أن يزاول المحامي، وموكله المتهم في السراح ممنوع من الحضور. و لا الطرف المدني ولا الشهود. كيف ستجري البحوث و التحقيقات سواء المدنية او الجنائية او التجارية او الإدارية.

هل المحامي مسؤول عن عدم تلقيح المواطنين؟ لماذا يتركونهم يدخلون الكوميساريات و البلديات وباقي الادارات العمومية؟

واقع معقد يلزمه الجلوس والتحاور وحل المشاكل كرجال دولة، مصلحة الوطن فوق كل اعتبار و بدون قبعات مع استحضار الدستور نصا وفلسفة على الاقل.

محامي بهيأة تطوان

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
علي
المعلق(ة)
28 ديسمبر 2021 11:18

فرض جواز التلقيح بالمحاكم اكبر دليل بأن حكومة اخنوش-وهبي لا تكثرت بحقوق المواطنين، ومع الأسف الاذرع الإعلامية تشوه الحقيقة كالعادة، السؤال الذي لم يطرحه الاستاذ حجي هو هل كانت رئاسة النيابة العامة أو القضاة سيوقعون مع وزير للعدل ينتمي لحزب غير البام اوالارني.

مواطن مغربي
المعلق(ة)
28 ديسمبر 2021 01:24

مربط الفرس هو الضرائب اما جواز اللقاح هو القشة الي قصمت ظهر البعير

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x