لماذا وإلى أين ؟

“نساء في حياة الرسول”.. ثاني زوجات محمد ذات الـ66 سنة (ح 2)

لعبت النساء دورا محوريا في حياة الرسول محمد (ص)، بدءا من زوجاته فبناته ثم حفيداته، وتجاوزن هذا الدور إلى المساهمة في انتشار الدعوى الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام، فكانت أول من آمنت بالنبي امرأة، وهي خذيجة بنت خويلد، الزوجة الأولى للرسول.

قصص عديدة، ستحاول “آشكاين” سردها في هذه السلسلة الرمضانية التي اختير لها عنوان “نساء في حياة الرسول”، والتي من خلالها سيتم تسليط الضوء أيضا على الحياة العاطفية للنبي وكيفية تعامله مع زوجاته وتعاملهن معه، بالإضافة إلى علاقتهن ببعضهن البعض مع سبر أغوار حياتهن الاجتماعية والسياسية من خلال الاعتماد على عدد من المراجع كالأحاديث والقرآن وكتب الثراث أو باحثين في الموضوع.

الحلقة 2: سودة بنت زمعة التي جعلت من يومها من النبي لعائشة 

بعد وفاة خذيجة أصبح الرسول مزواجا ولا يكتفي بزوجة واحدة فقط، إذ تغير من رجل كان في عهد أم بناته قنوعا مقتنعا، إلى رجل تزوج أكثر من 20 سيدة واستنكح عددا من ما ملكت يمينه من الجاريات، إلا أن بعض هذه الزيجات لم تستمر طويلا وانتهت بالطلاق.

لتجتمع غالبية المصادر على أن الرسول تزوج 11 سيدة من أخيار قبيلته أو قريباته من النساء الناضجات اللواتي سبق لهن الزواج فأصبحن سواء أرملات أو مطلقات، إلا عائشة بنت أبي بكر التي تعد الزوجة الوحيدة البكر للنبي، مبرزة أن تعامل النبي مع زوجاته كان ملؤه الرحمة والرقة والتعاطف، بل إنه لم يكن يوما مع نسائه أو بناته عنيفا قط.

وبحسب الباحثة والأستاذة الجامعية التونسية، هالة الوردي، فإن الرسول في حياة خذيجة كان رافضا فكرة تعدد الزوجات، إلى أن وافتها المنية بعد 3 سنوات، ليتزوج من جديد بثاني زوجاته، وهي أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك، وأمّها الشموس بنت قيس بن زيد من بني النجّار، كانت مُتزوِّجة من السكران بن عمرو، وقد تُوفِّي عنها بعد إسلامه.

خطبتها له خولة بنت حكيم، وهي صحابية جليلة زوجة الصحابي عثمان بن مظعون، التي أسلمت مع المجموعة المبكرة، فوافق الرسول على ذلك؛ بعدما عاش وحيداً، حيث تقول الوردي إن رحلة زيجاته كانت رحلة بحث عن خذيجة، وهو ما يفسر اختياره للنساء الناضجات من الثيبات ومنهن من كانت لديهن أبناء وبنات.

تزوجها النبي قبل الهجرة، وكانت في سن خديجة بنت خويلد، وتحديدا في سن السادسة والستين، حيث تورد عدد من المصادر أن سبب هذه الزيجة يكمن أيضا في حمايتها من قريش بعد إسلامها، لأنها عادت أدراجها إلى مكة من الحبشة مباشرة بعد وفاة زوجها، وكاد أهلها “المشركون” أن يفتنوها في دينها وترتد إليهم؛ فكانت ثاني زوجات رسول الله؛ حماية لدينها من الفتنة.

وقد كانت سودة كريمة المعشر، تُضفي السعادة والبهجة علىٰ قلب الرسول؛ فقد أورد ابن سعد في طبقاته: أنَّها صلّت خلف النبي ذات مرّة في تهجّده، فثقلت عليها الصلاة؛ لطول صلاته، فلما أصبحت قالت له: «صَلَّيْتُ خَلْفَكَ الْبَارِحَةَ، فَرَكَعْتَ بِي حَتَّىٰ أَمْسَكْتُ بِأَنْفِي مَخَافَةَ أَنْ يَقْطُرَ الدَّمُ» فَضَحِكَ محمد، وَكَانَتْ تُضْحِكُهُ الْأَحْيَانَ بِالشَّيْءِ.

عرف عليها أنها سخيَّة معطاءة تحب الصدقة حتىٰ أن عمر بن الخطاب بعث إليها بدراهم في غرارة (وعاء يوضع فيه الأطعمة)، فقالت: ما هذه؟ قالوا: دراهم، قالت: في غرارة مثل التمر؟ ففرقتها على المساكين.

وقد ورد الكثير من الفضائل في ما يتعلّق بأمّ المؤمنين سودة، ضمنها أنّها جعلت يومها من الرسول لعائشة بنت أبي بكر عندما كبرت؛ حرصاً منها على البقاء في عِصمته وحبّاً به، وابتغاءً لمرضاته، حيث روى مسلم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أَكُونَ في مِسْلَاخِهَا مِن سَوْدَةَ بنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ، قالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَومَهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ جَعَلْتُ يَومِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَومَيْنِ، يَومَهَا وَيَومَ سَوْدَةَ).

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x