لماذا وإلى أين ؟

سنة كاملة على اعتقالات نشطاء الريف.. فماذا تحقق؟

مرت سنة كاملة على الإعتقالات التي شهدتها مناطق من الريف المغربي، خاصة في اقليم الحسيمة، على خلفية الإحتجاجات الإجتماعية التي شهدتها المنطقة، أو ما بات يُعرف بـ”حراك الريف”، وهي ثاني أكبر “رجة” اجتماعية شهدها المغرب في السنين الأخيرة بعد الإحتجاجات التي تزامنت مع موجة “الربيع الديمقراطي” سنة 2011 مما أفرز ظهور حركة 20 فبراير.

أحداث متسارعة

شهد الريف في نفس الفترة من السنة الماضية، أحداثا متسارعة، انطلقت باحتجاجات متفرقة على خلفية الوفاة الدراماتيكية لبائع السمك محسن فكري، قبل أن تتحول إلى مسيرات ضخمة تجوب الساحات والشوارع طوال شهور، ثم إلى مواجهات بين المتظاهرين والأمن، لتصل في آخر المطاف إلى اعتقال العشرات من النشطاء في حراك الريف أبرزهم قائد هذا الأخير ناصر الزفزافي الذي تم ايداعه رهن الإعتقال رفقة باقي النشطاء بسجن عكاشة بالدار البيضاء، فيما يقبع آخرون في سجون متفرقة بعدة مناطق مغربية.

هذه الإعتقالات تلاها مسلسل طويل وشاق من المحاكمات وما أعقب ذلك من حملات التضامن مع المعتقلين سواء داخل أو خارج أرض الوطن، إضافة إلى حديث الصحافة الوطنية والدولية عن تطورات هذا الموضوع، الذي وصل إلى أروقة البرلمان الأوروبي.

مبادرات وتحركات

هذا “الإحتقان” دفع بالعديد من الهيئات والشخصيات الحقوقية والسياسية والمدنية إلى تشكيل لجان ومبادرات من أجل محاولة رأب الصدع بين كل الأطراف (الدولة ونشطاء الحراك)، غير أنه لا نتائج ملموسة تم تسجيلها إلى حدود الآن، فيما تستمر معاناة عائلات المعتقلين الذين يتكبدون عناء السفر بين الحسيمة والدار البيضاء لحضور المحاكمات وزيارة أبنائهم داخل السجن.

فبعد سنة كاملة من هذا الحدث، يتساءل العديد من المتتبعين ماذا تحقق منذ حملة الإعتقالات التي شملت قادة الحراك؟ وما مصير المبادرات المدنية والحقوقية التي تم إطلاقها في هذا الصدد؟ وهل أثرت تداعيات حراك الريف على الوضع الحقوقي في المغرب ككل؟ وماهي الآفاق المستقبلية لهذا الملف المتشعب؟

مطالبة برفع حالة الإحتقان

وفي هذا الصدد قال عبد الإله بنعبد السلام، منسق “لجنة تقصي الحقائق الخاصة باحتجاجات اقليم الحسيمة المحدثة من طرف الإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان”، إننا “أنجزنا تقريرا وقدمناه للسلطات المعنية، وعُقد لقاء مع الوزير المكلف بحقوق الإنسان بحضور العديد من القطاعات الحكومية، حول التوصيات التي حملها التقرير”، مضيفا “أن أهم التوصيات الواردة فيه هي رفع حالة الإحتقان والإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية حراك الريف والإستجابة لكافة مطالب الساكنة”.

وأردف بنعبد السلام في تصريح لـ”آشكاين”، “كان يحذونا أمل كبير في أن تتم الإستجابة لهذه التوصيات التي من بينها توصيات مستعجلة وأخرى على المدى البعيد والمتوسط، ولكن المدخل الأساسي هو رفع حالة الإحتقان، إلا أن العكس هو الذي وقع حيث استمرت الإعتقالات والمحاكمات وهذا مؤسر سلبي يعني أن المقابة التي تتم بها معالجة هذا الملف هي مقاربة أمنية وليست مقاربة تشاركية تدخل في صلب حقوق الإنسان في بعدها الكوني والشمولي”.

وحول ما إذا كانت تداعيات حراك الريف وما تلاها من اعتقالات ومحاكمات، قد أثرت على الوضعية الحقوقية بالمغرب، أوضح المتحدث “أن حالة الإحتقان موجودة في كافة مناطق المغرب كجرادة وتندرارة وتنغير وبني ملال، إضافة إلى حملة المقاطعة التي أخذت أبعادا كبيرة ومؤثرة وبالتالي فعلى الدولة تحمل مسؤوليتها عوض اعتماد المقاربة الأمنية التي لن تزيد إلا من تعقيد الأمور في البلاد، حيث بات من الضروري تصفية هذا الملف وتصفية المناخ السياسي في البلاد”.

لا تعليق قبل صدور الأحكام

من جانبه، قال محمد النشناش “منسق المبادرة المدنية من أجل الريف والناطق الرسمي باسمها”، ضمن تصريح لـ”آشكاين”، “نحن الآن في انتظار ما ستفضي إليه المحاكمات لأنه عندما يتم عرض قضية أمام القضاء فلا يحق لنا اتخاذ أي موقف، لأننا كحقوقيين كنا دائما نطالب باستقلال القضاء وبالتالي فلا يمكن تسجيل أي موقف إزاء هذا الأمر إلا حين انتهاء المحاكمات، وحينئذ سنرى ما إذا كانت هذه الأخيرة عالة أو العكس”.

وشدد النشناش على “أن الوضعية الحقوقية في المغرب تعرف مدا وجزرا، حيث يتم إطلاق وتبني أمور إيجابية لكن سرعان ما يتم تسجيل تراجعات”، مستركا، “نحن نعتبر أن المغرب عموما في حالة تقدم، عبر مجموعة من البرامج والقوانين في علاقتها مع حقوق الإنسان، لكن الإشكال لا يكمن في القوانين وإنما في الممارسة التي تؤكد أن هناك عنف وعنف مضاد من الجانبية، لكن الأقبح هو عنف الدولة ضد التظاهرات السلمية، الذي تليه متابعات ومحاكمات كما حصل في الحسيمة وهو أمر يخيفنا ويحيلنا على أن الدولة تتراجع عما جاء في الدستور المغربي وحتى على المستوى الدولي”.

وأوضح، رئيس “المنظمة المغربية لحقوق الإنسان”، سابقا، “أن المغرب حاليا يعرف تناقضات كبيرة، حيث أن الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا، والمسؤولون يستغلون الإمتيازات التي يحصلون عليها حتى بعد مغاردتهم للحكومة أو البرلمان، علاوة على الغلاء في الأسواق وانهيار الخدمات الصحية والمنظومة الصحية، مما يضع الفقراء أمام مواجهة مع صعوبات الحياة”.

ننتظر تدخلا من أعلى مستوى

وأكد المتحدث، “على أن ما وقع في المغرب من حراكات اجتماعية، يعني بأن هناك نخبة وطنية، وخير دليل على ذلك حملة المقاطعة التي تؤكد على أن المواطن المغربي ذكي يبعث مجموعة من النداءات والرسائل إلى من يهمهم الأمر مفادها أن الأمور إذا استمرت على هذا الحال فقد يحدث ما لا تُحمد عقباه على غرار ما تشهده بعض البلدان الأخرى”، وعبر النشناش عن أمله في أن يتم الإفراج عن كل المعتقلين سواء قبل أو بعد محاكاتهم، لأنهم لم يقتلوا، إنما دافعوا عن حقوقهم ومطالبهم الإجتماعية”، مردفا، “قد تُسجل بعض التجاوزات وهذا أمر موجود في كل أنحاء العالم”.

النشناش قال أيضا: “لننظر الآن إلى ما حصل في اسبانيا، فبعد شبهات فساد سقطت حكومة بأكملها وتم تشكيل حكومة جديدة من 17 وزيرا 11 منهم نساء، ولنقارن ذلك بالمغرب باعتباره دولة متخلفة وفيها حكومة متشكلة من 40 وزيرا”، مضيفا، “كان من المفروض على المواطن أن يثور إذا شاهد هدر المال العام بهذا الشكل، والتي عوض أن تُصرف في التنمية أو التربية أو الصحة، يتم ضخها في الريع لعدد من الأشخاصظت وهو ما ظهر جليا حين شارك وزير في تظاهرة لشركة رأسمالية، وبالتالي لا يمكن القول سوى اللهم إن هذا منكر، وكفى كفى كفى..” وختم بالقول، “ننتظر تدخلا من أعلى مستوى لإيقاف هذه الوضعية التي نعيشها”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x