لماذا وإلى أين ؟

وزير الخارجية من الجالية المغربية، لِمَ لا؟

مراد علمي

حان وقت تجسيد وتفعيل التسمية للوزارة الوصية التي تبنت الشعار الآتي: “والمغاربة المقيمين في الخارج”، حيث تعتبر الجالية المغربية بجنودها التي تناهز خمس مليون نسمة خزانا خصبا لدر العملة الصعبة ورؤوس الأموال في الخزينة العامة للمملكة، ستصل تحويلات الجالية المغربية هذه السنة 95 مليار درهم، وهكذا تحتل الجالية المغربية مرتبة جد مشرفة، حيث تقتسم الصدارة عالميا مع دول أكبر من حجمها بكثير في ما يخص الكثافة السكانية، كالصين، المكسيك أو مصر، بدون إرهاق كاهل الدولة برواتب لمسؤولين واسعة العطاء، معاشات وحماية اجتماعية سخية، سيارات فارهة، بنزين وديزل بالمجان، سكن وظيفي بدون مقابل أو بسعر زهيد،  يخجل المرء أن يتفوه بمبلغه.

لا زالت الجالية المغربية تضحي من أجل وحدة المملكة في جميع ربوع العالم، في إسبانيا، بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، هولندا، الخليج، النرويج، الدانمرك، السويد، أمريكا، كندا، إفريقيا إلخ، وكلما طـُـلب منها أن تقوم بحملة، بوقفة سلمية ضد أعداء الوحدة الترابية سارعت وخرجت لكي تعبر عن حزنها، غضبها واستنكارها للسلوكيات أو القرارات المجحفة التي اتخذتها هذه الدولة أو تلك، ولا تتردد أن تدخل في مواجهة ساخنة وشرسة مع الخصوم أو العملاء الذين يتبنون مواقف، أقل ما يقال عنها، إنها مستفزة، كلها غيظ وغليل.

كم من سيارات حملت العلم المغربي و جابت به شوارع مدن عديدة في المهجر بغية توصيل الرسالة للمعنيين بالأمر،  ساسة، مسؤولين محليين أو أعداء المملكة، إن تحويلات مغاربة العالم  تعتبر ركيزة من ركائز الاقتصاد المغربي، حيث يضعون درهمين من 6 دراهم في سلة الدولة، كما يشكلون %40 من ذخائر البنوك المغربية، لذا يجب إنصاف الجالية المغربية التي تحلت دوما بالمسؤولية و التفاني في خدمة الوطن والعمل الجاد، فهم بالفعل سفراء الخير الأبرار والأوفياء لوطنهم الأم.

ونحن مدينون لصاحب الجلالة لما سمح لأفراد الجالية المغربية بزيارة أهلهم في العطلة الصيفية الفارطة، حتى لو كان المجال الجوي للمملكة مغلقا في وجه أي كان في تلك الفترة، وما لم يجرؤ أي مسؤول حكومي كبير أن يقوم به، استطاعت دموع طفل في المهجر أن تذوب قسوة الإغلاق وتكتمل هكذا فرحة، حيث تفاعلت السلطات العليا فورا مع هذا المطلب الإنساني، مع الأسف، لحد الآن نفتقر لثقافة الاعتراف بالجميل في المغرب، ولكن ها نحن نقر بالدور الفعال والنبيل لسدة الحكم.

كما ننوه من هذا المنبر باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا، لأنه من الضروري كسب ود الحكومة الجديدة التي يتزعمها “أولاف شولتس” ونسج علاقات قوية مع هذا العملاق الأوروبي المؤثر، لأن ترك المرمى فارغة ليس في صالح المملكة، هكذا سيمطر الخصم الشباك بالأهداف القاتلة، أما ما تروج له بعض الجرائد الورقية أو الاليكترونية فما هي إلا افتراءات، استنتاجات واهية، حيث ليس لها أي دراية باللغة الألمانية، لا الطقوس، لا الثقافة ولا التاريخ ولا حتى تركيبة الحكومة الحالية.

وزعمت بعض الجرائد الاليكترونية بأنها قامت بحوار مع مسؤول رفيع في الخارجية الألمانية، بدون الاشارة للتاريخ، الجريدة أو حتى فحوى النقاش الذي دار  بين الجريدة الإليكترونية و هذا المسؤول الألماني، لحد الآن لم يخرج لا “أولاف شولتس”، المستشار الألماني، المسؤول الوحيد على رسم خارطة السياسات العمومية الألمانية، ولا وزيرة الخارجية “آنالينا بيربوك” بأي بلاغ، وألمانيا لم تغير موقفها من الصحراء المغربية، حيث لا زالت تلجئ إلى قرار مجلس الأمن رقم 2602 وتحث على إيجاد حلول مقبولة من جميع الأطراف، التغيرات الطفيفة شملت المجهودات المبذولة والحثيثة للمملكة في ما يخص عملية الصلح بين الفرقاء الليبيين، كما اعترفت بأن المغرب يعتبر شريكا رئيسيا للاتحاد الأوربي وألمانيا في شمال إفريقيا، كما تشير إلى أن المملكة قدمت مشروع الحكم الذاتي في سنة 2007 الذي يشكل “مساهمة مهمة” ستخدم “الاتفاق”، هذه خلاصة ما جاء في التصريح في صفحات الويب الرسمية للخارجية الألمانية، يمكن وصف هذه الجمل بالمشفرة والحذرة، نظرا لتخوف الدبلوماسية الألمانية من أية انتكاسة جديدة، لأنها تريد تحصين و تحقيق مصالحها في المملكة، بالفعل، مغرب اليوم ليس مغرب البارحة، ولكن بالكفاءات، المهارات العالية حتى نتمكن من إدماج ألمانيا في فريقنا.

والجالية المغربية يمكن لها أن تلعب دورا محوريا في هذا المضمار، حيث يجيد المنحدرون من أصول مغربية عددا من اللغات الأجنبية، عل الأقل خمسة أو ثمانية، كما للبعض مقالات عديدة وإصدارات تأثث مكتبات جامعية من الدرجة الأولى دولية مثل هارفارد، ستيندفورد، بريستن، ييل، كيمبريدج، إيم آي تي، و واشنطن أو مكتبات دولية، فرنسية، أمريكية، انجليزية، أسترالية، صينية، إسبانية، إيطالية إلخ، وكتب توزع وتُقرأ في  ربوع العالم، من السويد، سويسرا، البرتغال، النرويج، أمريكا، الصين، ألمانيا، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، سنغافورة، البرازيل، الدانمرك، الهند، هولندا، تركيا، بلجيكا، الامارات العربية المتحدة إلخ، كما لهم عشرات الآلاف من المعجبين والقراء.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير خارجية الولايات، “طوني بلينكن” و وزير خارجية إسرائيل “يائير لابيد” عاشا في المهجر قبل تقلد مهام وزارة الخارجية، طوني بلينكن في باريس ويائير لابيد في نيويورك، كما لهم مقالات وإصدارات عديدة، بالأخص يائير لابيد الذي ألف أكثر من 10 كتب، على سبيل المثال: 1. الرأس المزدوج، 2. حكايات للأطفال، 3. الرجل الواحد، 4. حكايات للأطفال، 5. اللغز السادس، 6. الوقوف في الصف،7. المرأة الثانية، 8. غروب الشمس في موسكو، 9. ذكريات بعد موتي، لم يسمعا عن الخارج عن طريق شهادة الغير، ولكن عاشا الهجرة وهكذا لم يتعلما اللغة الأجنبية فقط ولكن استطاعا توسيع الأفاق، شحذ و صقل المهارات، كما ساعدت هذه التجربة على كسب الثقة في النفس، التفوق على الصعاب،  و تحصين المخزون والقدرة على التكيف مع وسط مغاير و غير معتاد، لأن مغادرة البيئة المألوفة تعزز المناعة ضد المغريات وتقوي الشخصية و تعلم التعامل بمرونة وحنكة مع مواقف صعبة ومتعددة، وهذه المهارات الناعمة أساسية في إطار الدبلوماسية الناجعة والفعالة، لأنها ترتكز على درجة عالية من المرونة، القدرة على التعلم و التكيف المستدام، وفهم و حل لغز رموز هذا المجتمع، هذه الثقافة أو الأخرى، وإذا لم نغادر الجدران المعهودة و لو فضّلنا أن نقبع في بيوتنا، لما كانت مساهماتنا غنية أو هادفة، سنجتر دوما ما قيل لنا بدون تقديم بدائل أو حلول مقنعة، فعالة وناجحة أمام كل التحديات التي تعيشها المملكة اليوم، شرقا، شمالا وجنوبا.

وتضخم الآنا غير مجد في هذا الصدد أو التشدق في الكلام، من قبيل “لا يمكن الاستغناء عني”، الحمد لله، المملكة تزخر بالكفاءات العلمية العالية و بإمكانها أن تخطو خطوات ألمانيا التي لا تملك أية ثروات معدنية ، ما عدا الفحم الحجري الذي تريد أن تتخلى عنه في غضون الثمان سنوات القادمة جراء الالتزام بحماية المناخ واللجوء للطاقات المتجددة، والمملكة يمكن لها أن تجلب العديد من الاستثمارات الالمانية في هذا المجال إذا كان المخاطب من الجهة المغربية ملم بالحساسيات، البديهيات والطقوس الألمانية، باختصار، في مستوى الحدث.

والثروة الالمانية ثروة بشرية في الاساس، وألمانيا لا تتوفر سوى على أنهار، مياه عديدة، حقول عشب أخضر، غابات كثيفة وجبال شاهقة، إفريقيا مثلا، تعوم فوق بحور من الموارد المعدنية، ألماس، ذهب، فضة، غاز، كوبالت، بترول، خام الحديد، نحاس، عناصر أرضية نادرة إلخ، ولكن تعاني ليومنا هذا من المجاعة و التخلف، لأنها لا تحسن إدارة الشأن العام، والفساد هو سيد الموقف، كما تفسد المحسوبية الجودة، الأداء الجيد وتقوم بتمييع المردودية العالية، لأنه بالعقول والأفكار ستتقدم المملكة وسيعم على إثرها الرخاء، التقدم والازدهار الاقتصادي والمعرفي.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
31 ديسمبر 2021 19:52

يجب ان يدخل البهود المغاربة ضمن هذه الجالية، وهذا مهم جدا.

Mohammed Ardouz
المعلق(ة)
31 ديسمبر 2021 16:26

المغرب لايعير اهتماما للجالية رغم تحويلاتها الضخمة ورغم المساهمة في الاقتصاد ونهضته
وقدعشنا المحن تلو المحن مع سياسته الظالمة في الإغلاقات المتتابعة اضف الى ذلك تعقيده لنا الأمور بإسبانيا بإغلاق الحدود البحرية والبرية لا يجب إقحام الجالية في المشاكل السياسية التي تقع بينه وبين اسبانيا ورغبته أن تغير موقفها من الصحراء ليدع المهاجرين بعيدا عن هذه المشاكل ويترك لنا الطريق كما كانت من قبل مفتوحة إن الذي عانى ويعاني هو المهاجر وليس اسبانيا
وهنا أذكر بسياسة الحسن الثاني رحمه الله الحكيمة في عهده كانت ليبيا تدعم الجبهة بالسلاح والمال ولم يغلق الحدود مع ليبيا كان المهاجر المغربي يعمل حينذاك في ليبيا يسافر ويعود دون إغلاق ولا اي شيء
هذه سلوكيات دفعت العديد للتخطيط لعطلته بإسبانيا أو البرتغال بعيدا عن صداع الراس مع توجيهات بوريطة الفاشلة
وهناك أمر بسيط لا يفهمه السياسيون عندنا انهم يسدون خدمة كبيرة للاعداء لأن الجزائر وغيرها هم من يحرصون وفىحون على معادات اسبانيا وألمانيا وفرنسا

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x