2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أبطالٌ من ذهب: بدر هاري .. الأُسطورة الحيّة لرياضة الكيك بوكسينغ

خلال شهر رمضان الجاري، سيكون لقراء ومتتبعي الموقع الإعلامي “آشكاين”، موعد يومي مع سلسة “أبطال من ذهب”، والتي ستكشف أسرارا عن أبطال مغاربة في رياضات فردية مختلفة؛ خاصة منها القتالية، حيث ستركز السلسلة على أبطال رفعوا راية المغرب عاليا و آخرين سجلوا أسماءهم في تاريخ الإنجازات الرياضية بمداد من ذهب.
الحلقة الأولى: بدر هاري أسطورة رياضة الكيك بوكسينغ
النشأة والإنجازات
لا يتناطح عنزان حول شهرة بدر هاري في المغرب، فقد لا تجد في أي منزل مغربي من لا يعرف بدر هاري أو معلومات حول حياته وانجازاته، كيف لا؟ وهو الذي خلق لنفسه مسارا متميزا في رياضة الكيك بوكسينغ، حيث انتقل من شاب مغربي بسيط في أحد الأحياء المهمشة في العاصمة الهولندية أمستردام إلى أسطورة و نجم لرياضة الكيك بوكسينغ على الصعيد العالمي.
فقد ولد بدر هاري في الثامن من دجنبر من سنة 1984 بأمستردام، إلا أن أصوله تعود إلى حي الملاح في القنيطرة حيث كان يقيم والداه، بينما عاش طفولته في حي بير الرامي ولا يزال يمتلك منزلاً هناك حتى الآن. وقد عرف بدر هاري في صغره بعدم حبه للمدرسة، حيث أنه بعدما سجله والده داخل نادي للفنون القتالية، أصبح يجده داخل النادي أكثر من ذهابه إلى المدرسة.
الفترة الذهبية للبطل بدر هاري في رياضات الكيك بوكسينغ، كانت مع مدربه مايك باسينيي داخل نادي “مايكس جيم”، إلا أن مدربه الأصلي هو توم هارنج؛ الذي اكتشف موهبة هاري كما اكتشف عددا من الأبطال من قبيل بيتر آيرتس وميلفين مانهوف. لكن اليوم هاري انتقل إلى التدرب في نادي المدرب المغربي سعيد البدوي.
في حياته المهنية، حقق بدر هاري الكثير من الإنجازات من قبيل لقب بطل بطولة WPKL Dutch Muay Thai لعام 2002، لقب بطل بطولة K-1 للوزن الثقيل لعامي 2007 و2008، لقب بطل بطولة K-1 World Grand Prix لعامي 2008 و2009، لقب بطل بطولة الشو تايم Showtime للوزن الثقيل لعامي 2009 و2010 ولقب بطل بطولة GFC Fight Series 1 للوزن الثقيل لعام 2014. وكيف أن نجمل انجازات بدر هاري في 121 نزالا احترافيا، وفاز بـ106 نزالات منها 92 نزالا بالضربة القاضية، وهذا الرصيد ما يجعل من بدر هاري أحد أساطير رياضة الكيك بوكسينغ عبر العالم.
السجن والعلاقات الغرامية
بطبيعة الحال، إنسان كبدر هاري الذي ينعت بـ”الفتى الذهبي” تارة و”الفتى الشقي” تارة أخرى لن تكون حياته رتيبة، وإنما ستشهد صعوبات ومشاكل سببت في دخوله السجن، حيث قضت المحكمة العليا بأمستردام الهولندية سنة 2007 بالحكم على هاري لمدة سنتين، منها عشرة أشهر موقوفة التنفيذ. وذلك على خلفية التعرض والهجوم العنيف بالضرب على رجل الأعمال الهولندي كوين إيفرينك، الذي تحرش بزوجته، وقد قضى منها ثمانية أشهر.
وفي 2015، وجد رجل الأعمال المذكور مقتولاً بمنزله في هولندا، إذ وجهت أصبع الاتهام لشخص يدعى جي مارك، المتابع إلى حدود اللحظة في القضية، بينما لم يتم توجيه أي اتهام أو شك إلى الملاكم المغربي بدر هاري، بخصوص الحادثة آنذاك.
مغامرات بدر هاري لا تنتهي، حيث اتهم سنة 2019 بتعاطيه للمنشطات، حيث أوقفت “الهيئة الهولندية لمكافحة المنشطات” هاري حين كشفت نتائج التحليلات وجودَ آثار من بعض المواد المحظورة والمنشطات في بوله بعد آخر نزال كبير تميز بانتصاره على المصري هزدي جرجس، وهو الأمر الذي ينفيه البطل المغربي.
وفي علاقة هاري بالنساء، فقد ارتبط خلال حياته بعدد من النساء، حيث كانت أولى ارتباطاته عام 2006م والتي استمرت لخمسة أعوام مع سيدة هولندية تُدعى شانتال أورنينك، ثمّ ارتبط بعارضة الأزياء الهولندية دافني روماني، حيث تزوجا و أنجبا ابنة تُدعى آمبر هاري عام 2012م، ثمّ انفصل هاري عن زوجته روماني ليرتبط بسيدة ذات مكانة اجتماعية مرموقة في هولندا تُدعى إستل كرويف استمرّت العلاقة لمدّة عامين، ثمّ بعدها ارتبط بسيدة أمريكية آمبر روز، ويُشار إلى علاقة هاري بابنته آمبر التي يُعبّر عنها دائماً بأنّها تحتلّ جزءً مهماً من حياته.
الأسطورة الحية
وبالرغم من تعثر البطل المغربي خلال آخر أربع نزالات له، حيث انهزم مرتين ضد الهولندي ريكو فيرهوفن، ومرة ضد البولندي أركديوس جوسيك، وتعادله في المباراة الاخيرة مع البولندي ذاته، فإن بدر هاري يحضى باحترام كبير في عالم الفنون القتالية، وليس فقط في رياضة الكيك بوكسينغ، وذلك بسبب رصيده الكبير من النزالات والإنتصارات بالضربات القاضية.
و لأن مسار بدر هاري أصبح ملهما لعدد من الشباب حول العالم، فقد نشرت حوله أربع سير ذاتية؛ منها كتابان مختلفان، بينما صدرت رواية خامسة سنة 2013 من تأليف الكاتب الهولندي المغربي عبد القادر بنعلي، وحملت عنوان “الفتى الشقي”.
وقد تجاوزت حياة بدر هاري الكتب لتدخل مجال السينما، حيث وقد كشف المؤلف عبد القادر بنعلي للصحافة الهولندية أنه باشر محادثات مع أحد أشهر المخرجين السينمائيين الهولنديين، من أجل تحويل سيرة “بدر هاري” إلى فيلم سينمائي، وذلك لأنه حقق إنجازات كبيرة ليست فقط على صعيد انتصاراته في حلبات الملاكمة، بل أيضاً تمكنه من التغلب على مصاعب الحياة.
ولن نجد أحسن ما نختم به هذه الحلقة الأولى من سلسلة “أبطال من ذهب”، من مقولة لعالم اجتماع هولندي يدعى هانس فان دوساند، الذي قال إن “مجموعة من الشباب المغربي ترى في شخصية بدر هاري المتمردة بطلاً خاصاً، وانه يتصدر الأخبار ويسرق قلوب حسناوات أمستردام، ويكتب عنه الروائيون، ويصنع اليابانيون دُمى تشبهه لتباع بالآلاف، وذلك لأنه “فتى تمكن من النجاة من مجتمع فاشل حين فشل الآلاف من بني جلدته الذين يقاسمونه الأصول ذاتها والوضع الاجتماعي، ولكن لا يقاسمونه نفس النجومية ولا نفس المصير”.