2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

لعبت النساء دورا محوريا في حياة الرسول محمد (ص)، بدءا من زوجاته فبناته ثم حفيداته، وتجاوزن هذا الدور إلى المساهمة في انتشار الدعوى الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام، فكانت أول من آمنت بالنبي امرأة، وهي خذيجة بنت خويلد، الزوجة الأولى للرسول.
قصص عديدة، ستحاول “آشكاين” سردها في هذه السلسلة الرمضانية التي اختير لها عنوان “نساء في حياة الرسول”، والتي من خلالها سيتم تسليط الضوء أيضا على الحياة العاطفية للنبي وكيفية تعامله مع زوجاته وتعاملهن معه، بالإضافة إلى علاقتهن ببعضهن البعض مع سبر أغوار حياتهن الاجتماعية والسياسية من خلال الاعتماد على عدد من المراجع كالأحاديث والقرآن وكتب الثراث أو باحثين في الموضوع.
الحلقة الأولى: حب محمد الوحيد
إنها خذيجة بنت خويلد بن أسد القرشية، أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول محمد وأم كل أولاده ما عدا ولده إبراهيم من ماريا القبطية، ولدت في مكة قبل ولادة الرسول محمد بخمسة عشر عامًا، أي على وجه التقريب ولدت في عام 556م، ونشأت وترعرعت في بيت حسَبٍ ووجاهة وإيمان وطهارة سلوك، حتى سميت بالطاهرة وعرفت بهذا اللقب قبل الإسلام، وقد كان أبوها من أشراف قريش ومن كبار تجَّار العرب.
كما أنَّها أوَّل من أسلمت ولم يسبقها إلى الإسلام أي رجلٍ أو امرأةٍ. وهي من أحسن النِّساء في العالمين كما قال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ”.
وبخصوص تعارفهما وزواجهما، تشير غالبية المصادر والمراجع، إلى أن خذيجة التي كانت من سيدات أعمال قريش هي من تقدمت للنبي وعرضت عليه الزواج بعدما اشتَغَلَ معها في التجارةِ مع غُلامِها ميسرة، وأبان عن بَركتِه وأمانتِه وعدله وأخلاقه من خلال تجارته بأموالها، فعرضت عليه أن يتزوَّجها، وقد طلبها من والدها وتمَّ زواجه بها.
تقول الباحثة في الثراث الإسلامي التونسية، هالة الوردي، إن الرسول لم يحب امرأة قط كما أحب خذيجة بل إن حبه لها كان الأول والوحيد والأخير، رغم فارق السن بينهما، فكانت له الزوجة والأم وكانت تؤمن به حتى قبل نزول الوحي عليه، وهو ما جعله يكتفي بها زوجة له طيلة حياتها ولم يتزوج إلا بعد وفاتها.
ذات الباحثة، أوردت أن “أم المؤمنين خذيجة ساندت الرسول بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لدرجة أنه حين نزل عليه الوحي، ارتبك ولم يعرف ما الذي سيفعله لدرجة أنه كاد يجن جنونه، إلى أن عقلته وشجعته على المضي قدما وتصديق ما أنزل عليه من وحي وعلى أنه رسول العالمين، فكانت تعتني به وتوفر له ما يلزمه من الأكل والشرب عند الاختلاء بنفسه وتعبده في غار حراء بعيدًا عن الناس”.
الوردي تشير في حوار لها ببرنامج “الفلك الممنوع” الذي بث على “فرانس 24″، إلى أن وفاة خذيجة قبل الهجرة بثلاث سنين، و التي أنجبت للنبي الأبناء والبنات ولم تعش سوى الفتيات وهن: زينب وفاطمة وأم كلثوم ورقية، شكلت محطة حزينة في حياة النبي محمد ليقرر الزواج بأخريات وكأنه في رحلة بحث عن روح خذيجة في كل واحدة منهن.
فهل سيعثر الرسول على خذيجة في باقي زيجاته؟ هذا ما سنعرفه في الحلقات المقبلة.
يتبع …
انتضر بشوق عائشة و حادثة الإفك.