2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أين وزير الفلاحة؟

بقراءة هذا العنوان أعلاه، سيعتقد القارئ لأول وهلة أنه أمام سؤال استنكاري، بالعكس، فهو أهم سؤال يطرح نفسه وبشدة في الوقت الراهن خاصة مع تفاقم تداعيات حملة المقاطعة التي أصبحت تدنو من إكمال شهرها الثاني.
عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أو بالأحرى المسؤول الأول عن عدة قطاعات حيوية يقوم عليها الإقتصاد المغربي، غير أنه غاب بشكل تام في الآونة الأخيرة، مع تصاعد تطورات حملة المقاطعة، فيما حل محله عدد من وزراء حزب العدالة والتنمية الذين باتوا صباح مساء يهللون ويطبلون ويدافعون عن شركة “سنطرال”.
يبدو الأمر غريبا إلى حد بعيد، ففي الوقت الذي كان المغاربة ينتظرون أن يخرج عزيز أخنوش للعلن ويعلن أمام عدسات الكاميرات، عن إجراءات قد تحمي صغار الفلاحين والتعاونيات من تداعيات حملة المقاطعة – إذا كانت فعلا هناك تداعيات- يرى آخرون العكس، فالوزير المعني بالقطاع غائب بشكل تام ولم يتفوه بكلمة منذ انطلاق حملة المقاطعة التي استهدفت شركته “أفريقيا” فضلا عن شركتي “سيدي علي” و”سنطرال”، سوى تصريح خلال حلوله بالمعرض الفلاحي حين قلل من شأن المقاطعين.
وجه العبث في الموضوع، هو أن عددا من وزراء حزب “العدالة والتنمية”، الذين لا علاقة لهم بهذا القطاع، أو بالأحرى هم أبعد عنه مقارنة بأخنوش، غير أنهم أصبحوا يُفتون ويشرعون ويوجهون النصائح ويقدمون المعطيات ويدافعون عن “سنطرال” ويهددون المغاربة بلا هوادة.
فبالإضافة إلى رئيس الحكومة، خرج وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، الذراع الأيمن لسعد الدين العثماني، بتصريحات حول المقاطعة خلال برنامج تلفزي، خُصص جل وقته لهذا الموضوع، ثم تلا ذلك خرجات متعددة لوزير الحكامة لحسن الداودي، في العديد من المناسبات، إضافة إلى تصريحات متفرقة لمسؤولين ووزراء ينتمون لحزب “البيجيدي”.
سيستخلص أي متتبع للشأن السياسي أننا أمام مشهد سريالي، فكيف يعقل أن وزير الفلاحة لم يخرج بأي تصريح سواء داخل المؤسسات التشريعية أو عبر الإعلام من أجل طمأنة الفلاحين المتواجدين تحت مسؤوليته؟ وكيف يعقل أن يتم الحديث عن خسائر كبرى لهذه الشريحة من المغاربة وآلاف الأسر التي تقتات من بيع الحليب -حسب ما تقوله الحكومة- والوزير أخنوش يلجم فمه طوال شهرين متتابعين، مطلقا العنان لوزراء غير معنيين للحديث عن الموضوع.
حتى حين كثُر الحديث عن ارتفاع أسعار الخضراوات واللحوم وكذا حملة مقاطعة شراء الأسماك، لم يظهر أخنوش للمغاربة من أجل التوضيح وطمأنتهم، حتى يشعروا على الأقل بأن هناك مسؤول معني بالقطاع يتجاوب مع مطالبهم ويقدم لهم بدائل إذا تطلب الأمر، وأمام هذا كله، يعاد طرح السؤال وبقوة “أين وزير الفلاحة؟”
لقد ضهر الحق و زهق الباطل. ان الباطل كان زهوقا!